الطبيب أحمد محمد مسعود مسيرة إنسانية لا تُنسى

في أعماق مديرية الوضيع بمحافظة أبين ولد الدكتور أحمد محمد مسعود عام 1953م حيث برز شغفه بالتعلم وخدمة الناس حيث تلقى دراسته الابتدائية في مدرسة الشهيد باروت بمديرية الوضيع وكانت بداياته في المجال الصحي بعد إنهائه مرحلة التعليم الإعدادي قرر العم أحمد مسعود أن يكرّس حياته للعمل الإنساني فبدأ تطوعه عام 1970م في الوحدة الصحية في الوضيع تنقّل بين المحافظات لخدمة المحتاجين حيث عمل عاما كاملا في الغيضة بمحافظة المهرة عام 1971م ثم انتقل إلى مكيراس في 1972م ومنها إلى المحفد في 1973م مقدمًا جهده وخبرته كمتطوع ورغم قسوة الحياة لم يفقد حلمه في أن يصبح طبيبا محترفا واستمر في العمل والدراسة حتى سنحت له الفرصة للالتحاق بمعهد باذيب الصحي في عدن عام 1983م كان هذا الحلم بمثابة بارقة أمل في مسيرته المهنية الذهبية بعد تخرجه بشهادة دبلوم مساعد طبي تسلم مسؤولية الرعاية الصحية في الوضيع وأثبت كفاءته بإدارة العيادات الخارجية بمستشفى الوضيع في عام 1986م تم تعيينه مدير مستشفى الوضيع حيث شهدت فترة إدارته نهضة غير مسبوقة كان العم أحمد صارما في عمله لا يتهاون مع أي تقصير مما جعله شخصية ملهمة يُقدرها الجميع . 
وبعد اربع سنوات قضاها كمدير لمستشفى الوضيع تم نقله إلى المحفد عام 1990م  وبعد عام تم نقله الى الشركة الوطنية للأدوية في الوضيع حتى تقاعده عام 2009م لم يكن التقاعد نهاية مسيرته بل استراحة محارب استمر بعدها بخدمة أهالي الوضيع من خلال إنشاء صيدليته الخاصة به حيث كان يعالج اغلب المرضى بالمجان خاصة المحتاجين والفقراء
كان يفهم نفسيت المريض ويعطيك علاج قليل ومفيد
بنية الشفى سبحان الله كيف كان الصدق عنوان تلك المرحلة
بعكس اطباء اليوم يعملو العشرات من الفحوصات بمبلغ وقدره وبعده كيس ادويه يستثمرون المريض استثمار كان العم أحمد حاضرا في كل المواقف لم تكن أبواب بيته تغلق يوما أمام المرضى الذين كانوا بحاجة إلى علاج في أوقات الشدة كان يلبّي النداء حتى في منتصف الليل دون أن ينتظر شكرا أو مكافأة 
اعتقد ان هذه المواقف  مرت على كل بيت في الوضيع
اتذكر ان في إحدى الليالي في ساعة متأخرة من الليل ذهب والدي رحمه الله إلى جارنا العم أحمد مسعود قال له ابني مريض 
لم يتردد العم أحمد لحظة بل جاء الى بيتنا وبعد أن رأى وضعي الصحي رجع إلى بيته وأحضر معه الادوية ودريب محلول مغذي وجلس معي طوال الليل يعالجني أذكر أنني استعدت وعيي مع أذان الفجر وأول مافتحت عيني رايت والدي والعم احمد مسعود بعد ليلة طويلة من السهر علي وهذ الموقف ليس بغريب على العم احمد مسعود فهو من اسره اصيله وعريقة ومناضلة رحمه الله ومازالت هذه المواقف ملتصقه في ذاكرتي
 رغم قساوة الحياة كان العم أحمد محمد مسعود أبا حنونا ورجلا عظيما فقد زوجته وهو في سن مبكر لكنه رفظ الزواج مرة أخرى احتراما لأطفاله وحرصا على تربيتهم أفضل تربية رغم صعوبة الظروف التي مر بها كان يصر على أن يوفر لهم حياة كريمة وتعليما جيدا لم يكتفِ بذلك بل كان يهتم بأدق التفاصيل في حياتهم من لباسهم الأنيق الذي ياتي به من عدن ليس من لودر  إلى الاهتمام بمستقبلهم الدراسي كان  معروف بحبه الشديد لأبنائه وبعد أن كبروا واعتمدوا على أنفسهم أصروا عليه أن يتزوج مجددافوافق أخيرا 
كما كان العم  احمد مسعود بارا بوالديه يتفانى في رعايتهم ويضرب أروع الأمثلة في الوفاء للأسرة
كان  محبوبا بين جيرانه وقرى الوضيع معروفا بابتسامته وطيبته وبأخلاقه العالية التي لم يشكُ منه أحد. 
عاش العم أحمد مسعود حياة مليئة بالصعوبات لكنه واجهها كالجبل الشامخ عمل ودرس في نفس الوقت وتحمل مسؤوليات كبيرة منذو صغره وفاة زوجته كانت نقطة تحول أثرت على طموحاته لكنها لم تثنيه عن عزيمته استمر في مواجهة الحياة وظل وفيا لمبادئه ومهنيته حتى آخر لحظات حياته رحل العم أحمد محمد مسعود عن عالمنا في عام 2015م بمافظة عدن بعد حياة حافلة بالعطاء والإنجازات ترك وراءه إرثا من الإنسانية وحب الخير وما زال أهالي الوضيع يذكرونه بالخير ويترحمون عليه رحم الله العم أحمد محمد مسعود وأسكنه فسيح جناته وجعل أعماله الطيبة شفيعا له يوم القيامة لقد كان بحق جبلا شامخا من الصبر والعطاء ورمزا للإنسانية التي لا تُنسى
*رمزي الفضلي

مقالات الكاتب

في حضن الخوف والحب

في خضم عائلة واحدة وفي قلب مجتمع واحد تتجلى أحياناً قصص تناقض غريبة قصة العم عبدوه علي الذماري واحدة...