أذرع إيران والبديل المجهول وبلاهة الفرحة العربية!
عندما يتمكن العجز من المرء ويصبح غير قادر على الفعل ويبلغ الشعور بالضعف والوهن عنده مداه يجد نفسه مر...
عندما يتمكن العجز من المرء ويصبح غير قادر على الفعل ويبلغ الشعور بالضعف والوهن عنده مداه يجد نفسه مرغما وبدون شعور على قارعة الطريق خائبا واقفا على هامش انتصارات وأفراح الآخرين يتجرع نخب تلك الانتصارات ويعزي نفسه بموت انتصاراته وافراحه وهذا في رأيي حال الانظمة العربية اليوم!
والأنظمة العربية ونخبها المتأرجحة بين إرضاء تلك الأنظمة وبين التفريط في ثوابت الوطن وهي تجسد اليوم حالة انحطاط لم يشهد لها التاريخ مثيل تعاني من نوبة عجز وضعف ووهن شديدة اخرجتها عن مضمار المنافسة على التواجد المحترم على الرقعة الجيوسياسية الدولية ووضعتها في صفوف المتفرجين المنقسمين على انتصارات الغير تعيش بقايا ذكرى افراح وانتصارات صنعها السلف ذات يوم !
تتراقص بعض الأنظمة العربية على هدير سقوط أجساد الضحايا وانين المكلومين من أبناء الأمة مكبلة بقيود مذلة اتفاقات كذبة السلام تتمايل على إيقاع تمتمات لامعنى لها ولا أفق مثل قطع أذرع إيران وسقوط المشروع الإيراني وغيرها من الأفراح المصطنعة البلهاء التي هجر أصحابها التفكير في إيجاد مشروع عربي يوحد الأمة ويخرجها من انحطاطها لتسهم بفاعلية وتأثير في رسم خارطة العالم القادمة وتفرغوا للاحتفاء بانتصارات خصوم الأمة ضد بعضهم!
تآمرت الأنظمة العربية على المقاومة وقامت بدور حاكم (عكا) في المعركة (الصليبصهيونية) ضد الأمة بحجة أن إيران تدعم تلك المقاومة بالرغم أن هناك بدائل عدة كانت أمام تلك الأنظمة لو أنها مخلصة لقضايا الشعوب التي تحكمها وابسط تلك الخيارات أن تحل تلك الأنظمة محل إيران في دعم تلك المقاومة أو أن تقوم على الأقل بدور موازي لها في هذا الدعم وتسحب بساط الانفراد بالمقاومة من تحتها ولتكون رأس في المعركة ولكن تلك الأنظمة العاجزة اختارت أن تكون ذيل فمضت في التبعية لطرف (خصم) ضد طرف آخر (خصم) للأمة وقضاياها!
اليوم عُبّاد الصليب والصهاينة يضربون بنت جبيل وغيرها من مدن وقرى لبنان في خرق واضح لاكذوبة إتفاق وقف إطلاق النار ولانسمع رد للجيش اللبناني الوديع الذي انتشر في مواقع المقاومة ولن نسمع منه رد وذلك تأسيا باخوته من الجيوش العربية الأخرى التي اشغلتها الأنظمة بمهام غير مهامها والتي تدخرها لقمع الشعوب ، واليوم يشرق وجه (النتن ياهو) بعد أن ظل مسودا تحت ضربات أبطال المقاومة الإسلامية حماس وحزب الله وغيرها من فصائل المقاومة في اليمن وسوريا والعراق وفلسطين طوال أكثر من عام لم يحقق فيها هدف من اهدافه التي أعلنها ويتقدم لاحتلال المزيد من الأراضي السورية ويضرب الأراضي السورية بأكثر من ثلاثمائة عملية يصفها بالتاريخية ويدمر كل مخزون السلاح للجيش السوري وأنظمة الخزي والعار العربية تندد!
يرقص المطبعون واتباعهم ويختلقون أفراح بلهاء لاطعم لها ولا مبرر ويتبادلون التهاني بقطع أذرع إيران ولكنهم يهربون ويدسون رؤوسهم في وحل سقوطهم عندما تسألهم عن البديل لاذرع إيران لأنهم يدركون جيدا انهم مجرد اتباع وذيول في معركة رسم ملامح خارطة العالم القادمة ويعرفون جيدا أن البديل سواهم وأن ريع حفلات التدمير الممنهج للاقطار العربية سينقسم على المشاريع الأربعة الحاضرة الصليبي ، الصهيوني ، الفارسي ، العثماني!
لا نرى في إيران دولة عدوة ولكننا نرى في الفئة المسيطرة على الحكم فيها فئة عدوة ومع ذلك هناك من الأعراب من يحلل العلاقة مع الصهاينة وهم يذبحون أطفال العرب ويحرم العلاقة مع الفئة الإيرانية الحاكمة وهم يدافعون عن أولئك الأطفال وإن كان من باب التقية، ففي إيران مايقارب العشرة ملايين مسلم سني لماذا لم تدعمهم الدول المتوجسة من الفئة الحاكمة في إيران وتوصلهم باموالها التي تدمر بها اليمن وسوريا والسودان وليبيا ولبنان وتحاصر بها مصر وتحاربها اقتصاديا إلى سدة الحكم وتصبح إيران صديقة؟
نحن مع التخلص من الأنظمة العربية الدكتاتورية ونرى أنها خطوة ضرورية لخروج الأمة من الظلام إلى النور ومع حق الشعوب في الحياة الكريمة والديمقراطية ولكننا نرى أن المأساة تتكرر من دولة إلى أخرى ولا أحد يستفيد من تجربة الآخر فكل البدايات تدميرية لما سبقها وهذا أول الخطأ فاحكام قانون نفي النفي الفلسفي تحتم على القادم الاحتفاظ بالايجابي لمن سبقوه أما تدمير السلبي والايجابي فهو نتاج تفكير غير سوي!
لو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر ظاهرة الاضرحة والتماثيل وحتى القبور لشخصيات أي نظام سقط وانتهى عهده سنجدها منتشره في كل بقاع الأرض وفي العديد من دول العالم التي شهدت ثورات وانقلابات وصراعات ولم يقترب أحد من تلك العلامات لأنه ينظر إليها بأنها تمثل حقبة تاريخية إلا في ثوراتنا العربية التي تخرج الأموات من قبورهم وتمحي آثارهم وكل قادم يمحي أثر السابق ويريد بناء الحضارة وتدوين التاريخ من يوم صعوده إلى سدة الحكم ولك أن تسقط هذا المثل على الجيش وعلى الأمن وعلى بقية مؤسسات الدولة!
المؤكد أن اسقاط نظام والخلاص من دكتاتور معين هنا أو هناك لايكفي ليكون مشروع دولة وهو يمثل خطوة من خطوات ميلاد مشروع يجب أن ترافقه خطوات سريعة وجاهزة للتطبيق فالدكتاتور ونظامه يمثلان عقبه يجب تجاوزها لتثبيت المشروع الجديد ولايحل تجاوزهما محل المشروع ، والسؤال هو أين مشروع الدولة في كل الثورات العربية التي أسقطت الأنظمة الديكتاتورية وماهو النموذج الناجح إلى الآن؟
كان بإمكان الأنظمة العربية استغلال فترة الصراع الإيراني الصهيوني لبناء القدرات العربية ووضع مسودة لمشروع عربي موحد ينهض بالأمة ويخرجها من مدفنها إلى سطح الأرض لتستعيد امجادها ومكانتها بين الأمم وتفرض إرادتها في الخارطة الدولية ولكن للأسف غابت الهمة وكانت العقول ومازالت تعاني الاضمحلال امام عظمة الدعوة إلى مشروع عربي ويظهر أنه قد كُتب على الأمة الانتظار حتى يأتي من يرتقي بعقله وهمته إلى عظمة وأهمية هذا المشروع!
(نهني شعبنا السوري بفكاكه من النظام الدكتاتوري وندعو الله أن لايصيب سوريا ما أصاب اشقاءها الذين سبقوها من العرب)
عبدالكريم سالم السعدي
11 ديسمبر 2024م