حيدرة محمد يكتب: تبابعة وأتباع الجزء الأول
حكم إمامي واستعمار بريطاني ,شمال وجنوب , رجعيه وتقدم ورجعيون وتقدميون ,ثوار قبليون وثوار وطنيون , جب...
مخطئ من يظن ان حادثة قتل المصلين المسلمين في نيوزيلندا حادثة عابرة بصرف النظر عن الدوافع والأسباب التي دفعت ذلك القاتل المهووس على اقتراف تلك الجريمة الوحشية البشعة بحق أشخاص مسالمون وعزل من السلاح وفي دور للعبادة أمام مرا ومسمع أوروبا والعالم اجمع.
والواقع الأوروبي يشهد حالة صعود متعاظم "لليمين المتطرف" المناهض للإسلام والمسلمين في اكثر من دولة أوروبية تشهد ذلك الصعود والذي مايلبث ان يسيطر على مقاليد السلطة ودوائر صناعة القرار السياسي في معظم دول أوروبا.
ولكن ماهو أهم من صعود اليمين المتطرف يتمثل في ضعف النخب السياسية الاوروبية الحاكمة امام عودة اليمين المتطرف المتمسك بعداءة القديم والمتجدد للمسلمين في أوروبا.والذي يصر على إيقاف ديناميكية الاسلام ومستقبلة الآخذ في التمدد والانتشار.
والحديث الذي تزداد وتيرة تصاعده وبصوت عال عن "الإسلام فوبيا" يؤكد قرب موعد هزيمة "اليسار السياسي" في أوروبا على يد ساسة أوروبا المحتملين بفعل صحوة اليمين المتطرف.
وهذا لايعني على كل الاحوال ان يكون اليمين المتطرف هو من يقف وراء اعتداء نيوزيلندا الإرهابي ضد المسلمين.ومن السابق لآونة ان نصل الى استنتاج يفضي بنا الى الجزم المطلق بتورطه في ذلك.
غير ان الواقع السياسي في أوروبا فرض على نخبة السياسية إيجاد بدائل سياسية تجنبها الوصول الى مرحلة الصدام مع اليمين المتطرف لدرجة أنها باتت تتبنى خطابة الشعبوي العدائي تجاه الأديان والأقليات لكسب ثقة الناخب الأوروبي من أجل البقاء في السلطة.
واعتقد انة حان الوقت الذي يجب ان نتخلى فية كمسلمين عن ممارسة الدبلوماسية الفضفاضة والتي لاتحد من اضطرار تصاعد وتنامي هكذا مخاطر تتهدد المسلمين في مقابل مانتعرض لة ونحن نرى ونشهد هكذا إجرام يحمل في طيآتة الكثير من مؤشرات الحقد والانتقام والعداء الذي ليس لة مبرر وليس لة حدود.
وفي نفس الوقت علينا ان نعترف بإن الصورة المسيئة للأسلام لم تكن لتكون لولا إخفاقاتنا في الشرق والتي صدرناها بشكل او بآخر لأخواننا المسلمون في الغرب.ومع انني أدرك ان التواجد الإسلامي في اوروبا لهو أنموذج إسلامي راقي وسامي على حضارة الإسلام والمسلمين في شتى اسقاع المعمورة.ولطالما اعتقدت انة اذا كانت ستقوم للمسلمين من قائمة نهضوية معاصرة فلن تقوم لهم إلا عبر مراكز الحضارة الغربية ومركزها الرئيس أوروبا.
وفي تقديري ان أوروبا والأوروبيين على أعتاب الولوج الى عهد من الخوف.او بالأحرى الى عهد من المخاوف والتحديات.وأبرزها احتمالات التفكك البارزة والانصهار والذوبان المهدد لشعوب أوروبا ديموجرافيا بفعل ارتدادات تبعات العولمة الأقتصادية والتكنولوجية.وأبرز مؤشراتها الراهنة أزمة خروج بريطانيا من منظومة الأتحاد الأوروبي اومايعرف بأزمة"البريكست"والتي قد تتسع دائرتها من خلال حذو دول أوروبية أخرى للمطالبة بالخروج من الاتحاد الأوروبي على خطئ بريطانيا.
وإضافة لكل ذلك يبدو ان أوروبا مقبلة على نهاية مرحلة التحالفات الاقتصادية والعسكرية الأمنية مع حليفتها التاريخية أمريكا.ومايتهدد مستقبل العلاقة معها والخلافات مازالت على أشدها حول البرنامج النووي الإيراني والعقوبات المفروضة على إيران.والتنصل الأمريكي مؤخرا من اتفاقية نشر الدرع الصاروخية شمالي أوروبا.وكل تلك التحديات والصعوبات التي تواجهها أوروبا تؤسس لعهد الخوف الأوروبي من المستقبل.
ويبدو ان اليمين المتطرف أستغل واقع انشغال وانهماك النخب اليسارية الحاكمة الغائصة حتى أذنيها بتلك التحديات ووجهها في إطار أتجاهاتة الأيدلوجية صوب قضايا ثانوية يسعى من خلالها للوصول للسلطة والنفوذ وصناعة الموقف والقرار السياسي الأوروبي القادم.
وليس الحديث عن الإسلام فوبيا وحدة مايشغل أوروبا اليوم فاالحديث عن الهجرة غير الشرعية هو الآخر يثير اهتمام المواطن الأوروبي ويعزز من شعوره بالقلق من المستقبل الذي ينتظره.وبل ان اليميني المتطرف يروج لما هو ابعد من ذلك فيما يخص قوانين المواطنة ومنح الجنسية الأوروبية للأجانب والوافدين. وتقطع قيادات حزبية يمينية متطرفة الوعود للمواطنين الأوروبيين بأنها ستعيد النظر في كل تلك القضايا بمجرد وصولها لسدة الحكم.
وهذا يعني ان قيم ومفاهيم ومبادئ العدالة الاجتماعية في أوروبا على المحك والخطر يحدق بها من كل جانب.وسواء كان حادث نيوزيلندا الإجرامي موجها بشكل مباشر من اليمين المتطرف او ليس بالضرورة ان يكون كذلك إلا ان الخطاب اليميني المتطرف السائد منذ عقود في أوروبا والذي كان تحت الرماد بات نارا تؤجج من مشاعر الكراهية والعنصرية تجاه الآخرين نتيجة هاجس الخوف الأوروبي الكاسح.
والإسلام والمسلمون هم المستهدفون بطبيعة الحال نظرا لحجم وجودهم القوي في المجتمعات الأوروبية.وهم يشكلون رقما يصعب تجاوزه في أوروبا والتي لأجرم أنها تشهد تغيرات وتحولات غاية في الخطورة وتنحدر الى منحدرات سيترتب عليها ماهو اخطر مالم يسارع عقلاء أوروبا وقياداتها الديمقراطية المتحضرة للتصدي لتوجهات اليمين المتطرفة وإيقاف حركة صعوده!