ليلة القبض على راتبي
عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص، وص...
عندما تولى هادي السلطة أراد أن يعمل توازنات سياسية على الخارطة اليمنية، فجاء بنائب له من الجنوب، ورئيس حكومة من الجنوب، ووزير للدفاع من الجنوب، والكثير من الوزراء، والقادة من الجنوب، وأعاد المسرحين الجنوبيين إلى أعمالهم، رتب أوضاع الكثير من الشباب، سلم كل المحافظات الجنوبية لأهلها، وبعد تمرد الحوثي سحب العاصمة إلى عدن، فأصبحت البلاد كلها تُدار من عدن، فالبنك في عدن، والكلية الحربية في عدن، وكلية الشرطة في عدن، وكل الوزارات في عدن، وأصبح الجنوبيون هم الذين يقودون البلاد، مضت الأيام، وأضاع الجنوبيون كل شيء في قفلة من عدم تفكيرهم السوي، أضاع الجنوبيون كل شيء، أقولها بكل، حزن، وأسى، لقد أضاع الجنوبيون الدولة من بين أيديهم.
وبعد ما فرطنا في كل شيء، جاء الشماليون فأخذوا كل شيء، جاء الشماليون ليحكموا، فغدا نائب الرئيس منهم، ورئيس الحكومة منهم، ووزير الدفاع من عندهم، وعُقد مجلس النواب، وغدا رئيسه منهم، اليوم هم في المناصب العلياء، وكل المناصب لا تحمل أهمية مجلس النواب، فبه يستطيعون تغيير من يريدون تغييره، وتشريع ما يريدون تشريعه، فهم الغالبية في المجلس، ورئيس المجلس من عندهم، ونائبه منهم، فباجتماع واحد يستطيعون تغيير كل شيء.
نحن الجنوبيون أتتنا الدولة تجر أثوابها، فركلناها في ساعة طيش، وفي موقف مماحكة سياسية رعناء، أضعنا كل شيء، الدولة، والحكومة، والنواب، الدعم، فحالنا كحال التي نقضت غزلها من بعد قوة حبكه، أضعنا كل شيء، وأمسى كل واحد منا معه جماعة في ديوان، ويخزنون، وكل مجموعة تكيد للأخرى، بأسنا نحن الجنوبيين بيننا شديد، فمهما أُهديت لنا الفرص فلن نستثمرها، فالساسة الجنوبيون مجانين، فنحن من نهيم بخرقة، ونضيَّع وطناً بأكمله من أجل تقبيلها، وتمجيدها، نفرط في مصالحنا من أجل شعار، أو لأن من يحمل مصلحتنا هو فلان من الساسة الذي لا يرى برؤيتنا، لهذا تهنا في منعطفات خلافاتنا، وبنشر علينا الحامل السياسي لأننا نفخناه فوق طاقته، فلم يوصلنا لما نصبوا إليه.
اليوم القوى الشمالية تتوحد رغم عظيم جراحاتهم، فما بينهم دم قد أُريق، ولكن مصالحهم لو التقت نسوا تلك الخلافات، ومضوا سوياً، لهذا فالمستقبل لهم، أما نحن الجنوبيين فسنعود لنفس المربع الذي أخرجنا منه هادي، وسنبكي على كل خطوة خاطر هادي ليأتي لنا بها، ولكننا أضعناها عناداً، واستكباراً، وإرضاء لأطراف خارجية، أو لحسابات غير مدروسة، فهل سيتنبه الجنوبيون لما يحيط بهم؟ لا أظن ذلك، وأسأل الله أن يخيب ظني، وأسأل الله السلامة والعافية للشطرين، وسلامتكم.