ليلة القبض على راتبي
عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص، وص...
عندنا تُمس القيم، يبرز المصلحون، وعندما تعم الرذيلة ينبري الوعاظ، وعندما تتداعى أركان الدولة ينهض من يحملون الغيرة كلها، يبرزون للحفاظ على القيم، ومحاربة الرذيلة، وتقويم دعائم الدولة، ومن بين هؤلاء الأعلام الأفذاذ يبرز اسم القائد الرئيس هادي واضحاً من بين هذه الأسماء، فهو الذي انبرى لقيادة يمنٍ ممزق الأوصال، متداعي الأركان، مخرب البنى، كل ما فيه يهوي مسرعاً لهاوية قعرها بعيد، فوقف موقف الأبطال، ودعا الكل للوقوف على سلبياتٍ صنعها صناع الموت، والخراب، والدمار.
وقف هادي في صنعاء، حين هرب الكثير من تحمل المسؤولية، وحين وقف هادي ليتسلم العلم، لم يكن يدر بخلده أنه سينجو، ولكنه علم، بل تيقن من اغتياله، وقال هذه بلسانه للدكتور بن مبارك، قالها بلسان صادق، وبقلبٍ يعتصر ألماً، لما يراه من عواصف تعصف بأرض الجنتين، قال بلسانه: إنه يخشى على مستقبل بلده، لهذا وقف صلباً في صنعاء تحيط به اللئام من كل مكان، ولكنه وقف، وجمع الشرفاء، ليتحاوروا على صيغة جديدة للوحدة، وعلى شكل جديد لليمن.
ودع هادي الراحة لتصل اليمن لبر الأمان، فكان له ما أراد، فلقد توافق اليمنيون على شكل الدولة، وصيغة جديدة للوحدة، وتحولت اليمن من وحدة اندماجية فاشلة إلى اتحاد جديد يحمل بين طياته النجاح، ومن مركزية مجحفة إلى فيدرالية من أقاليم عادلة.
عندما تموت الوطنية عند بعض الناس، ويفرطون في الوطن لمكابرة سياسية، والانتقام من طرف سياسي على حساب الوطن، هنا تنتهي الرجولة، وتنتهي الوطنية، ويتكاثر اللاوطنيون، وتنجرف المعاني السامية، فيبرز الوطنيون ليقاوموا رغم عمق الجراح، ودناءة المؤامرة، فعندما حاول اللاوطنيون التفريط في سيادة الوطن انتقاماً لخروجهم من السلطة، أو فشلهم في السعي لها، تقدم الوطنيون لقيادة المرحلة، وكان هادي على رأسهم ليقود الوطن وسط معمعة ظنها المترهلون بالنعمة، ستعصف بهادي ومن معه من شرفاء الوطن، فكشرت كل القوى الفاشلة أنيابها للنيل من هادي باعتباره واسطة العقد، ولكنه لم يلتفت لزمجرتها، ومؤامراتها، فتقدم، وداس على رؤوسها فسحقها، ومضى بالوطن بعيداً عن نزقهم، وعن مؤمراتهم.
اليوم يحاول المتمردون محاولات بائسة للعودة للمحافظات المحررة، لهذا تراهم ينتحرون في جبهات القتال، وتراهم يدفعون بالمغرر بهم، ليجنوا من خلالهم نصراً وهمياً، فهذه هي نهايتهم، وهذا هو مصيرهم، وليس لنا إلا أن نقول: سلمت يا أبا جلال من كل شر، وحفظ الله اليمن واليمنيين.