ليلة القبض على راتبي
عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص، وص...
الائتلاف الوطني مازال صغيراً يحبو برعاية الكثير من الشخصيات البارزة التي ستضمن له الحياة ما دامت راضية عنه، والانتقالي قد بدأ يافعاً، ولو أنه لم يرضع رضاعة طبيعية، أي أن تغذيته لم تكن من أمه التي تربى في حجرها، ولم يرضع من ثديها، هذان المكونان سيكونان عنواناً عريضاً لصراع قادم في الجنوب، قد يتعدى هذا الصراع المناكفات السياسية، ويصل لمواجهة عسكرية قد تحرق الأخضر واليابس.
عندما نشأ الانتقالي كانت الساحة هي مولده، وكان الشعب الذي خرج هو بمثابة الدافع لهذا المكون لينهض، ويصبح له مكاناً في المجتمع، ولكن الدعم المادي لهذا المكون لم يكن من داخل الوطن، ولكنه كان دعماً خارجياً، والكل يعلم مصدره.
وعلى نهج الانتقالي نشأ الائتلاف الوطني، ولكنه لم يكسب الشعبية التي اكتسبها المجلس الانتقالي، وباستطاعته اكتسابها لو تدخل أصحاب رؤوس الأموال فيه، وكذلك لو تحصل على دعم خارجي كنظيره الانتقالي، ويبدو أنه يخطو خطواته الأولى للوصول إلى ذلك.
الانتقالي خليط من الرفاق، والسلفيين، والمؤتمريين، وفيه من هنا وهناك من المستقلين، ولكنه يجابه بعدم رضا من الشرعية، والوطني فيه من السلفيين، أي الإصلاحيين الكثير، وفيه من المؤتمريين كذلك، وفيه من هنا وهناك، والغالب عليه حبه للسير في فلك الشرعية حتى حين.
الانتقالي يرتكز على دعم خارجي كبير، ولو انقطع عنه هذا الدعم، سينفض مجلسه، لأنه لا يملك بين صفوفه من رجال المال والأعمال كنظيره الوطني، وكذا الوطني له علاقات وطيده بشخصيات في الشرعية، وهذا ما سيمكنه من الصمود حتى حين.
الانتقالي قضيته استعادة الدولة، ولكن الرؤية عنده ضبابية، وغير واضحة، فعندما يتسلم المناصب يتغير الخطاب، وعندما يفقدها، يطالب بدولة المظلومين، والائتلاف الوطني حشر نفسه في القضية الجنوبية، وهو وحدوي حتى النخاع، فهو ينادي بالقضية، ولكنه متمسك بالوحدة بصورتها المحسنة، فالمكونان يخبطان خبط عشواء.
الانتقالي يضع أقدامه على الأرض، ولديه من القوة العسكرية ما سيمكنه من السيطرة، وبسط نفوذه، ولكن قراره مربوط بتدخلات خارجية، وهذا ما يحجم من دوره، ويقيد طموحه، والائتلاف مازال رهين المحبسين القاعات، والكشوفات التي يقيد أعضاؤه أسماءهم فيها، ولم يظهر للشارع بعد، ولكن ما يشد عضده مباركة الشرعية لتوجهاته، وهذا مصدر قوته، ولكن قوته هذه ربما تخور في يوم من الأيام، وسيجد نفسه مجرد أسماء مسجلة في كشوفات لمسمى كان موجوداً، فهوى.
الانتقالي مناطقي بامتياز، والائتلاف الوطني مناطقي بامتياز مع مرتبة الشرف، وهذا بدوره سيجرنا لمربع 86، إن لم يتدخل العقلاء لتقريب وجهات النظر، والجلوس على طاولة واحدة ليتحاور الجنوبيون فيما بينهم، للخروج بصيغة مشتركة للقضية الجنوبية، فالفأس لم تقع في الرأس بعد، فحافظوا على ما بدأه الحراك في بداية خروجه، ألا وهو التصالح والتسامح، فإن لم نتمسك بهذا الخيط الرفيع، أي التصالح والتسامح، فسوف يعزف المتربصون على وتر 86 الذي مازال رنينه يرن في أذن كل جنوبي، فاتعظوا أيها الجنوبيون، فهل في أوساطكم رجال راشدون؟