الكشف عن خلافات عاصفة داخل جماعة الحوثيين في صنعاء

كريتر سكاي/خاص:

شهدت الأوساط الحوثية تصاعدًا في حدة الخلافات الداخلية، في وقت حساس من تاريخ الجماعة، إثر المخاوف المتزايدة من مصير مشابه لما لاقاه حزب الله اللبناني أو نظام بشار الأسد في سوريا. ويعود السبب في ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها التقليص الملحوظ في النفوذ الإيراني، وزيادة الضغوط الغربية الرامية إلى إخراج طهران من المنطقة.

وتزامنًا مع التصعيد العسكري الذي شهدته الساحة اليمنية والبحر الأحمر، والهجمات الحوثية على إسرائيل، بالإضافة إلى الردود العسكرية الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية، بدأ الحوثيون يشعرون بتهديد حقيقي لنفوذهم في المنطقة. هذه التطورات عززت من المخاوف من نشوء توجه دولي يتماشى مع الرغبات الإقليمية والمحلية لإنهاء انقلابهم في اليمن.


وفي العاصمة صنعاء، أفادت مصادر محلية مطلعة بوجود انقسامات داخلية حادة في صفوف الجماعة الحوثية، نتيجة تزايد الضغوط على قياداتها للقيام بتغييرات جذرية في هيكلها القيادي. كانت تلك التغييرات تشتمل على الاستجابة لمبادرات السلام، والتقارب مع مختلف الأطراف الداخلية والخارجية، تجنبًا لمصير مشابه لحزب الله أو نظام الأسد. هذه التحولات في المواقف تعكس التباين الواضح بين الأجنحة داخل الجماعة بشأن كيفية التعامل مع التحديات الداخلية والخارجية.

وتفاقمت الأزمة في أوساط الحوثيين بعد أن بدأ قادتها في التوقف عن استخدام وسائل الاتصال التقليدية والتكنولوجية، وذلك بسبب مخاوف من استهدافهم أو التجسس عليهم، على غرار ما حدث لآلاف من عناصر حزب الله اللبناني في سبتمبر الماضي. كما لجأ العديد من قادة الجماعة إلى التنقل بين منازل مستأجرة واتباع أساليب تخفي متعددة في ظل الأوضاع الأمنية المتوترة.

نتيجة لهذه الإجراءات الاحترازية، شهدت القيادة الحوثية انقطاعًا في التواصل بين مختلف أجنحتها، مما أثر على قدرة الجماعة على تنسيق المواقف واتخاذ القرارات الحاسمة. هذا التباعد بين القيادات انعكس سلبًا على استجابة الجماعة للأحداث الجارية.

وحول موقف الأجنحة المتنافسة، يبرز جناح يطالب بتقديم تنازلات للأطراف المحلية والإقليمية والدولية، على اعتبار أن تصعيد المواجهة مع الغرب وإسرائيل لن يؤدي إلا إلى زيادة الخسائر، كما حدث مع حزب الله في لبنان ونظام الأسد في سوريا. ويؤكد هذا الجناح أن التصعيد العسكري في المنطقة أدى إلى تراجع الدعم الإيراني، وسبب ضغوطًا اقتصادية متزايدة، خاصة في قطاع الطاقة، مما يهدد استقرار الجماعة في المستقبل.


في المقابل، يتمسك الجناح العقائدي داخل الجماعة برفض التنازلات، معتبراً أن المواجهة مع الغرب وإسرائيل تشكل ركيزة أساسية لبقاء الجماعة وقوتها على الصعيد المحلي والإقليمي. هذا الجناح يعتقد أن الخسائر في العتاد والمعدات يمكن تعويضها من خلال الدعم المحلي والإيراني، في حين يراها فرصة لزيادة شعبيتها من خلال استثمار الضغوط الخارجية ضدها في سياق معركتها مع الحكومة الشرعية.

وفي الوقت الذي تستمر فيه هذه الانقسامات، تُظهر المعلومات المسربة أن بعض القيادات الحوثية طالبت بإقالة مهدي المشاط من منصبه كرئيس للمجلس السياسي الأعلى، واستبداله بالقيادي قاسم الحمران المقرب من زعيم الجماعة. هذه الخطوة تعكس التنافس الداخلي على النفوذ والسلطة، في وقت حساس من الصراع.

من جانب آخر، كانت الجماعة الحوثية قد شكلت في أغسطس الماضي حكومة جديدة أطلقت عليها اسم "حكومة التغيير والبناء"، إلا أن هذه الحكومة بقيت غير معترف بها دوليًا، وتم تصعيد قيادات عقائدية فيها لتسيير الأعمال بشكل صوري، في حين تبقى غالبية المهام الشكلية بيد رئيسها وأعضائها.

يبدو أن الحوثيين أمام مرحلة مفصلية، حيث يتعين عليهم اتخاذ قرارات حاسمة بشأن مسارهم السياسي والعسكري في ظل الضغوط الداخلية والخارجية، وهو ما سيحدد مصيرهم في المستقبل القريب.