عندما تصبح مهانا في وطنك وأنت من حماته يكون الألم كبير والجرح أعمق من أن يشفى...هذا ما نعنيه تماما عندما نصف حال العسكريين داخل بلدنا اللذين ذاقوا الويلات من أجل الحصول على رواتبهم التي لم تعد تأتي كل شهر أو في الوقت المحدد لها بل أصبحت كالإبرة في كومة القش التي تظل تبحث عنها دون أن تجد لها أثر.
فنرى اليوم تضارب في مواقع التواصل الاجتماعي لتداول أخبار تخص رواتب العسكريين بين سرقتها وبين تأخرها وبين موعد وصولها الى مكاتب البريد أو المصارف , ونرى العديد من المواقف المؤثرة في الشارع عند وصول رواتبهم وتزاحمهم من أجل الدخول لاستلامها وقد يعود الكثيرون بخفي حنين دون أن يستلموا شيء بسبب الزحمة أو انتهاء المبلغ المخصص لرواتبهم , ويضطرون الانتظار أيام أخرى أو أشهر دون أن يجدوا جهة أو مسؤول حكومي يقوم بإنصافهم ومحاولة انهاء كل هذا الظلم الذي يتعرضون له.
سنعرض أبرز الأشياء الذي يتعرض لها العسكريون المدنيون والمجندون حديثا من الشباب ومعاناتهم مع رواتبهم وما هي مطالبهم ورسائلهم للجهات المعنية في التقرير التالي...
نتائج الحرب وانقسام الجيش الوطني:
بعد الحرب الأخيرة على عدن حدث هناك انشقاق كبير في صفوف الجيش الوطني الذي كان تحت طوع الرئيس المخلوع صالح فمن كان تابع للحرس الرئاسي أصبح يقاتل الى صفوف المليشيات الانقلابية الحوثية ولم يتبقى سوى ابناء عدن العزل اللذين قاتلوا بكل بسالة وتحدي من أجل عرضهم ودينهم.
دخول التحالف أحدث مفترقا في الحرب وتغييرا ملموسا في مجرى الأحداث وساهل بشكل كبير في التمهيد لتحرير عدن عندما اختلط جيش التحالف بأبناء عدن في لوحة لخصت معنى التسامي والتضحية من أجل الوطن وبالفعل تم التحرير وتحقيق النصر العظيم لعدن وكل المحافظات الجنوبية.
بعد انتهاء الحرب أصبح جيش التحالف العربي كيان مستقل في عدن وله مقره الخاص به ومعسكر فيه جنود تابعين له , وتم فتح باب التسجيل للالتحاق به لأبناء عدن من أجل الحصول على وظيفة ورقم عسكري وبالفعل تفاعل عدد كبير من شباب عدن والجنوب وتوافدوا من أجل التسجيل وتقديم ملفاتهم نظرا للظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة لهم وحاجتهم الى الوظيفة والراتب بسبب ارتفاع نسبة البطالة التي عانوا منها عدة سنوات خاصة للخريجين الجامعيين.
دفع الشباب للجبهات فتح المجال لخوض حرب جديدة:
من الاشياء التي تلت عسكرة شباب عدن والمحافظات الجنوبية اعطائهم أوامر للالتحاق بجبهات القتال في المناطق الغير محررة خاصة في الشمال منها المخا وباب المندب وذباب ليعودوا جثث هامدة أو متفحمة , أو يتم دفنهم بعيدا عن اهاليهم ووسط استياء كبير من الناس تجاه من يدفع بهؤلاء الشباب للقتال في المناطق الشمالية دون أن يتم أخد شباب منها.
ناهيك عن الذهاب بهم للقتال على الحدود اليمنية السعودية ضد الحوثيين وحماية وتأمين الحدود كواجب وطني لهم.
هذا الاجراء دفع العديد من الأشخاص يتخذون موقف الاعتراض والتذمر على ما يقوم به التحالف العربي مع الشباب داخل عدن وتسبب بموجة غضب شديدة في صفوف المواطنين , وآثار العديد من التساؤلات اولها
*لماذا شباب الجنوب ضحية الحرب على المحافظات الشمالية؟؟
*ولماذا يتم الدفع بهم للجبهات بشكل مستمر؟؟
مستغلين ظروف الشباب الصعبة وحاجتهم للوظيفة والراتب.
المجندين الجدد معاناة والبحث عن الحياة في أعماق الموت:
منذ أن تم فتح باب التسجيل والترقيم للشباب في المحافظات المحررة حتى تهافت العديد منهم وذلك بحثا عن الوظيفة التي ظلوا فترة طويلة يبحثون عنها , وبعضهم من التحق بالمعسكرات للتدريب أو العمل فيها , وهناك من ذهب لجبهات القتال المشتعلة ومن بقى يتخبط لقبول ملفه أو أن يتم تسجيله كمجند.
تتفاوت رواتب المجندين والملتحقين بجيش الشرعية والتحالف حديثا إلى 500 أو 1000 ريال سعودي وأقلها 60 ألف ريال يمني , وأخرون لا يجدون منها شيء وتستمر معاناتهم في الصبر والانتظار.
يضطر الشباب للالتحاق بالجيش والتجنيد بسبب ارتفاع نسبة البطالة في البلاد وقلة فرص الحصول على عمل في القطاع الخاص , ورغبة الشباب في توفير مستوى معيشي جيد لهم ولأسرهم , أيضا الزواج وتكوين أسرة أو القيام بمشاريع صغيرة لضمان لقمة العيش في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
لذلك هم يذهبون إلى الجبهات المشتعلة ويغامرون من اجل البقاء على قيد الحياة أو يضحون بحياتهم فقط لتظل رواتبهم مستمرة ولا يخسرون وظيفتهم العسكرية حتى وإن حدث لهم مكروه أو قتلوا تستفيد أسرهم من رواتبهم لذا أصبحوا يبحثون عن الحياة في أعماق الموت دون أي تردد.
الوقفات الاحتجاجية خطوة تصعيدية للمطالبة بحقوق العسكريين:
بعد أن طفح الكيل من المطالبة برواتبهم والتخبط من معسكر إلى معسكر ومن مسؤول إلى آخر , قرر العسكريون أن يقوموا بخطوة تصعيدية كنوع من الضغط على الحكومة والمطالبة بحقهم بشكل سلمي ومباشر لذلك نظموا وقفات احتجاجية في مختلف المحافظات المحررة وتحديدا العاصمة عدن تطالب بسرعة صرف رواتبهم المعلقة منذ أشهر.
ورفعهم لافتات تحوي عبارات قوية تعبر عن معاناتهم والغلاء المحيط بهم والظلم الكبير الذي يتعرضون له من اهمال السلطات الحكومية وعدم الوقوف معهم للحصول على حقوقهم.
مع الأسف الشديد هذه الوقفات لم تلقى أي استجابة سوى وعود بالنظر في موضوعهم ومحاولة حله بأسرع وقت , وتبقى آمال العسكريين بعودة كل شيء الى طبيعته قائما وإلا سيتم التصعيد بخطوات أخرى إذا استمر الوضع هكذا على حسب قولهم.
وبين معسكرات وجيش الشرعية ومعسكرات وجيش التحالف يتخبط العسكريون والمجندون حديثا في الانقسامات الحاصلة بالبلد نفسه وبالبحث عن كيان عسكري يجمعهم معا , علهم يحصلون على حقوقهم الضائعة ويجدون برا يرسون عليه بعد أن قضوا سنوات من الضياع.