مشروع قانون في الأردن يريح المدينين ويغضب الدائنين

كريتر سكاي

أثار مشروع قانون يستهدف إضفاء مرونة أكبر على الإجراءات المتعلقة بالمَدين جدلا في الأردن بين مؤيد لهذا القانون في ظل وجود الآلاف من المواطنين ملاحقين بالسجن بسبب عجزهم عن تسديد ديونهم، وبين متحفظ بداعي أن هذا المشروع يهدد السلم الاجتماعي.

وتقدم وزير العدل الأردني أحمد الزيادات الأربعاء بمشروع القانون إلى رئيس الوزراء بشر الخصاونة بعد أن أنهت لجنة متخصصة دراسته طيلة الأشهر الماضية.

وكان رئيس الوزراء الأردني أمر نهاية العام الماضي بتشكيل لجنة لمراجعة نصوص قانون التنفيذ رقم 25 لسنة 2007، حيث تتم معالجة القضايا الإشكالية فيه بما يحفظ حق الدائن ويراعي ظروف المدين.

ويعد العجز عن تسديد الديون أحد أبرز القضايا الاجتماعية والاقتصادية في المملكة، حيث وصل عدد المتعثرين إلى أكثر من مليون شخص بمبالغ تتجاوز ملياري دينار أردني (حوالي ثلاثة مليارات دولار).

وزاد الوضع الاقتصادي المعقد الذي تعيش على وقعه المملكة منذ سنوات وتفاقم جراء تفشي كورونا من حجم الصعوبات بالنسبة إلى المدينين.

وقررت الحكومة في 29 مارس الماضي إرجاء تنفيذ قرارات حبس المدين حتى نهاية العام الحالي شريطة ألا يتجاوز مجموع المبالغ المترتبة عليه مئة ألف دينار (141 ألف دولار)، وذلك “مراعاة للظروف المالية والاقتصادية الناجمة عن الوباء”.

ويشكل مشروع القانون الجديد الذي سيجري طرحه قريبا على مجلس النواب فسحة أمل بالنسبة إلى المدينين خاصة أولائك المهددين بالسجن.

وأعطى المشروع الجديد المدين مرونة أكبر من حيث مدة السماح وراحته في تسديد ما عليه من ديون متخلدة بذمته، والمدة القانونية ومدة العقوبة السجنية حيث تضمن عدم حبس المدين بمبلغ أقل من 3 آلاف دينار.

وتضمن المشروع عدم جواز بيع المنقولات وغيرها في المزاد العلني إلا بنسبة 50 في المئة من المبالغ المقدرة لضمان حقوق المدين، وحتى لا يصبح هنالك تهاون في ذلك.

وانتقد عدد من المحامين هذا المشروع. واعتبر المحامي والباحث في القانون العام معاذ أبودلو في تصريحات صحافية بأن المادة التي تتحدث عن عدم حبس المدين بمبلغ أقل من 3 آلاف دينار تهدد الأمن والسلم المجتمعي.

وأشار إلى أن كثيرا من المطالبات المالية بين الدائنين والمدينين في الأردن تكون بمبالغ أقل من المبلغ المطروح في النص الجديد، مشددا على ضرورة أن تخفض المادة المبلغ إلى ما بين 1000 و1500 دينار.

ويرى نشطاء أن هذا المشروع من شأنه أن يخفف الضغوط على الآلاف من المواطنين، منتقدين الإبقاء على عقوبة السجن التي تم الغاؤها في عدد من الدول.

ووفقا للإحصاءات الحكومية زاد عدد الأفراد الملاحقين بالسجن بسبب عدم تسديد ديونهم عشرة أضعاف في أربع سنين من 4352 في 2015 إلى 43624 في 2019، وأن 2630 شخصا سجنوا في 2019 بسبب عدم سداد ديون أو شيكات. ويشكّل هؤلاء حوالي 16 في المئة من نزلاء السجون في الأردن، وهو رقم كبير جدا دفع بعض المنظمات الحقوقية الدولية إلى التحرك.

وقالت الباحثة في منظمة هيومن راتس ووتش سارة الكيالي في وقت سابق “بموجب القانون الأردني، إذا حصلت على قرض ولم تسدده ستُسجَن. كثيرا ما يقترض الأفراد لدفع الإيجار وثمن البقالة والفواتير الطبية. لكن بدلا من أن تساعد السلطات المحتاجين تسجنهم”.

وكتبت “في غياب شبكة ضمان اجتماعي مناسبة يجد عشرات الآلاف من الأردنيين أنفسهم مجبرين على الاقتراض لتغطية تكاليف الخدمات والبقالة والرسوم المدرسية والفواتير الطبية”. وأشارت الكيالي الى أن معظم الدول ألغت عقوبة السجن بسبب الديون، داعية الحكومة والبرلمان في الأردن إلى البحث عن “بدائل” للسجن.