قاضي:هل يعاقب القانون اليمني على عقوق الوالدين كجريمة؟؟!!

كريتر سكاي/خاص:

تمهيد
مما لا شك فيه، أن قضية تنامي العنف الاسري، وتطور طبيعة واشكال الجرائم داخل نطاق الاسرة، باتت من القضايا التي تؤرّق الاسرة اليمنيه؛ مما يستدعي ضرورة تكثيف الجهود، نحو استحداث وتطوير قانوني.. وفي هذا الاطار، رافق الواقع اليمني ظواهر اجتماعية في السنوات الأخيرة، تتطلب الوقوف امامها، وايجاد معالجات قانونية لها، إلا أن ظاهرة عقوق الوالدين وتعنيفهم من قبل الأبناء، تُعدّ الأخطر على المجتمع؛ لأنها لا تخالف الشرع والدين فحسب، وإنما هي مؤشر وبداية للتفكك الأسري، وتمزيق النسيج الاجتماعي.

- ومن هذا المنطلق، سنتحدث في هذة الدراسة القانونية المختصرة، عن جريمة عقوق الوالدين في اربعة محاور: نتناول في الأول مفهوم الجريمة وموقف الفقة الاسلامي منها، ونتطرق في الثاني لموقف التشريعات العربية، ونستعرض في الثالث موقف المشرع اليمني، ونخصص الرابع لوضع بعض المقترحات والتوصيات المتواضعه، ونختم الدراسه بخلاصة موجزة، تتضمن بعض النصائح الواجبه لابنائنا في تعاملهم مع أبويهم.

#أولا: مفهوم الجريمة وموقف الفقه الاسلامي
١- مفهوم الجريمة:
يعرف العقوق لغةً: "بأنه المعصية، ويُقال: عصيانُ الولد لوالديه، وجَحْد فَضْلهما، وإنكار حقّهما، وترْك الشّفقة عليهما". ويعرف اصطلاحاً: "بقطْع الرّحم مع الوالدين، وعدم وصّلهما".

٢- موقف الفقه الإسلامي:
مما لاشك فيه، أن بر الوالدين وارضاهما من أهمّ القُربات والعبادات التي تجلب رضاهما، وقرن الله تعالى عبادته وتوحيده، ببرّ الوالدين ورضاهما وطاعتهما بأكثر من موضع في القرآن الكريم، ومنها: قوله تعالى: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا). {الاسراء : 23}. وقوله عزّ وجل: (قُل تَعالَوا أَتلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُم عَلَيكُم أَلّا تُشرِكوا بِهِ شَيئًا وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا). {الانعام : 151}

- وغني عن البيان، أن الشريعة الاسلامية، رغّبت في برّ الوالدين وشجّعت عليه، وبغّض المسلم في غضب الوالدين، تطبيقًا لقوله تعالى: (إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا). {الاسراء : 24}. كما بيّن رسولنا الكريم، بأنّ عقوق الوالدين من أكبر الكبائر بعد الشّرك بالله تعالى، حيث قال (ص) عندما سُئل عن الكبائر في الإسلام، واجاب: (الشِّركُ بالله، وقتلُ النَّفسِ، وعقوقُ الوالِدينِ).

٣- صور الجريمة:
وحريًا بنا التطرق، لأهم مظاهر وصور عقوق الوالدين في حياتنا اليومية، وهي على سبيل المثال لا الحصر:
- عدم برّ قسمهما والتّساهل في ذلك، مع القدرة على البرّ بقسمهما وإسعادهما في ذلك. 
- خيانتهما وعدم حَمْل الأمانة التي كُلّف الولد بها. 
- الغياب الطويل عن الوالدين، دون حاجة أو ضرورة. 
- سبّ الوالدين وشتمهما أمامهما أو في غيابهما. 
- البخل على الوالدين في النّفقة والعطاء.  
- استثقال أمر الوالدين، والتضجّر من تنفيذ سؤالهما ومطالبهما. 
- إظهار عدم احترام وتقدير الوالدين. 
- العبوس في وجههما عند إطاعة امرهما.
وفي الاجمال، العقوق له صور ومظاهره عديدة، فقد يكون بالفعل، أو بالترك، أو بالإهانة، أو بالسب، أو بالاهمال، أو عدم الرعايه، أو القطيعه ونحو ذلك..

#ثانيا: موقف التشريعات العربية
انقسم المشرّع العربي في موقفه من هذة الجريمة، الى تشريعات نصت صراحة على تجريم فعل عقوق الوالدين، وتحديد عقوبة لها، وتشريعات ما زالت في مرحلة اعداد مشروعات؛ لاضافة هذة الجريمة ضمن القوانين العقابية، ولم تقر حتى اللحظه، وتشريعات اخرى لا تعاقب على هذة الجريمة، وفي نفس الوقت، لا يوجد لديها  مشروع تعديلات لتجريمها وعقابها حتى اللحظه، ومنها اليمن! ونوجز ما تقدم وفقًا للاتي:

١- المشرّع السعودي: نص على تجريم عقوق الوالدين، في القرار الوزاري السعودي، رقم 1900 وبتاريخ 9 /7 /1428، ليحدد عقوبة جريمة عقوق الوالدين بعقوبة شديدة، تصل إلى السجن ١٥ سنه والجلد احيانا،
٢- المشرّع  العماني: نص في قانون الجزاء الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (7/74) في الباب الرابع منه، حيث نص البند (5) من هذا الباب في المادة (217)، على عقوبة السجن إلى سنة، لكل من طرح أو ترك والده عاجز عن حماية نفسه، بسبب حالة جسدية أو نفسية، أو ألجأه إلى التسول والاستجداء، وإذا طرحه في مكان مقفر، كان العقاب من سنة إلى ثلاث سنوات، وتضاعف العقوبة، إذا كان الشخص الذي طرح أو ترك الوالد أو العاجز، ممن يلزمهم القانون برعايته، وإذا أصيب المعتدى عليه بأذى جسيم، يعاقب الفاعل بالسجن خمس سنوات على الأقل، وإذا حصلت وفاة المعتدى عليه، فيكون العقاب من عشر سنوات إلى خمس عشرة سنة.
٣- المشرّع الجزائري: نص في المادة (267) من قانون العقوبات، على عقوبات الاعتداء على الوالدين والأصول، فكل من ارتكب فعلًا إجراميًّا سبب لأصوله، عجزًا مرضيًّا أو عجزًا في الصحة العامة، أو قضاء الحاجات الشخصية، أو تسبب في موته عن عمد، يعاقب بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات، في حال لم ينشأ عن الفعل الإجرامي ضرر، وبالسجن المؤقت من 10 إلى 20 سنة، إذا تسبب الاعتداء في فقدان عضو أو حاسة أو حدوث عاهة مستديمة.
٤- المشرّع العراقي: نص في المادة 29 من الدستور، الى وجوب رعاية الأبناء للآباء والاهتمام بهم عند الكبر، ويشدد قانون العقوبات العراقي في الاعتداء، حيث ترتفع العقوبة عند الاعتداء على الآباء في المواد 410 والمادة 416، إذا كان الضرر نفسياً أو أدبياً على من توجب عليه الرعاية والاهتمام.
٥- المشرّع المصري: نص في مشروع القانون المعروض على البرلمان، على معاقبة كل من سب أحد والديه أو هان أحدهما أو هجرهما أو أحدث بأحد والديه جرحا أو ضربا، بالسجن من 3 سنوات إلى خمس سنوات، ويضاعف الحد الأقصى للعقوبات، إذا عاود ارتكاب الجريمة مرة أخرى. وتضمن مشروع القانون معاقبة الأبناء، في حالة التنمر على الوالدين، أو محاولة فرض سيطرة، أو استغلال ضعفهما وشيخوختهما؛ لفرض أمر واقع، أو طردهما من مسكنهما أو الإساءة إليهما باللفظ أو القول أو الفعل، أو وضعهما موضع سخرية، بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد عن 50 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين. كما نص مشروع التعديل، على معاقبة الأبناء بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامه لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تزيد عن 100 ألف جنيه، أو بإحدى العقوبتين، إذا وقعت الجريمة من شخصين أو أكثر.

#ثالثا: موقف المشرّع اليمني 
لم ينص المشرع اليمني، على تجريم فعل عقوق الوالدين صراحة، وهو بذلك يساير معظم القوانين العقابيه الاخرى، ماعدا القلّه من القوانين التي جرّمت هذا الفعل، كما ذكرنا سابقا في موقف التشريعات العربية من هذة الجريمة.

- ومن نافلة القول، أن هناك نص عام في الدستور اليمني (م٤٧)، تنص صراحة على الاتي: (لا جريمه ولاعقوبه الا بنص شرعي اوقانوني). وباعتبار الدستور ابو القوانين، وماجاء فيه عباره عن مبادئ وقواعد عامه لكل القوانين، فيثار التساؤل الاتي: هل يمكن الاعتماد على هذا النص في العقاب على جريمة عقوق الوالدين، ويبقى اجتهاد القاضي، في تحديد العقوبه المناسبة طبقا للشرع ؟؟

وللاجابة على هذا السؤال، قد ينقسم الرأي الى اتجاهين:
- الأول/ يرجح ضرورة تطبيق العقاب، طالما وان النص الدستوري، رخّص لتجريم هذه الجريمه، وما على القاضي سواء الاجتهاد في تحديد العقوبه، مثلها مثل جرائم التعازير الاخرى.
- أما الثاني/ فقد يرى عدم كفاية هذا النص الدستوري، على اعتبار أن القانون الخاص (العقوبات)، نص في الماده (٣) صراحة بالاتي: (لاجريمه ولا عقوبه الا بنص قانوني). وهنا يكمن الفرق، حيث أن الدستور صرح بنص (شرعي أو قانوني)، أما قانون العقوبات صرح بنص (قانوني فقط).. وعلى هذا الأساس، لايجوز المعاقبه على هذه الجريمه، طالما لم ينص قانون العقوبات على تجريمها.

- وفي تقديري المتواضع، أميل الى ترجيح المذهب الثاني؛ وتنطوي وجهة نظرنا؛ باعتبار مرتبة القانون مرتبه خاصه في مقابل الدستور، والذي يعدّ مرتبته عامه، وتطبيقا للقاعدة الأصولية القائله: (إن الخاص يقيد العام)، فلايجوز قانونا المعاقبه على هذه الجريمه، طالما لايوجد نص بتجريمها في القانون الخاص (قانون العقوبات)؛ ناهيك عن ذلك، إذا تركنا أمر العقاب متروك لتقدير القاضي، فإن هذا الأمر سيترك للاجتهادات بحسب الامزجة والاهواء، مما يعد خرق ومخالفة صريحة لمبدأ التجريم والعقاب، والقاضي بأن "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص".

- ومما تجدر بالاشارة بالقول، أن قانون العقوبات اليمني، يجرّم بعض الافعال والصور التي تندرج ضمن هذة الجريمة، لكن ليس باعتبارها جريمة عقوق والدين، وانما باعتبارها من الجرائم التقليدية التي تقع على أي شخص كان: "كالسب، أو الاعتداء الجسماني الخفيف أو الجسيم، أو السرقه، أو الابتزاز ونحو ذلك…". وفضلاً عن ذلك، فإن المشرع لم ينص على اعتبار وقوع فعل العقوق على الوالدين، كظرف مشدد للعقاب في الجرائم المذكورة، بل باعتبارهما اشخاص عاديين!

#رابعا: التوصيات والمقترحات 
تماشيا مع ما تم ذكرة سابقًا، ونظرا لانتشار ظاهرة عقوق الوالدين في الآونة الأخيرة بالمجتمع اليمني، ولما كان بعض الابناء، يقدمون على هذا السلوك المشين، متجاهلين بذلك التعاليم الدينية والأخلاقية والسلوكية، وبما أن القانون يقف عاجزا أمام ردع هذا السلوك الشاذ في مجتمعنا الاسلامي، وحرصًا على الحفاظ على تقاليد وقيم وعادات الروابط الاسرية اليمنية الاسلامية، نهيب بالمشرع اليمني، على العمل باستحداث مادة جديدة، تضاف لقانون العقوبات، تجرّم وتعاقب على هذا الفعل، وفقا للاتي:

١- تضاف مادة جديدة لقانون العقوبات، نصها كالآتي: مع عدم الإخلال بأي عقوبة اشد، تقضي بها القوانين النافذة، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات، أو بالغرامة، كل من قام بعقوق والديه، سواء بالسب، أو القذف، أو النهر، أو الإهانة، أو الترك، أو عدم الرعاية، أو الاهمال، أو التبرؤ منهما، وتشدد العقوبة بالحبس الذي لا يزيد عن سبع سنوات، في حال تسببت هذة الافعال باضرار صحيه على الوالدين.

٢- إذا ارتكبت أي جريمة من الجرائم المذكورة في قانون العقوبات، وكان المجني عليهما والدي الجاني أو احدهما، يجوز للقاضي أن يشدد العقوبة الى نصف ضعف العقوبة المقررة للجريمة نفسها، واذا كانت الجريمة المرتكبة هي القتل العمد، يجوز أن تكون العقوبة الاعدام تعزيرًا، بالاضافة الى وجوبها قصاصًا.

٣- فيما يتعلق بقانون الاجراءات الجزائية، نقترح إضافة فقرة جديدة، في المادة المتعلقه بجرائم الشكوى، باعتبار جريمة عقوق الوالدين من ضمنها.

- ولا مناص من القول، بأن الاهمية المجتمعيه، تستدعي تجريم فعل عقوق الوالدين، وتحديد عقوبة مناسبه رادعه زاجرة للابن العاق، فكم من وقائع حدثت؛ تدفع للتقدم بتعديل القانون، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: واقعة أولى/ شاهدها وسمع عنها أغلب المواطنين، وهى قيام احد الابناء، بطلب من سائق تاكسي، أن يوصل والدته إلى عنوان شقيقته وأعطاه العنوان، وعندما ذهب السائق بالأم إلى ابنتها، رفضت أن تستضيفها، وقالت إن زوجها حلف عليها بالطلاق ألا تستضيفها، وطلبت من السائق، أن يعود بوالدتها إلى المكان الذى أتى بها منه، وظلّ السائق حائرا طوال الليل بالسيدة المُسنه! و واقعة ثانيه/ لأم تركها أبنائها فى دار المسنين، وتم الاعتداء عليها فى الدار!! اما الثالثة/ فواقعة يشيب لها شعر الراس، ويقشعر لها البدن، و تتلخص بقيام احد الابناء بالتعدي على والدته، و وصل الأمر الى حبسها، ولم يسمح لأى أحد أن يراها…"

- وفي الاجمال، يثار التساؤل، هل يتصور أن يعاقب الابن في أي جريمة يرتكبها ضد والديه، بمثل عقوبة أي جريمة يرتكبها ضد شخص عادي؟؟ وبمعنى أدق، من يسب، أو يسرق، أو ينصب، أو يبتز، أو يعتدي جسمانيًا، أو يقتل، أبيه أو أمه، هل يعادل فعله إذا كان المجني عليه شخص اخر؟؟!!  بكل تأكيد كلا؛ لأن أن المصلحة الاسرية، وكل الشرائع السماويه، تستدعي أن تكون العقوبة مشددة ومغلظ؛ حماية لوالدينا؛ وليكون الجاني عبرة لمن لا يعتبر!

#الخلاصه:
استخلاصًا لما سبق، فإن مسألة عقوق الوالدين، أصبحت من الظواهر الاجتماعية السيئة، التي انتشرت بين أبناء المجتمع اليمني؛ ولأسباب عدة، وهي مبعث للتفكير الجدي، بضرورة محاصرة تلك الظاهرة الطارئة، ومعالجتها عبر إيجاد صياغة تشريعية متأنية وشاملة، من شأنها إجبار الأبناء على الالتزام بتلك الفريضة الإلهية العظيمة.

- لذلك يجب الأخذ بالحسبان، أن طاعة الوالدين من طاعة الله، وبرهما من الفرائض، وعقوقهما من الكبائر، وهذا يشمل الطاعات التي يحبها الله، ولذلك ينبغي على الابناء طاعة والديهما، في المعروف الذي لا ضرر فيه ولا معصية فيه، أما إذا أمره بمعاصي الله، بأن لا يصلي في المسجد،  أو أن يشرب الخمر، أو أن يعمل بالربا، أو امره بشيء آخر مما يضره، فلا يلزمه طاعتهم، لقول النبي (ص): "إنما الطاعة في المعروف فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".

- ولعله من المفيد التأكيد، أن على الابن وإن امره والديه بغير طاعة الله، فيجب على الابن عدم تركهما، ولا اهمالهما لهذا السبب، بل عليه أن يرد عليهما بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، والدعاء لهما بالتوفيق والهداية، ويبين لهما عذره من أن المعاصي ما يطاع فيها أحد، لا الوالد ولا الأمير ولا السلطان، مصداقًا لقوله تعالى لنبيه: (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ).{الممتحنة : 12}. فإذا أبلغهما ذلك وفهمهما، فإنهما إذا كانا عاقلين يرضيا منه بذلك؛ لأن العاقل يفهم العذر الشرعي، أما إذا كانا متعصبين لرأيهما بدون حجّة، فإنه لا يلزمه أن يطيعهما فيما يضره، أو فيما هو من معاصي الله.

- وفي هذا السياق، من الضروري أن ننوه، بأنه لا يجوز للولد أن يقطع والديه؛ لخلاف بسيط بينهما، وينهى أبناءه عن مواصلتهما، فلا يجوز عقوقهما ولا قطيعتهما؛ لفعل شيء مما يضره، بل على الابناء أن يصلوا والديهما، ويحسن إليهما، ويرفقا بهما بالكلام الطيب وبكل ما يستطيعوا، مصداقًا لقوله تبارك وتعالى في حق الكفرة: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا). [لقمان : 15]. فوجه الدلاله، أنه أمره أن يصاحبهما في الدنيا بالمعروف مع أنهما كافران، فكيف بالمسلمين!! والوالدين لو جاهداه على الشرك وطلبوا منه ذلك، لا يطيعهما في الشرك، لكن بالمقابل لا يعقهما، ولا يقطعهما، بل يرفق بهما ويحسن إليهما، وإن كانا قد أساءا إليه، كما ينبغي أن يدعو لهما بالهداية في كل حين.. وفي الأخير، نسأل الله تعالى الهدايه لاولادنا.
هذا والله أعلم، وهو الموفق للصواب.

صالح عبدالله المرفدي
قاض محكمة نقض
دكتوراه القانون الجنائي 
جامعة عين شمس