وسط تراجع الخدمات البريدية.. جداريات تحتفي بالطوابع في عدن

كريتر سكاي/خاص:

في وقت تحولت فيه جدران العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، إلى مساحة حرة تملؤها الشعارات السياسية، والعبارات الغرامية، والكلمات العشوائية، تبرز جداريات مستلهمة من إرث المدينة الثقافي وطوابعها البريدية القديمة، التي عرفتها عدن قبل 169 عامًا.

وتروي الجداريات التي بدأت تخطف أنظار المارة في مدخلي عدن القديمة أو "كريتر"، جزءًا من ذكريات المدينة وهويتها، عبر رسومات تُحيي الطوابع البريدية القديمة التي استخدمت في عدن، العام 1854، أثناء الاحتلال البريطاني، بجهود من مؤسسة "#عدن_أجين" الثقافية، وبتمويل من القطاع الخاص.

ووفق المدير التنفيذي لمؤسسة "عدن أجين"، مازن شريف، فإن هذه الجداريات الفنية الممولة من بنك اليمن والكويت "مستنسخة من طوابع عدن البريدية القديمة، وأعيد رسمها رقميًا مع إضافة بعض التفاصيل الأخرى، كالنقوش والزخارف العدنية القديمة، بحيث تحمل كل جدارية منها معلمًا بارزًا من معالم عدن التاريخية والثقافية، سواء المندثر منها أو الذي لا يزال حاضرًا".

وأشار في حديث خاص لـ"إرم نيوز"، إلى أن ما تم تنفيذه حاليًا هو 4 جداريات، 3 منها في المدخل الجنوبي لمدينة كريتر، وواحدة في المدخل الشمالي، في حين سيتم تنفيذ جداريات أخرى خلال الأسابيع المقبلة.

وحول تفاصيل الجداريات التي تم الانتهاء منها، قال "شريف" إن جميعها يحمل شكل طوابع عدن البريدية، وجسدت إحداها لوحة قديمة رسمت لقلعة "صيرة" لحظة دخول القوات البريطانية إلى عدن العام 1839، فيما تبرز الجدارية الثانية أحد القوارب الشراعية المستخدمة في عدن قديمًا، وتظهر الثالثة لوحة أخرى رسمت للمدينة العام 1572، في حين تبرز بوابة عدن التي دمرت خلال الستينيات في الجدارية الرابعة.

وأكد المدير التنفيذي لمؤسسة "عدن أجين"، أن الهدف من هذه الجداريات هو إحياء التراث الثقافي بعمل فني يحافظ على الهوية العدنية التي بدأت في الاندثار، ويبرز تفاصيلها الغائبة عن الجيل الحالي، وتذكر بالطوابع البريدية العدنية وأهميتها في توثيق تاريخ المدينة ومراحلها المختلفة.

وبعد بضعة أشهر على اقتحام القوات البريطانية لمدينة عدن، في العام 1839، دخلت خدمة البريد إلى عدن، التي باتت لاحقًا محورًا رئيسًا لتبادل المراسلات البريدية بين المحيط الهندي، والشرق الأقصى، وأوروبا.

وقال الباحث التاريخي، محمد العمري، في حديث لـ"إرم نيوز"، إن القاعدة البريطانية أدخلت الخدمة البريدية إلى عدن وقتئذ، تلبية لاحتياجاتها ومؤسساتها والعاملين الأجانب، وكانت تلك المكاتب تدار تحت إشراف المقيم السامي البريطاني.

وأشار إلى افتتاح أول مكتب بريد في كريتر بمدينة عدن، العام 1839، قبل أن يتم نقله إلى التواهي، العام 1868م، ثم تلا ذلك افتتاح مكتب بريد في الشيخ عثمان، العام 1891م، وافتتاح مكتب بريد في حي خور مكسر بمدينة عدن العام 1892.

ويواجه بريد عدن حاليًا صعوبات أثرت على مستوى خدماته المتعددة ومكانته، بسبب ما أفرزته ظروف الحرب وحالة الانقسام السياسي التي يشهدها البلد، تزامنًا مع ظهور منافسة مباشرة في مجال مهمته.

وأكد مدير عام بريد عدن، عمرو العولقي، في تصريح خاص لـ"إرم نيوز"، أن الدور التاريخي لبريد عدن "مستمد من تاريخ ودور المدينة ولن يستطيع أحد محوه"، لكنه عبر عن أسفه من فقدان البريد لخدماته المتمثلة في نقل الرسائل والطرود والبضائع، نتيجة "الظروف الحاصلة في البلاد".

وأشار إلى أن خدمات البريد تحولت إلى الشركات الخاصة التي باتت تمارس مهامه القانونية، في مخالفة واضحة للمادة الخامسة من القانون رقم (64) لسنة 1991، بشأن البريد والتوفير البريدي، والتي تنص على أن "الدولة هي الجهة الوحيدة صاحبة الحق المطلق في تقديم الخدمات البريدية، ولها وحدها الامتياز في القيام بهذه الخدمة ضمن أراضي الجمهورية، وفيما بينها وبين الدول الأخرى".

ودعا "العولقي" الجهات المختصة والمسؤولة في البلاد، إلى "إعادة بريد عدن إلى دوره السابق، وليس المقصود هنا بما كان عليه قبل عقود، بل إلى ما كان عليه قبل الحرب على الأقل، أي قبل العام 2015، واستعادة دوره الريادي في المحافظة".

عبداللاه سُميح