تحقيق يكشف استخدام الحوثيين مطار الحديدة لعمليات عسكرية

كريتر سكاي/خاص:

كشف تحقيق صحفي نشره موقع "ديفانس لاين" المتخصص بالشأن العسكري والأمني عن استخدام الحوثيين مطار الحديدة الدولي الواقع في محافظة الحديدة الخاضعة لسيطرة الجماعة شمالي غرب اليمن، لأعمال عسكرية وتنفيذ تدريبات ومناورات حربية داخل المطار المدني وقاعدة الحديدة الجوية، إحدى أهم القواعد الجوية العسكرية التي تقع بجوار المطار الدولي بمدينة الحديدة المطلة على البحر الأحمر.

كما يكشف التحقيق الذي أجراه فريق "ديفانس لاين" قيام الجماعة المدعومة من إيران باستحداثات وإنشاءات وبناء تحصينات وأنفاق وملاجئ داخل المطار المدني والقاعدة الجوية، وفي المناطق القريبة والمقرات والمؤسسات التعليمية، ويكشف كذلك بدء الجماعة إعادة تأهيل مدرج المطار خلال مدة الهدنة في محاولة لإعادة تشغيله لاستقبال رحلات مدنية وعسكرية.

وشهدت الحديدة الأسابيع الأخيرة تحشيدات عسكرية حوثية كبيرة، مع دفع الجماعة بقوات جديدة تم تدريبها حديثا في المحافظات والمناطق الجبلية الخاضعة لها شمال البلاد، قبل أن يتم إرسالها إلى تهامة والسواحل الغربية، مع اتساع مخاوف الجماعة من تعرضها لضربات وهجمات على غرار ما حدث لـ"حزب الله" ذراع إيران في لبنان، خصوصا مع تصعيد الحوثية استهداف السفن في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن تحت لافتة نصرة غزة وفلسطين.

وأعلنت الجماعة المدعومة من إيران في 27 أكتوبر المنصرم تنفيذ سلسلة مُناورات تكتيكية في الساحل الغربي وفي الحديدة، تحاكي التصدي لأربع موجات هجومية افتراضية واسعة بحراً وبراً من "قوات معادية".

تُظهر عملية التحقق التي أجراها فريق "ديفانس لاين" أن بعض تلك التدريبات العسكرية التي أعلنتها الجماعة قد تم تنفيذها –أو غالبيتها- داخل مطار الحديدة والقاعدة الجوية، والمناطق الواقعة بين منطقتي الحوك التابعة إداريا لمدينة الحديدة ومدرج المطار.
إذ يتبين من مقارنة الصور التي نشرتها الجماعة بصور الأقمار الصناعية أن بعض تلك التدريبات تم تنفيذها عند مدرج المطار الذي يبلغ طوله 3كيلو متر ويستخدم عسكريا من القاعدة الجوية.

وتوضح بعض الصور التي نشرتها الجماعة وأظهرت فيها خنادق وأنفاق وسواتر ترابية فيما قالت إنه هجوم ضد مواقع ومعدات قتالية معادية "إسرائيلية" أنها تقع قرب الجانب الغربي للمدرج، بعد مقارنتها بصور الأقمار الصناعية.

وقد توقف عمل مطار الحديدة الذي كان يقدم خدمات للرحلات الداخلية والدولية، وكذلك عمل القاعدة الجوية منذ اندلاع الحرب في سبتمبر 2014م، إذ تعرضت بنية المطار والقاعدة والمنشآت والمرافق التابعة لهما للقصف الذي أتى على كامل قدرات وقواعد القوات الجوية والدفاع الجوي والطائرات الحربية ومنظومات الصواريخ والدفاع الجوي والدفاع الساحلي التي كان يملكها الجيش اليمني.

وتظهر لقطات مصورة نشرها "الاعلام الحربي وبثتها "قناة "المسيرة" التابعة للجماعة ومقابلات أجراها مراسل القناة، أنها ألتقطت عند الطرف الجنوبي من المدرج.

امتدت الاستحداثات الحوثية والمواقع التي استخدمتها في التدريبات إلى الجغرافيا الساحلية التي تقع في نطاقها المنشئات والمقرات القريبة من المطار وكلية الطب بجامعة الحديدة وملعب نادي الهلال الرياضي القريب من دوار المطار على الطريق الساحلي، والمنطقة المنخفضة الواقعة جنوب دوار المطار وغربي الطرف الجنوبي لمدرج المطار.
وتبين نتائج تحليل الصور التي بثتها الجماعة لمشبهات معدات قتالية قالت إنها آليات وتعزيزات للعدو "إسرائيل" ومقارنتها بصور الأقمار الصناعية أن تلك التدريبات العسكرية تمت في مناطق قريبة من مدرج المطار، وتحديدا قرب المواقف بمنطقة الحوك شمالي غرب المدرج على خط المطار.

كما أظهرت الصور التي بثتها الجماعة رفع عناصر الحوثي المشاركين في التدريبات العسكرية علم "حزب الله" ذراع إيران في جنوب لبنان.
فيما تظهر بعض اللقطات استخدام الحوثيين لإحدى القلاع والقرى القديمة كمواقع تم استهدافها بقصف مدفعي وصاروخي خلال تلك التدريبات.

جزء آخر من المناورات تم تنفيذها في منطقة الفرس غرب مديرية التحيتا جنوبي المحافظة.
إذ تبين نتائج تحليل فريق "ديفانس لاين" للصور التي نشرتها الجماعة ومقارنتها بصور الأقمار الصناعية أن تلك التدريبات تمت في منطقة تقع جنوب غرب منطقة المدمن، وتحديدا عند شاطئ الفارة، وامتدت إلى قريتي الفرس والمدمن.

وتظهر الصور قيام الجماعة بحفر خنادق ومخابئ جديدة وتجديد بعض الخنادق والسواتر الترابية القديمة والاستفادة من طبيعة جغرافيا المنطقة القريبة من البحر.
كما تؤكد المعلومات وإفادات سكان أن الجماعة قامت بالزج ببعض شباب المنطقة في تلك التدريبات وعن تعرض سكان لإصابات بعيارات نارية نتيجة المناورات التي استخدمت فيها ذخائر حية، واستخدمت الجماعة فيها إطلاق قنابل من طائرات غير مأهولة ومحاكاة هجمات اختراق.
ووفقا للمعلومات فأن التدريبات في منطقة الفرس نفذت قبل تاريخ 13 أكتوبر.

تأخير إعلان التدريبات

يرجح أن الجماعة بدأت تنفيذ تلك المناورات بصورة متقطعة وفي أماكن متباعدة منذ مطلع أكتوبر الماضي، وتم تأخير الإعلان عنها إلى ما بعد اكتمالها وانتهاء "الاعلام الحربي" التابع للجماعة من تجهيزها وإضفاء الصبغة الدعائية عليها.

وتزامن تاريخ اعلان الجماعة عن تلك التمرينات مع إعلاناتها عن وقوع ضربات أمريكية بريطانية استهدفت مواقع تابعة للجماعة في مناطق مختلفة من محافظة الحديدة.
فقد أعلنت الجماعة عن ضربة أمريكية بريطانية مشتركة استهدفت مواقعها يوم الخميس 31أكتوبر في منطقة بالقرب من جامعة الحديدة في مديرية الحوك. دون تحديد اسم مكان الضربة وطبيعة الهدف. كما أعلنت عن وقوع غارتين أخرى استهدفتا مواقعها في مطار الحديدة مساء الأربعاء 30أكتوبر.

وفي تاريخ 24أكتوبر أعلنت الجماعة عن غارات أمريكية بريطانية استهدفت مواقعها في منطقة الجاح الأسفل بمديرية بيت الفقيه وفي منطقة الطور بمديرية التحيتا. بعد يوم من إعلان الجماعة استهداف المطار الخاضع لها بغارتين أمريكية بريطانية.
وفي يوم 19 استهدفت غارتين مواقع للجماعة في منطقة رأس عيسى.
ويوم 15 أكتوبر استهدفت أربع غارات موقعين عسكريين للحوثيين في مديرية اللحية.
قبلها استهدفت سبع غارات أمريكية بريطانية مواقع حوثية في مطار الحديدة ومنطقة الكثيب الذي يقع فيها معسكر للقوات البحرية الحوثية يوم 4أكتوبر.
كما تم استهدفت غارتان مواقع حوثية في منطقة الجبانة في الثالث من أكتوبر.

محاولة إعادة تأهيل المطار

تكشف صور الأقمار الاصطناعية التي حللها فريق "ديفانس لاين" عن قيام الحوثيين ببدء أعمال ترميم وإصلاح مدرج المطار خلال الأشهر الأولى من الغام 2023م، فيما يبدو محاولة إعادة تجهيزه لتشغيله واستخدامه في استقبال رحلات جوية، مدنية وعسكرية.

إذ تظهر الصورة الملتقطة بتاريخ 3 مايو 2023م، ترميم بعض أجزاء مدرج المطار، ويتضح ذلك من خلال مقارنتها بالصورة الملتقطة بتاريخ 8 يونيو 2022م، وهو ما يشير أن تلك الأعمال الترميمية بدأتها الجماعة مطلع العام 2023م، بالتزامن مع سريان الهدنة الأممية.
في محاولة من الجماعة استغلال الهدنة وتوقف الضربات الجوية لقوات التحالف العربي لتطوير بنية عسكرية وإعادة تشغيل وتأهيل منشئات سابقة.

كما تكشف صور الأقمار الاصطناعية عن قيام الحوثيين بحفر الخنادق والمتارس والتحصينات العسكرية في محيط مدرج المطار خلال الأشهر الأخيرة من العام 2020م، وتحفير أرضية (الرصيف الاسفلتي) للمدرج، بهدف تعطيله، خوفا من تقدم القوات اليمنية باتجاه وسط المدينة واقترابها من المطار والميناء.

يمكن ملاحظة ذلك من خلال الصورة الملتقطة بتاريخ 14 أكتوبر 2020، وأخرى ملتقطة بتاريخ 28 أبريل 2021م، ومقارنتهما بالصورة الملتقطة بتاريخ 12 ديسمبر 2019م.