أعلن عدد من العلماء الأربعاء عن اكتشاف بحيرة جوفية شاسعة للمرة الأولى في المريخ الذي لم يسبق أن رصدت فيه هذه الكمية من المياه السائلة وهي شرط لا غنى عنه لتوافر الحياة. وقد تساعد إمكانية الوصول إلى مصادر مياه، البشر على الإقامة على المريخ في إطار مهمات مأهولة في المستقبل. إلا أن مياه هذه البحيرة بالذات يرجح ألا تكون قابلة للشرب، وقد تكون على عمق 1,5 كيلومتر تحت طبقة الجليد في بيئة قاسية جدا.
كشفت دراسة أعدها باحثون إيطاليون ونشرتها مجلة "ساينس" الأمريكية عن وجود بحيرة (الأولى من نوعها) جوفية شاسعة في المريخ الذي لم يسبق أن رصدت فيه هذه الكمية من المياه السائلة وهي شرط لا غنى عنه لتوافر الحياة، على ما أعلن علماء الأربعاء.
وجاء في الدراسة أن عرض البحيرة الواقعة تحت طبقة من الجليد يبلغ 20 كيلومترا. ويشير وجود البحيرة إلى احتمال العثور على مزيد من المياه لا بل الحياة على الكوكب الأحمر.وهي أكبر مساحة من المياه السائلة التي يعثر عليها على المريخ.
وقال إنريكو فلاميني المشرف على مهمة "مارس إكسبرس" في وكالة الفضاء الإيطالية خلال مؤتمر صحافي "المياه موجودة. لا شك لدينا بذلك".
بات المريخ اليوم كوكبا باردا وصحراويا وقاحلا لكنه كان في السابق دافئا ورطبا يضم كميات كبيرة من المياه السائلة وعددا كبيرا من البحيرات قبل 3,6 مليارات سنة على الأقل. ويطمح العلماء إلى إيجاد مؤشرات على وجود مياه تعود إلى فترة ليست ببعيدة إذ أن اكتشافات كهذه أساسية لمعرفة إن كان الكوكب الأحمر احتضن شكلا من أشكال الحياة في ماضيه السحيق أو لا يزال يحتضنه.
وقال آلن دافي الأستاذ المشارك في جامعة سوينبرن في أستراليا الذي لم يشارك في هذه الدراسة "إنه اكتشاف مذهل بالفعل يدفع إلى الظن أن وجود المياه على المريخ ليس مجرد جريان موقت رصد في اكتشافات سابقة بل إنه كتلة مياه دائمة توفر ظروفا مؤاتية للحياة خلال فترة طويلة من الزمن".
وقد تساعد إمكانية الوصول إلى مصادر مياه، البشر على الإقامة على المريخ في إطار مهمات مأهولة في المستقبل.
إلا أن مياه هذه البحيرة بالذات يرجح ألا تكون قابلة للشرب وقد تكون على عمق 1,5 كيلومتر تحت طبقة الجليد في بيئة قاسية جدا.
وثمة تساؤلات حول احتمال أن تضم البحيرة أشكالا من الحياة الجرثومية.
إلا أن بعض الخبراء يشككون بهذا الاحتمال إذ أن مياه البحرية باردة جدا ومالحة وتمتزج مع كمية كبيرة من الأملاح والمعادن.
ويرجح أن تكون درجة الحرارة أدنى من مستوى تجمد المياه الصافية لكنها تبقى سائلة بسبب وجود المغنيسيوم والكالسيوم والصوديوم.
وقال فريد واتسن من المرصد الفلكي الأسترالي "هذا اكتشاف مهم جدا ومن شأنه أن يزيد التكهنات حول وجود أجسام حية على الكوكب الأحمر".
وأضاف واتسون الذي لم يشارك في الدراسة "لكن ينبغي توخي الحذر إذ أن تركز الأملاح التي تبقي المياه سائلة قد يحول دون قيام أي حياة جرثومية كتلك الموجودة على الأرض". رصد بالرادار
وأتى الاكتشاف بفضل استخدام رادار يحمله مسبار "مارس إكسبرس أوربيتر" التابع لوكالة الفضاء الأوروبية الذي أطلق العام 2003.
وقد صمم الرادار "مارسيس" لرصد وجود مياه جوفية من خلال إرسال إشارات تخترق باطن الأرض والغطاء الجليدي.
وأوضحت الدراسة أن هذا الرادار "يقيس عندها كيفية انتشار الموجات الراديوية وانعكاسها مجددا على المسبار" مضيفة أن هذا الانعكاس "يوفر للعلماء معلومات حول الأشياء الموجودة تحت السطح".
ومسح فريق من الباحثين بقيادة الإيطالي روبرتو أروزي من المعهد الوطني للفلك في بولونيا (إيطاليا) منطقة مسماة "بلانوم أوستراله" الموجودة في الغطاء الجليدي الجنوبي لكوكب المريخ بين أيار/مايو 2012 وكانون الأول/ديسمبر 2015.
وجاء في الدراسة أن الرادار مسح المنطقة 29 مرة واتضح أن "تضاريسها شبيهة بتلك العائدة لبحيرات تحوي المياه السائلة تحت الصفائح الجليدية في أنتاركتيكا وغرينلاند على كوكب الأرض ما يشير إلى وجود بحيرة تحت طبقة الجليد في هذا الموقع من المريخ".
ولا يمكن للباحثين معرفة عمق البحرية إلا أنهم رجحوا أن يبلغ المتر تقريبا.
وقال ديفيد ستيلمان الباحث الكبير في قسم دراسات الفضاء في معهد "ساوث ويست ريسيرتش إنستيتوت" في ولاية تكساس الأمريكية إن الاكتشاف مثير جدا للاهتمام لكن ينبغي على مسبار آخر أو أجهزة أخرى تأكيد الاكتشاف.
وأعرب الباحثون عن اعتقادهم أن هذا الاكتشاف في جنوب المريخ يعني أن المياه قد تكون متواجدة في أماكن أخرى من الكوكب الأحمر.