كريتر سكاي في سلسلة وثائقية هي الأولى .. المسير الى منزل «الحكيم» الرئيس علي ناصر محمد ”تقرير مصوّر“

أبين (كريتر سكاي) تقرير / حيدرة محمد - حيدرة واقس

حرص ”كريتر سكاي“ ان يتبنى سلسلة تعنى بالاهتمام التاريخي لتوثيق تاريخ قادة الدولة السابقين ، ولعل محافظة أبين هي القبلة الأولى وذلك لما تحتويه على مستوى الجنوب واليمن قاطبة ولما تمثله من قيمة تاريخية كبيرة أثرت في مسار الأحداث والتطورات على مستوى الوطن، ولا نجانب عين الحقيقة ان قلنا عن منطقة دثينة بأنها منطقة تاريخية حضارية ثرية وأستثنائية غنية في التاريخ القديم ومنطقة حاضرة ومتميزة في التاريخ المعاصر ، إذ أنها مازالت ترفد الساحة السياسية اليمنية برجالاتها وفرسانها ومبدعوها في شتى الميادين والامكنه ، فدثينة ولادة لا تعقم ولا تشيخ ولا تموت .


في قرية نائية يكتنفها عبق التاريخ المطرز بأصالة الهوية والمكان ، قرع ”كريتر سكاي“ أبواب التوثيق ، لحياة أحد معاصير الدولة ورجالها الحكماء ، بهدف نقل صورة واضحة عن سماحة وتواضع تلك القادة .


الـ 30 من نوفمبر المجيد كان موعد مسيرنا باتجاه بلدة القوز او امقوز باللهجة الدثينية الدارجة ، الى الشرق من مودية تقع بلاد "الحسني" ، وعلى بعد مسافة تقدر بـ "خمسة كيلو متر" مربع نصل الى مفرق قرية "ذوبة" المتاخمة لبلدة امقوز على الخط الاسفلتي وصوولاً الى امقوز ، اول ما يقابلنا عند دخولنا لبلدة امقوز مسجد "الحاج ناصر محمد" والذي تم افتتاحه قبل عشرين عام، في قلب امقوز وعلى ربوهٍ طينية نقف امام المنزل الحديث لفخامة الرئيس ناصر ، التقطنا عدة صور للمنزل ، وبينما نحن منهمكين في ترتيب تفاصيل تقريرنا الأستقصائي قدم علينا الاخ "عبدالله الخاش" أحد ابناء بلدة امقوز مرحبا بنا بحفاوة بالغة ، بعدها ترجلنا متجهين الى الحصن ، منزل الرئيس ناصر القديم .



*نشأت الرئيس ناصر وتاريخه السياسي


ولد الرئيس ناصر في عام ١٩٣٩م ، رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية لفترتين رئاسيتين .


عمل رئيسا لمجلس الرئاسة من ٢٦ يونيو ١٩٧٨م الى ٢٧ ديسمبر ١٩٧٨م ، ورئيسا للجمهورية في أبريل ١٩٨٠م ، وذلك بعد استقالة الرئيس السابق "عبدالفتاح اسماعيل" وذهابة الى موسكو .


أتسمت مواقف الرئيس ناصر اكثر عقلانية وتريثا وأقل تدخلا في الشؤون الداخلية لسلطنة عمان واليمن الشمالي من مواقف قيادات سابقة في دولة الجنوب ، الى ان انفجرت أحداث يناير ١٩٨٦م ، واندلاع الحرب الأهلية والتي أدت الى خروجه ومؤيديه من اليمن الجنوبي الى الشمال ، الى ان استقر به الحال الى يومنا في الخارج وتحديدا في الجمهورية العربية السورية وجمهورية مصر العربية .




*الحصن القديم


عبر سيلة وجر مرورا الى جهة الشرق وفي نواحي الفرعة او امفرعة ،موطن ومسقط رأس الرئيس علي ناصر محمد ، يقع الحصن القديم الأبيض والذي يعود عمره الى اكثر من مئتي عام والمتوسط فناء منزل الرئيس ناصر كالطود الشامخ شموخ الجبال التي تحتضن الدار والحصن من جهتي الجنوب والشرق ، ففي جهة الشرق يقع جبل الحمام وقلعته الواقعة في قمته وفي طرف الجبل الشرقي تقع نوبة "الحاج" وهي عبارة عن قلعة صغيرة كانت موقعا للمراقبة من قبل رجال القبائل عند نشوب الحروب ضد الاستعمار البريطاني ، وفي جهة الجنوب يقع الجبل الأسود المحتضن هو الآخر لدار وحصن الرئيس ، دخلنا الى فناء الدار عبر بوابة حديدية حمراء ، رائحة عبق قدم الحصن تحاصرك فور ان تصل اليه وأنت تدقق النظر بأنشداهٍ ممزوج بالتعجب لقدم عمره وجمال نسق بناءه الفريد ، يتكون الحصن من دورين وسطح تقع في زواياه الاربعة ما يطلق عليه في العرف القلبي في دثينة اسم "التشريفة" وهي عبارة عن حجار مسندة بأركان زوايا الحصن تميز بيت القبيلي والشريف في قومه ، ونحن نحوم حول الحصن ونطالع جدرانه الباسقة الطول لفت انتباهنا باب الحصن الخشبي العتيق وكأننا امام باب متحف من متاحف التراث الانساني الزاخر بالأسرار والحكايا والأثار التي لا تقدر بثمن ، على الجهة اليمين من صحن الدار يقع الجزء الجنوبي من البيت الحديث وعلى الجهة الغربية تقع منازل اخوان واشقاء الرئيس ناصر ، وهي بيوت حديثة تعود لفترة الستينيات و السبعينيات ، غير ان تلك البيوت الحديثة لم تؤثر على ألق وحضور وعراقة حصن آل سليمان القديم والذي ولد فيه الرئيس ناصر رغم مرور كل تلك السنين الغابرة .


*نسب الرئيس ناصر وعائلته


علي ناصر محمد بن محمد بن سليمان ، والده الشيخ /ناصر محمد بن محمد بن سليمان ، يعود نسب "آل سليمان" الى بيت "أهل محكل" أحد بيوت قبيلة "الباجعم" الحسنية من علة ، وله اخوان متعددون ، اخوان اشقاء واخوان غير اشقاء وهم كالآتي : أحمد ناصر محمد ، صلاح ناصر محمد ، هادي ناصر محمد ، محمد ناصر محمد ،عوض ناصر محمد ، سليمان ناصر محمد، عبد الله ناصر محمد ومنصور ناصر محمد. غير ان من ظل منهم في موطن ومسقط الرئيس ناصر هو شقيقه "محمد ناصر محمد بن محمد بن سليمان" الملقب ب "الجحرد" وهو شخصية اعتبارية لها حضورها وثقلها الاجتماعي والقبلي في دثينة ، وللرئيس ناصر العديد من الأبناء ابرزهم "جمال و طارق" ، واللذان يعيشان في دولة الامارات العربية المتحدة ، كما وله ابنة من زوجته الثانية السورية المهندسة / ريم عبدالغني .



*المنزل الحديث للرئيس ناصر 


منزل حديث يتكون من دورين ، ويقع في الجهة الجنوبية للفرعة او فرعة امقوز ، يقول الأخ /عبدالله الخاش لـ ”كريتر سكاي“ ان المنزل مقدم ودار تشريف وضيافة لجميع ابناء فرعة امقوز وذلك نزولا عند رغبة الرئيس ناصر والتي يحرص فيها على اجتماع كلمة الناس في الحي من آل سليمان خصوصاً وباقي آهالي المنطقة عموما ، وعن طبيعة علاقته واتصاله وتواصله بآهالي المنطقة ، يقول الخاش ان الرئيس ناصر لا تمر عليه مناسبة للآهالي ألا وبادر بالتواصل والاتصال في كل المناسبات اتراحا كانت ام افراحا ، كما ويشير الى ان الرئيس ناصر لا يتوانئ في المبادرة للتدخل لحل أي خلافات او منازعات اهلية او قبلية في المنطقة ويشدد على تغليب لغة العقل المحتكمة للمصلحة وتغليب الصالح العام للناس في بلدة امقوز .


*الحجة مريم 


عند خروجنا من المنزل القديم كانت تصرخ امرأة طاعنة في السن تساءل عنا ، قدمنا اليها وسلمنا عليها ...


الحجة "مريم فضل علي الصالحي" زوجة شقيق الرئيس علي ناصر "هادي ناصر محمد" ، رحبت بنا بأبتسامة دافئة ضحوكة ، كنا نتحلق من حولها كألاولاد الصغار في حضرة الحديث عن الرمز الوطني الكبير الرئيس علي ناصر محمد ، تذهلك بسرعة إجاباتها عن الاسئلة التي أنهالت عليها بأجابات واضحة ودقيقة وان لاقينا صعوبة لدى ايصال اسئلتنا لها نظرا لأنها لا تسمع جيدا فللعمر احكامه ، غير أنها كانت حاضرة وبقوة معنا وهي تحدثنا باهتمام عن الرئيس ناصر وعن ذكريات الزمن الذي مر والذي عاصرته وكانت شاهدة عليه، اكثر ماشدنا في حديث الحجة مريم هو حديثها عند سؤالنا لها عن زيارة حرم الرئيس ناصر المهندسة ريم عبدالغني لبلدة امقوز وناحيتها الفرعة قبل اكثر من خمسة عشر عام في ذلك الوقت ، تقول الحجة مريم عن زيارة عقيلة الرئيس ناصر بانها من اجمل اللحظات التي تتذكرها جيدا ، وتضيف كانت زوجة الرئيس ناصر حريصة على معرفة كل تفاصيل المكان ، وتساءل عن ادق التفاصيل والاشياء المتعلقة به ، وقد باتت عندي لثلاث ليالٍ متتابعة في ضيافتي والحديث للحجة مريم ، وتشير الى إصرارها يومها على زيارة قبر والد الرئيس ناصر الشيخ "ناصر محمد بن محمد سليمان" وكيف ان المهندسة ريم أجهشت بالبكاء على قبر والد الرئيس علي ناصر محمد وعندها كادت الحجة مريم ان تجهش بالبكاء هي الأخرى وهي تحكي لنا تفاصيل تلك الزيارة بكل لطف وحرارة لن ننساها لها وان كنا أطلنا عليها بالحديث إلا انها كانت في غاية السرور والسعادة للحديث معنا عن الرئيس ناصر .





*مع المغيب 


باغتنا الظلام والشمس تودع ثرى بلدة امقوز وناحية امفرعة ، خيوط شمس ذلك النهار توشك على النهاية وتنساب في غروب بارد الطقس على جبين حصن " آل سليمان" ومنزلهم القديم ، أدركنا بانه حان وقت الرحيل وموعد الوداع ، صعدنا السيارة وخطواتنا المحمولة على إطارات السيارة تبعد بنا بعيدا ونحن خارجين من امقوز، صلينا المغرب في مسجد الرئيس ناصر وما ان اكملنا الصلاة التقطنا الصورة الاخيرة لجدارية باب المسجد المرصعة باسم الحاج ناصر محمد، والد الرئيس الذي خرج من امقوز دثينة ومضى كفارس دثيني لا يشق له غبار ليغدوا رمزا وطنيا ورئيسا يمنيا خالد الذكر يستحيل ان ينسى .