المطلع(قصة)

صالح بحرق

اتذكر ملامح المطلع جيدا..ذو عينين غايرتين ولحية قصيرة.. تتوسطه مبخرة يتصاعد منها اللبان.. وعلى يمينه كتب صفراء مغلفة بجلد قديم.
 يجلس بوقار في ثوب أبيض.. وقد علته جبته.. وكوفيته.. وعلى يساره اوان نحاسية.. و أخرى معدنية.. وادوية..ملفوفة..وشاش ابيض.. ومقص اسود كبير .. وخيوط ملونة. وفي طرف الغرفة المستطيلة.. أباريق الماء.. من كوز ..وشول جلدي معلق في مجرى الهواء.
كان يقودني في ذلك اليوم اخي.. لاعتلال صحتي .. وأذكر أنه قال لي سنمكث عند (المطلع) وقتا قصيرا ليعطيك علاجا.. وقد فهمت أن المطلع هو شخص بمثابة الطبيب.
ساد صمت طويل قبل أن يتحدث المطلع.. وكان ينظر إلى تلك الأبخرة ويتابعها.. لكأنه يرى وسطها اشباحا. كانت تلك الفترة كافية للتعرف على مشكلتنا.. إذ سريعا مانطق المطلع ببعض العبارات التي لم اكن افهمها.. لكن اخي كان يبدي استجابة ما لها. وتركت المطلع وأخي يتهامسان ورحت انظر الى جثته الضخمة.. والى منكبيه ومسبحته.. وكان الشيء المميز فيه والذي لن أنساه صوته.. إذ تكمن دهشته في صوته..وفي تلك العبارات التي يطلقها بين وقت وآخر.. والتي تختلط مع هذه الادخنة.
 مر وقت طويل قبل أن يستلم اخي الأدوية من المطلع.. وقدخفتت حدة تلك الأدخنة.. ونهض المطلع معتمدا على كنبة الكتب.. ليجلب لنا الماء من الكوز.. وتسنى لي أن ارى ساقيه الدقيقتين وابصرت اخي يهمس له ببعض الاشياء.. ويناوله الدراهم.. وقد أشرق وجهه.. وصفت اوتار صوته.. قبل أن يتلقفنا الشارع!
__ المطلع: بتشديد اللام هو المشعوذ الذي يطالع في زعمه كتب الطب لاستخراج العلاج