ابين: المعلمة العظيمة(قصة نجاح)
في ريف مديرية مودية ، وعلى بعد ٢٠ كم جنوب شرق مدينة مودية ، قصة نجاح .
هذه القصة تشبه كثيرا الشعب اليمني ، من بين الحرب والركام ، والجوع والفقر ، تتولد العزة والكرامة ، في شعب يأبى الخضوع ، رأسه مرتفع إلى السماء ، رغم خيبة الأمل من النخب السياسية ، التي أغرقت الوطن بمليشيات العمالة والارتزاق ، والتي جعلت من الوطن مطمعا لقوى خارجية ، ومسرحا لحرب عبثية ظالمة .
قصة نجاح بطلتها معلمة ، تحمل همة كالجبال ، همة تفوق همة الرجال .
هذه المعلمة تحدت الصعب منذ أكثر من عامين ، رغم حالة الفقر الشديد التي تعانيها أسرتها الصغيرة ، لكن الهمة ، و حب فعل الخير ، كنا بمثابة جناحين ، حلقت بهما هذه المعلمة الرائعة ، في تحد للواقع المؤلم ، والذكورة المحبطة ، والفقر الشديد ، لتصنع من كل هذه المحبطات والركام ، صخورا بنت بها فصلا دراسيا ، جمعت فيه أطفال القرية ، وانقذتهم من قيود الأمية والجهل ، لتقوم بتعليمهم أساسيات القراءة والكتابة والحساب ، و أيضا تعلمهم قصار السور من القرآن الكريم .
هذه المعلمة العظيم ، التي لا تكل ولا تمل ، وتهتم بالفصل الدراسي، والطلاب ، مثل ما تهتم ببيتها واسرتها.
زرتها في الفصل الدراسي، الذي بنته من الأحجار السوداء ، لتجعل منه ، موقعا لاشعاع نور العلم ، زرتها وهي تعلم الأطفال، وطفلها المريض تحمله على شقها ، لم يمنعها مرض ابنها من الحضور ، لتعليم الأطفال.
لا توجد رقابة عليها ، لتجبرها على الحضور لتعليم الأطفال، ولا نقابة تحرضها على الإضراب، ولا تتحجج بانقطاع الراتب لتنقطع عن التعليم ، فهي أصلا ليست موظفة .
معلمة متطوعة بغير دعم من أية جهة ، تعمل في احلك الظروف ، بدافع من همتها العالية وضميرها الحي وانسانيتها المتقدة .
ان هذه المعلمة لم تترك لنا عذرا ، وهي حجة علينا جميعا ، حجة على كل معلم منقطع عن التعليم ، حجة على كل موظف متقاعس عن وظيفته ، حجة على كل مسؤول تخلى عن واجبة ، حجة على كل شاب وشابة قادر على التطوع والعمل وقاعد في بيته، حجة على كل من يملك المال ويصرفه على القات والملذات التافهة .
وانا ازور هذه المعلمة وفصلها العظيم ، احتقرت العبث الذي نعيشه ، والآلية التي تدار بها الأمور في هذا البلد المنهك بالحروب والقتال والأزمات، احتقرت الامليرات التي تصرف في حرب عبثية ، لم تزد اليمن الا دمارا وخرابا .
وفي الاخير اتمنى على الساكنين في كوكب الفنادق ، وهم محسوبين على هذا الوطن كحكام، أن تنظروا إلى هذه الصورة بتمعن و عناية، لعلها تجد منفذا لانسانيتكم الجامدة ، فتحرك فيكم عاطفة الوطن ، لتنفظوا عنكم قيود العجز ، والطمع والفساد ، و لتعودوا لخدمة وطنكم ...
شكرا لك أيتها المعلمة العظيمة ...
وادعو أهل الخير وكل من لدية إمكانية للمساعدة في بناء ثلاثة فصول دراسية ، وتوفير معونة شهرية للمعلمة ،لتستمر في التدريس ، وتوفير مستلزمات التعليم .
عبدالعزيز الحمزة الاثنين
١٦ نوفمبر ٢٠٢٠م