تقرير لمجلة أمريكية: كيف تخلق "فوضى اليمن" فرصة جديدة لإدارة "بايدن”؟

كريتر سكاي/خاص:


خَلُص تقرير جديد لمجلة “ناشونال انترست” الأمريكية، إلى أن بإمكان الإدارة الجديدة للبيت الأبيض التي يقودها “جو بايدن” إلى تولي دور قيادي في الجهود الدبلوماسية لحل الحرب في اليمن، إذ بإمكانه أن يوفر “بداية جديدة” للعلاقات الأمريكية في الشرق الأوسط.

وقال التقرير إنه وفي حين أن أسس السلام يجب أن يقودها اليمنيون، فإن هناك الكثير الذي يمكن للإدارة الجديدة القيام به لدعم هذه العملية. الخيار الأول والأهم بسيط، رغم أنه محفوف بالمخاطر: هل تواصل الولايات المتحدة سياستها الحالية التي تركز على المصالحة الوطنية، أم تفكر في مسار بديل؟

 

مفترق طرق

 

وقال التقرير: يقف اليمن عند مفترق طرق. اليمن، البلد الذي يتأرجح إلى نصفين بسبب حرب أهلية استمرت ست سنوات، تسير بشكل جيد لأن يصبح واحدًا من أخصب مناطق العالم لتكاثر التطرف العنيف وملاذًا آمنًا للجماعات الإرهابية العابرة للحدود.

وأضاف أن: الحرب اليمنية أصبحت حربا بالوكالة بين إيران و المملكة العربية السعودية، وهما البلدان التي ساعدت وحرضت خصوم الحرب سعيا وراء أهدافها الخاصة.

قتلت الحرب أكثر من ربع مليون يمني. بالإضافة إلى ذلك، لقي 150 ألف طفل حتفهم من الجوع وتركت اليمن على شفا الانهيار. يذكرنا الوضع بشكل مخيف بالظروف التي سادت أفغانستان في تسعينيات القرن الماضي والتي أدت إلى ظهور طالبان ومكنت القاعدة.

 

مصالح الولايات المتحدة

 

واستدرك التقرير بالقول إن “هناك مسار محتمل آخر لليمن، ففي الوقت الذي تكافح محادثات السلام بقيادة الأمم المتحدة لإحراز تقدم نحو مصالحة وطنية، يمكن أن يكون هناك مسار آخر طويل الأمد نحو السلام الذي يتطلب دور قيادي دولي لا يمكن أن تقوم به إلا الولايات المتحدة”.

وأضاف: شئنا أم أبينا، فإن المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط تعتمد بشكل أساسي على الاستقرار في الخليج العربي. موقع اليمن الجغرافي الاستراتيجي مهم جداً للحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة والممرات المائية الحرجة إلى التجارة العالمية، في ظل وجود جهات فاعلة غير الحكومية: سواء الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران والتنظيمات الأخرى مثل القاعدة وداعش. فيما يمكن وصفه بمزيج متفجر يمكن أن يهدد مصالح الولايات المتحدة.

وتابع التقرير: قد لا يخدم حل الحرب الأهلية في اليمن هذه المصالح فحسب، بل قد يساعد أيضًا في إنهاء أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

 

آفاق مصالحة قاتمة

 

وفيما يمكن عمله لإنجاز مصالحة وطنية يقول التقرير: نظراً للأوضاع السياسية والعسكرية السائدة على الأرض، تبدو آفاق المصالحة الوطنية قاتمة. فعلى الرغم من جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث، توقفت محادثات السلام بين الحوثيين المدعومين من إيران وحكومة عبدربه منصور هادي المعترف بها دوليًا. لقد ترسخ كلا الجانبين بشكل متزايد في مواقفهما بمرور الوقت، ويبدو الآن أن هناك القليل من الرغبة في المصالحة الوطنية.

وأضاف التقرير مشيراً إلى الدور الأمريكي الجديد الممكن: بدلاً من الضغط من أجل المصالحة الوطنية، يمكن للإدارة القادمة أن تتطلع إلى نزع فتيل الصراع بسرعة وحسم الحرب من خلال التوسط في وقف دائم لإطلاق النار بين السعوديين والحوثيين. من خلال التركيز على أهداف أكثر محدودية، مثل أمن الحدود والقضاء على النفوذ الإيراني، بدلاً من مشروع المصالحة الوطنية الأوسع الذي هو محور جهود الأمم المتحدة الحالية، يمكن للإدارة أن تبني اتفاقًا مؤقتًا ينهي العنف ويفتح البلاد أمام المساعدات الإنسانية العاجلة.

وتابع: قد يركز المجتمع الدولي عندئذٍ جهوده على إعادة بناء جنوب البلاد، حيث ظهر فراغ خطير في السلطة. الاقتتال بين المجلس الانتقالي الجنوبي –المدعوم من الإمارات- والقوات الحكومية التي يفترض أنهما ضمن قوات التحالف التي تقودها السعودي- قوضت محادثات السلام الوطنية، وخلقت ظروف مهيأة للاستغلال من قبل تنظيم القاعدة، الدولة الإسلامية (داعش)، وغيرها من الجماعات. من خلال المساهمة في إنهاء القتال، يمكن لإدارة بايدن المساعدة في منع انتشار هذا التهديد الإرهابي المحتمل. أولاً، قد يؤدي حل التحديات في الجنوب المضطرب في النهاية إلى مصالحة وطنية.

وقال التقرير: إن التوصل إلى حل سلمي للحرب الأهلية في اليمن لن يتطلب بالضرورة مشاركة أمريكية مباشرة. لا يمكن أن يُتوقع من الولايات المتحدة إدارة المطالب اليومية لعملية السلام أو إجراء دبلوماسية مكوكية بين الأطراف. إذ من الأفضل ترك هذه الوظيفة للأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن.

 

مشكلة العالم

 

ويشير التقرير إلى أن “عملية الأمم المتحدة عانت من نقص الدعم المتماسك والمستمر من الولايات المتحدة. بدون الالتزام واشنطن بنشر قوات أو تمويل كبير، لا يزال بإمكان الولايات المتحدة تقديم الكثير، وتوفير القيادة والرؤية والاستراتيجية الواضحة لإنهاء الصراع.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة تملك “أيضًا أدوات فريدة يمكن استخدامها لإكراه شركاء اليمن الإقليميين وإقناعهم والتأثير عليهم”، وأدى عدم استخدامها في الماضي إلى استمرار الصراع.

وأضاف التقرير: أن الحل السلمي للصراع في اليمن ممكن، على الرغم من أنه قد لا يحدث بدون قيادة واِلتزام من الولايات المتحدة”، والنجاح في ذلك لا يفيد الشعب اليمني فقط، بل يوفر أيضاً للولايات المتحدة الأمريكية إعادة علاقتها مع شركائها في الخليج العربي وعبر الشرق الأوسط الكبير.

واختتم التقرير بالقول: إن الحرب اليمني مشكلة العالم، والحل السلمي للصراع يمكن أن يوفر منارة قوية للأمل للدول في جميع أنحاء العالم.

 

* (كتب التقرير: دانيال إيجل وهو خبير اقتصادي وتريفور جونستون عالم سياسي في مؤسسة راند التي تعتبر واحدة من أكبر مراكز التفكير الأمريكية)