حكايا لا تُقَصّ

كريتر سكاي/خاص:

يقول المساءُ لسُكَّانِهِ:

قبل أن تُخبَزَ الشمسُ
كنتُ الرغيفَ الوحيد لكلِّ الموائدْ

وكنتُ - إذا ما مَلَلتُ -
تقمَّصتُ دورَ الطرائد 

لقد كنت وحدي رفيقَ الدخان
أُعلِّمُه فكرةَ الطيران
وأطهو على كتفيهِ القصائد

مكثتُ طويلًا وحيدًا
وذاتَ اشتياقٍ
بدأتُ ابتكارَ النجومِ الوسائد

وحينَ توهَّمتُ أني كبرتُ
تزوجتُ بنتَ الغبار
وأنجبتُ منها جميعَ المكائد

•••

يقولُ الرصيفُ لأطفاله:

أخبرتني الخطى الواثقاتُ التي عبرت من هنا
أنها زائفة

أن أصحابها 
لا يزالون في بطنِ خيباتهم مُقعدين
وحيرتُهم واقفة

أنهم - خلف هذا الضجيج -
يُربُّون رعشتَها الخائفة

أن هذا الوضوحَ ضبابٌ
وهذي الحقيقةَ وهمٌ
وذاك المدى طلقةٌ نازفة

أن كلَّ الذي مرَّ سوف يعود
وكلَّ الذي سيكونُ مُعادٌ
فلا تثقوا 
غيرَ بالخطوةِ الراجفة !

•••

تقول المتاهةُ للحائرين:

الطريقُ الذي تسلكون انتهى 
والجهاتُ التي تقصدون 
استحالت نشازًا
ولا فرق بين التخبُّط والاهتداءْ

الذهابُ هنا كالمجيء
وطعمُ السعادةِ - يا فتيتي - مثلُ طعمِ الشقاء

الترابُ خفيفُ اللُّزوجةِ
والهمُّ أكبرُ من صبركم
والهواءُ هنا ليس يُشبهُ شكلَ الهواء

والزحامُ كثيفٌ وأكثفُ منه العَراء!

فاهدؤوا يا صغاري
وصُفُّوا كؤوسَ ارتباكاتكم
إن أصدقَ ما في الوصولِ الغباء !

•••

تقولُ الرصاصةُ وهي تشقُّ الفراغَ لصدرِ ضحيَّتِها:

آن لي أن أناما !

أن أودِّعَ وحشَ التأوُّلِ والاحتمالات
أقتنصَ الومضةَ الاختتاما

لقد آن أن أطفئَ العبثَ الانتظار
وأن أستريحَ تماما

وقبلَ الدخول لصدرِ الضحية، تهمسُ:
آسفةٌ، سيدي !
ليس لي - يا قتيلي - من الأمر شىءٌ
ولا شيءَ بيني وبينك، يا سيدي
لستُ أعرفُ ماذا فعلتَ؟
ولا ما هو اسمُكَ؟
ما اسمُ الذي قد رماني على صدرِكَ الآن؟  
ما اسمُ المكان؟
وما اسمُ المُهمَّةِ؟
تائهةٌ مثلكَ الآن، يا سيدي 
لا أجيدُ الخِداعَ الكلاما

وقبل الخروج
تُطأطئُ سرعتَها
و تكثِّفُ حسرتَها لليتامى !

•••

أقولُ لما بقيَ الآن مني:

ستَكْذِبُكَ الفُرصُ القادماتُ
سيخذلُكَ الأخرون وأنتْ

سيُرشدُك الطفلُ فيكَ
لكلِّ الفضيلةِ
ثم سيُغويك غدرُ الحياةِ وأنتْ

ستمنحُكَ اللغةُ البكر أسرارَها
ثم يفشيك للعالم المتحلِّلِ
هذا السكوتُ وأنتْ
 
وتخبرُكَ الريحُ
أنك مهما اشتعلتَ 
سيطفئُك الراحلون وأنتْ

لذا 
 لا تفكِّر طويلًا
 ولا تتذكَّر كثيرًا
فإن عِشتَ كُنتَ
وإن لم
...
فكُنتْ !!
———————
عبدالإله الأهدل