مسؤول حكومي يكشف معلومات جديدة عن كورونا في اليمن

كريتر سكاي/خاص:

فيما الجائحة تسحق الهند... انحسار حاد للمنحنى الوبائي مع ضعف الاقبال على لقاح الكوفيد19 وانعدام الإجراءات الاحترازية يجعل اليمن تدخل مرحلة "عدم اليقين الوبائي"   فماهي التوقعات والاستجابة لها.

لا زالت جائحة الكوفيد-19 حاضرة بكل ثقلها في كثير من دول العالم، في حين تنخفض شدتها في دولة ما نراها تظهر بكل عنفوانها في دولة أخرى رغم اننا تجاوزنا سنه أولى جائحة. وما تتناقله وسائل الاعلام والتقارير الدولية عن الوضع الوبائي في الهند (أكبر تجمع بشري في العالم) ومئات الالاف من الإصابات (أكثر من 19 مليون حتى الان) و الوفيات (أكثر من 200 ألف وفاه)  يجعلنا نستنتج ان الجائحة لا زالت تشكل خطرا بيولوجيا عالميا.

حسب موقع منظمة الصحة العالمية (تحديث 27 أبريل 2021م) فان الأسبوع الماضي تضاعفت حالات الكوفيد-19 عالميا ب 5,7 مليون إصابة (8%) و87 ألف وفاه (5%) عن الأسبوع الذي قبله وهي زيادة متواصلة على مدى الأسابيع التسعة الماضية.  ورغم ان بعض الأقاليم سجلت انخفاضا في الإصابات الا ان الزيادة في الأسبوع الماضي تعزو للانفجار الوبائي في جنوب شرق اسيا بزيادة قدرها 48% من الإصابات و81% من الوفيات وخصوصا الهند التي شكلت نسبة 38% من حالات الكوفيد-19 عالميا. معروف جيدا انتشار كل سلالات فيروس كورونا المثيرة للقلق في الهند (السلالة البريطانية وسلالة جنوب افريقيا والسلالة البرازيلية) وأخيرا تم التعرف في ديسمبر 2020م على السلالة الهندية ((B.1.617 ورغم الاعتقاد بان السلالة الهندية لها دور ما في الموجة الثانية التي تشهدها الهند حاليا الا ان منظمة الصحة العالمية لا تعتبر هذه السلالة من نوع مثيرة للقلق (Variant of Concern) على الاقل حتى كتابة هذا المقال!

تتميز جائحة الكوفيد-19 عن غيرها من أوبئة السارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية بانها ذات معدلات حدوث مرتفعة جداً (تجاوزت حاجز ال 152 مليون حالة عالميا حتى الاول من مايو 2021) ومعدلات وفيات متدنية جدا (2-3% عالميا) ومع توالي الدراسات بفعالية اللقاحات المطروحة حاليا وتوسع التغطية باللقاحات خصوصا في أمريكا وأوروبا مع إجراءات احترازية تتفاوت من دولة الى أخرى يبشر ذلك بانحسار الوباء في بعض الدول الا ان ما حدث من تفشي كبير للجائحة في الهند أعاد التفكير الى استمرارية الجائحة الى حين.

الوضع في اليمن شاذ وبائياً، فالمنحنى الوبائي يشهد انحساراً حاداً في الأسابيع الأخيرة ومعدل الحدوث التراكمي قليل جدا (اقل من 2/100,000) مع ارتفاع معدلات الوفيات بصورة قياسية (معدل الوفيات للأسبوع الماضي هو 24%) وهو أمر لا يتوافق مع المعطيات الوبائية عالميا ولا مع دول الإقليم بل ولا مع الدول التي تشهد ظروف طوارئ وحرب وأزمة انسانية مثل سوريا والصومال. لا يمكن تفسير انخفاض شدة الموجة الثانية بقدرة النظام الصحي على السيطرة على الوضع الوبائي و لا بإجراءات احترازية معدومة أصلا و لا بفعالية حملات التطعيم  بلقاح الاسترازينيكا حيث بلغت نسبة التغطية باللقاح (الجرعة الأولى)  للعاملين الصحيين 19% و لكبار السن 4% خلال الأسبوع الأول من انطلاق حملة التطعيم و رغم بعض المحافظات تشهد تغطية مقبولة مثل البيضاء ( 73% للعاملين الصحيين) و شبوة (66% للعاملين الصحيين) و سقطرى (52% للعاملين الصحيين) و مأرب (128% للعاملين الصحيين و هو رقم يحتاج الى مراجعه) بينما المحافظات الأكثر تأثيرا في المشهد الوبائي لا زالت التغطية باللقاح ضعيفة جدا مثل عدن (8% للعاملين الصحيين) و حضرموت (من 2 - 6 % للعاملين الصحيين) و تعز (22% للعاملين الصحيين).

قراءة المعطيات الوبائية والوقائية أعلاه يثير سؤالاُ وبائيا مشروعا على اتجاه الجائحة في اليمن، فلا يمكن لعمليات التطعيم البطيئة ان تحقق مناعة جماعية بنهاية عام 2021م ولا في بداية عام 2022م إذا استمرت بهذه الوتيرة و عدم اقبال الناس على التطعيم، ولا توجد مناعة طبيعية مضمونة، والاحتكاك وتنقل المواطنين والمسافرين شي صعب التحكم فيه، مع ان أجزاء كبيرة من اليمن أما انها لا تبلغ رسميا او لديها ضعف في نظام التبليغ. فالوضع الوبائي في اليمن لجائحة الكوفيد-19 يتسم حالياُ بعدم اليقين وضبابية التوقعات. فالتوقعات بموجة ثالثة ورابعه مع ضعف مستويات المناعة الجماعية أمر لا يمكن استبعاده، بينما الانحسار النهائي للجائحة لا زال بعيد المنال إقليميا و محليّاً.

فاليمن مع وضعه الإنساني المخيف فهو في موقع الاستسلام لأي تغيُّر في مزاج الجائحة ولا ندري هل سنعيش نهاية الجائحة نهائيا أم لا. فالمتاح لدى الحكومة والمنظمات الدولية الداعمة والسلطات المحلية هو تعزيز استمرارية مراكز العزل والعناية المركزة لأي طارئ لسنتين قادمتين على الأقل حتى تثمر حملات التطعيم بمناعة جماعية.

 

أ.د. عبدالله سالم بن غوث

أستاذ طب المجتمع بجامعة حضرموت

مستشار وزير الصحة للوبائيات