ليس تمجيداً بهادي بل تذكير للعقل الباحث عن وطن.

على خلفية حالة الهذيان التي أصابت بعض منافسي الرجل، وخصومهً على الساحة، والتي انتقل معها أولئك الخصوم من مربع الحرب السياسية معه إلى مربع الشتيمة واللجوء إلى الدعاء على الرجل حيناً بالموت وأحياناً بما تصيغه خيالات وأحلام وأماني هؤلاء، نقرأ هذه الأيام على واجهة الإعلام اليمني عامة والجنوبي خاصة (شفاه الله وعافاه) مقالات للبعض تطرح تساؤلات عجيبة مثل:-


ماذا لو مات هادي؟

ماذا لو اعترف ورثة عفاش ممثلين بولده وخليفته أحمد المدعوم إماراتياً بالرئيس عبدربه؟


لن أغوص في عمق جب التحليل اليمني والجنوبي الذي يعاني كثيراً من آلام مفاصل غياب الاستقلالية وتفشي وباء التمترس والتشيع السياسي وسأحاول الإجابة بالبديهيات.


فإذا مات الرئيس عبدربه، فستكون هناك مراسيم دفن تليق بالرجل هذا أولاً، وبعدها سيوارى الرجل الثرى (والموت حق على كل الأحياء) وبهذا سيكون الرجل قد تخلص من هم نخب أقرب وأكثر ما تتميز به هو الهيام في الانقسام والتشرذم الذي ممكن أن يصل حد الانقسام على خلفية مأدبة فطور أو غداء أو عشاء هنا أو هناك.!


بعد ذلك، ستتسابق تلك النخب على إصدار البيانات، وكعادتها ستنقسم، فهناك من سيتجاوز المبدأ الأخلاقي القائم على (أذكروا محاسن موتاكم) وسيتهم الرجل بأبشع عبارات التخوين والتقصير منطلقاً أما من تشيعاً لطرف أو تمترساً لمنطقة، وهناك من سيلتزم بالمبدأ الأخلاقي ويذكر محاسن الرجل ويعترف بجهودة، وهناك من سيلتزم باستخدام وتوظيف الآيات القرآنية ولكنه لن يكون منصفاً، وبالتالي لن يرتقي إلى قدسية تلك الآيات القرآنية الكريمة.


وفيما يخص اليمن، سيزداد الوضع تعقيداً وتفرض حلولاً جديدة تمزّق هذا البلد كان الرجل يشكل عائقا أمام تنفيذها، وسترتفع أسهم بعض الأطراف في التحالف والادوات التابعة له وتنخفض أسهم أطرافاً أخرى ويضاف صراع جديد إلى كم الصراعات الكبيرة التي تعصف بهذا اليمن وملامح هذا الصراع الجديد تتجسّد في من سيخلف الرجل.؟


بموت الرجل سيفتح باب شر كان يجتهد في إغلاقه، وستظهر تحالفات جديدة لا يشغلها حال اليمن وأهله بقدر ما يشغلها حال القوى المتصارعة على الحكم، وأين تكمن انتصاراتها وإخفاقاتها.


بموت الرئيس هادي، سيكون للصراع وجه آخر أكثر بشاعة وسيكون الطريق للوصول إلى حل يخدم اليمن طويلاً ومعقداً، فالرجل كان يشكل قوة توازن بين المتشددين في شرعيته والمتشيعين لمذاهبهم وقراهم ولمناطقهم ومحافظاتهم ولاحزابهم في الأطراف الأخرى.


إذا مات الرجل، كما يتمنى له خصومه الذين عجزوا عن مواجهته سياسياً واتجهوا للدعاء عليه، ستسقط ورقة أخرى عن عورة الحكمة اليمانية، وستغوص هذه الحكمة وأصحابها إلى عمق المستنقع الذي كان يحرص الرجل على بقائهم على ضفافه ويمنع سقوطهم فيه.


أما بخصوص التساؤل عن: ماذا سيحدث لو اعترف سلسال عفاش بالرئيس عبدربه؟ 

فأول حقيقة ستتجلى هي الاعتراف بشرعية الرجل، وثاني حقيقة هي اعتراف أولئك الورثة بأن رمزهم ومرجعيتهم كان ضالاً. ثالث حقيقة ستتجلى هي نمو قوة الشرعية لانها ستكون قد كسبت معركتها ضد أحد طرفي الانقلاب وهو طرف عفاش، وستنخفض درجة سخونة الخلاف بين الإمارات والشرعية لأن الإمارات ستطمئن أنها أخيراً أوجدت البديل لأداتها الأولى التي أخفقت في أن تخلق علاقة سوية بالشرعية ووجدت أداة جديدة تقوم بدور السمسار لها والحارس لمصالحها في هذا البلد.!


أما جنوبياً، فبموت الرجل سيفقد الجنوب سيفاً من سيوفه، وستضعف الجبهة الجنوبية لأن هادي وعلى رغم الاختلاف معه كان ومازال يشكل رأس الحربة في قوة الجنوب الحالية، وصانع حالة التقدم الملحوظ للقضية الجنوبية، وسبب رئيسي ومباشر للسيطرة الجزئية على الأرض لأبناء الجنوب.

ستزداد الهوة الجنوبية الجنوبية وقد تصل حد المواجهة المسلحة المباشرة، لأن الرجل هو من يمنع الصدام ويتسامح مع الطيش الجنوبي ويتجاوز عن الهفوات في حقه والتي كان آخرها أحداث الأسبوع الأخير من يناير 2018م.


ستزداد حمى التدخل الإماراتي في الجنوب، وستذهب بعض الأراضي والجزر خارج السيادة الجنوبية، فالرجل كان يشكل حاجز صد مانع أمام تطلعات بعض الأخوة في «التحالف» وطموحهم في فرض الوصاية على الممرات المائية والجزر والمنافذ البرية والبحرية الجنوبية، والدليل على ذلك حالة العداء مع الرجل التي لم تخمد نيرانها منذ العام 2015م حتى اللحظة.


سينخفض الصوت الجنوبي بعد رحيل الرجل، وسيرتفع صوت الوكيل الجديد والأداة الجديدة الممثلة بطارق عفاش، ومن يمثلهم، وسيكون الخطاب وحدوياً شمولياً، وسيغيب خطاب الدولة الاتحادية والمبادرة الخليجية والقرار 2216، وسيكون على أبناء الجنوب تجهيز السلاسل ليقوموا بجلد ظهورهم لعجزهم في فهم ما يدور حولهم ،وعجزهم عن استغلال الفرصة التي منحهم إياها الرجل.

مقالات الكاتب