رحل السبسي فهل سترحل التجربة التونسية؟!

  يوجد في تونس ثلاث مدارس فكرية سياسية كبرى، هي: المدرسة البورقيبة وكان يمثلها الرئيس الراحل السبسي، ومدرسة يوسف بن صالح ويمثلها الثوريون العروبيون ورمزها الحالي الرئيس السابق المنصف المرزوقي، ومدرسة عبدالعزيز الثعالبي الإسلامية ووريثها اليوم حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي.

  نجح الثلاثة (السبسي والمرزوقي والغنوشي) خلال ثمان سنوات من عمر ثورة التغيير في تحويل الصراع بين المدارس الثلاث إلى صراع تنوع نسبي، بعد أن ظلت تونس -كغيرها من البلاد العربية- تعاني عقودا من صلافة الاستبداد والإقصاء. 

  في ظل زعامة السبسي والمرزوقي والغنوشي لمدارسهم الثلاث نجحت تونس في تقديم نموذج عربي فريد في صناعة التغيير السلمي وفي التداول الديمقراطي للسلطة وأخيرا في سلاسة الانتقال الدستوري لمنصب الرئاسة، ففور وفاة الرئيس قبل يومين تمت مراسيم الرئاسة الجديدة دون إعلان حالة طوارئ ولا حدوث أزمة على وراثة الحكم، على عكس ما هو حاصل في معظم البلدان العربية.

  لقد رحل السبسي، وبالتأكيد لن ترحل معه المدرسة البورقيبة، كما لم ترحل المدرستين الأخريتين؛ الثعالبية واليوسفية، وبالتالي سيظل مستقبل تونس مرهونا بمدى قدرة تلك المدارس الثلاث بزعاماتها القادمة  في الحفاظ على تركة ثمان سنوات من هذه التجربة الديمقراطية الفريدة عربيا . وتعتبر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة هي المحطة المهمة في قياس ذلك النجاح وفشله.

  علينا في البلاد العربية أن لا نتوقف كثيرا عند مظاهر حدث وفاة الرئيس السبسي أو عند شكليات الانتخابات القادمة، ولكن علينا أن نقرأ هذه التجربة التونسية بعمق ونستفيد منها في إدارة مراحل الانتقال السياسي الذي تنتظره بلداننا.

مقالات الكاتب

وقفة تأمل.. بين حشدين!

موسم كأس العالم لكرة القدم ينعقد مرة كل أربع سنوات، ويحتشد فيه حوالي مليون شخص من المشجعين، وتستنفر...

العصبية.. رهان خاسر

ما أجمل وسطية الإسلام حين علمنا أن لا نغلو في الدين، وأن لا نتطرف في الأفكار والسلوك، وأن لا نقابل ا...