أغضبوا مرة أخرى لعيون محليات التبعية!

في عهدكم مات الغضب..

سكنت شرارات اللهب..

ومن ثقافتكم تشبعنا..

بفن الصمت..

ومعنى الكبت..

وهيام تقبيل الركب!


بعد أن أضاعوا بوصلة خط المثالية في توظيف غضب أبناء الجنوب، على مدى سنوات نضالهم، التوظيف الثوري الايجابي، يعود إلينا مرة أخرى سماسرة الثورة الجنوبية ليطالبوننا بغضبة أخرى، وهذه المرة لأجل عيون محلياتهم!


كالعادة في الخطاب المعلب المستورد المهزوز، تأتي المفردات والجمل متناغمة مع الحالة النفسية للمؤدي لها، ونجد أنفسنا نقرأ في خطاب محليات الاتباع عبارات لا علاقة لها بالخطاب الثوري الذي تحاول هذه المخلوقات أن تتقمص عباءته، فنجد عبارات كـ«... إن ما نحتاجه فقط هو أن نغضب مرة أخرى!)، هنا الوكيل المحلي يعترف أن الجنوب وشعبه ينعم بالهدوء بعد ثورة غضب بدأت العام 1994م، حين كان رعاة هذا الخطاب ما زالوا يرون في الثوار شرذمة فقدت مصالحها (على دين ملكهم)، ويرى هذا الثائر الملحق أن علينا أن نغضب مرة أخرى لكي يتمكن من تصحيح وضع تبعيته، التي باتت تأتي في الاحتياط بعد تبعية طارق عفاش ومن يمثلهم.


هذا الخطاب يؤكد اتساع رقعة المسافة التي تفصل بين الخطاب الثوري وخطاب الكذب والتدليس، الذي يستطيع المتابع أن يضبط سقطاته من خلال ادعاء أصحابه بأنهم من أوصل القضية الجنوبية إلى الدوائر الدولية، في الوقت الذي يدرك هؤلاء الاتباع ومطبليهم أن الحراك الجنوبي هو من تبنى إظهار القضية الجنوبية إلى السطح، وماقرار 2140 إلا دليلاً يفند ادعاءات أولئك الاتباع؛ فالخطاب الثائر دائماً يطالب باستمرار الغضب، ويتجاهل أي مفردة تشير إلى توقف ذلك الغضب، ولا يعرف مفردات (المرات) التي أتحفنا بها خطاب ثوار محليات الاتباع!


شعبنا الجنوبي لا يعاني الضغوط من اليوم، كما أشار خطاب المقصرين في سبر أغوار تاريخ ثورة الجنوب الحديثة، ولكنه يعانيها منذ توقيع اتفاقية وحدة الهروب الكبير لأسلاف رعاة هذا الخطاب في 22 مايو 1990م، والتي وقعت في ليلة لم يتبعها نهار، في حالة من حالات الرق الجماعي التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً. وإذا كان هناك ضغوطاً اليوم، يتحدث عنها هذا الخطاب، فإنما هي ضغوطاً خاصة يعانيها جماعة هذا الخطاب، الذين قسموا أنفسهم إلى جماعات وفرق توزع ولاءها على قبائل ودول الإقليم، لا لخدمة الجنوب وقضيته ولكن لتقديم الخدمات مقابل اختطاف هذا الجنوب مرة أخرى، وإعادة إحياء ذكرى مآسيه واستعبادة والعبث بتاريخه!


ونجد أن خطاب الأتباع قد أغفل حقيقة، تحت مؤثر الجهل بمفردات الخطاب الثوري، تلك الحقيقة أن من يغضب هو من يحدد مسارات ونتائج ذلك الغضب فالقول: «... إننا غضبنا في العام 94م وانهزمنا...»، هو قول غير سوي دلالة ومعنى، ويؤكد أن المتحدث به كان في ذلك التاريخ في جبهة غير جبهة الجنوب، فالأولى أن نتحدث عن التاريخ كما هو، لا كما نريد، والحقيقة أننا تغاضينا في العام 1994م وانكسرنا... تغاضينا عن استحقاق المصالحة الوطنية الجنوبية في العام 1990 خضوعاً لرغبة بعض العقول، التي كانت وما زالت تستهويها فكرة إلغاء الاخر الجنوبي، وعدم منحه حتى حق العيش في وطنه، الأمر الذي مكن عقلية عفاش من التعاطي معهم، وبهم دك أسوار الجنوب علينا، ولم تجد تلك العقول سوى طريق جيبوتي والصومال لتتولى قبلتها، وقبلها تغاضينا وألغينا عقولنا أمام ضرب اللواء الثالث مدرع في عمران، ولواء الشهيد باصهيب في ذمار أمام أعيننا، وفررنا إلى عدن لنجعل منها ساحة قتال، وقاتلنا بمجموعة من أفراد الأمن المركزي أو حراسة النائب في الصولبان!


نحن غاضبون منذ العام 1990م، وسنستمر في غضبنا حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، وسنحرص أن يكون غضبنا إيجابياً، وأن يصب في الدعوة الى ضرورة المصالحة الوطنية الجنوبية، والتقارب الجنوبي والقبول بأبناء الجنوب بمختلف اتجاهاتهم ومشاربهم، ولن يكون الغضب كما تأملون وتخططون لإحراج «الشرعية» بعنصرها الجنوبي، وممثلها الرئيس هادي لتصفية حسابات مناطقية أو شللية أو غيرها من الحسابات الهزيلة، ولن يكون الغضب جواداً تمتطون صهوته لتصلوا إلى احلامكم المريضة في الحكم، كما أن الغضب لن يكون لإرضاء الكفيل، ولن يكون الغضب لإنتاج المزيد من العذابات لأهلنا في عدن والمحافظات المحررة. أما أنتم ومن على شاكلتكم، فغضبكم سيكون على (مرات) تتناسب وسياسة العرض والطلب التي رهنتم أنفسكم لها، وسنسمع منكم في المستقبل بعد كل هبة غضب مطالبة أخرى بغضب آخر، ثالثاً ورابعاً وخامساً، لأن الغضب عندكم يصب في اتجاهات لا دفاتر محاسبية لها، ولا تخضع للحسابات الختامية وميزان المراجعة، وبالتالي تضل عبارة عن حالات غضب لا تفسير لها ولا يعرف لها ربحاً من خسارة!


الجنوب غاضب ليس من صلف العابثين به وبمعيشته فقط، ولكن من سقوطكم المشين وتبعيتكم المقرفة وتوظيفكم لمعاناة أهله التوظيف الوصولي السيء.

مقالات الكاتب