الرئيس علي ناصر علاقات تحكمها الندية ومشروع وطني جامع !!
في زمن غياب المشروع الوطني الحقيقي وانتشار المشاريع الصغيرة فئويا ومناطقيا وعائليا وفي زمن اغتراب ال...
الحقيقة أنني مندهش من ردود أفعال البعض التي تلت خطاب الأخ رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي بشأن معالجة معضلات الكهرباء، وتوقيع اتفاقية التفاهم مع شركة «جنرال الكتريك الأمريكية»، وذلك بواسطة شركة «بترومسيلة» لبناء محطة كهرباء عدن، التي ستغطي محافظات عدن ولحج وأبين، والتي شملت أيضاً التوقيع على محطة تقوية كهرباء محافظة حضرموت ،
ومصدر الدهشة أننا أصبحنا أمام وضع غريب يعادي فيه البعض أي نشاط يخفف من معاناة المواطنين في الجنوب، الذين تحولت حياتهم إلى جحيم في ظل صراع خاص جدا بين أدعياء ثورة اختلطت وتداخلت عليهم مفاهيم تلك الثورة، وبين بقايا دولة تحاول النهوض مرة أخرى لتعيد البلاد والعباد إلى واجهة المشهد الدولي، وتفرض وجودها على خريطة يحاول الكثير محليا وإقليميا ودوليا بشتى الطرق محو معالمها وإلغاء وجودها، وتحويلها إلى مجرد كيانات تمثل حدائق خلفية لتلك الأطراف المتصارعة!
لم يجف بعد حبر التوقيع على مذكرة التفاهم بشأن الكهرباء ولم يختف بعد صدى صوت مفردات خطاب السيد الرئيس هادي، الذي حمل بشرى وضع الحلول لهذه المعضلة التي أثقلت كاهل أهلنا في الجنوب وحولت حياتهم إلى معاناة دائمة، ما لبث البعض أن نزل إلى ميدان التحليل وقراءة طالع الرئيس والاتفاقية والشركة الأمريكية، وكذلك «بترومسيلة»، فذهب البعض كالضيف الذي تقدم له فنجان القهوة فيرفض أن يشربها، وينشغل بالكأس الذي قدمت له فيه القهوة!
العجلة في تقييم العمل قبل بلوغ الأهداف التي وجد لها هذا العمل، أمر فيه الكثير من غياب العقلانية والموضوعية، وحتى العدل أيضاً يغيب في مثل ذلك التقييم، ومع ذلك يصر البعض على التنبوء بنتائج الفعل وهو ما يزال حبراً على ورق، ومثل هكذا ثقافة وتقييم تساهم كثيراً في إفلات المتعهد من تعهداته. فعندما يأتي أي جنوبي وباسم الثورة يرفض مثل هكذا إنجاز، أو على الأقل مثل هكذا نية للعمل، بحجة أن الشركة الأمريكية غير موثوق بها من ناحية هذا الثائر أو جماعته أو مكونه، أو يبني رفضه لأن «بترومسيلة» غير مؤهلة من وجهة نظر مكونه أو جماعته لتوقيع مثل هذا الاتفاق، لأنها من وجهة نظر ذلك المعترض تمثل التاجر فلان أو غيره من رجال المال الذي يزعجه يمنيتهم أو لايروق له نجاحهم، أو يأتي ذلك الرافض للفعل هذا ليبني رفضه على حجة أن «الشرعية» ممثلة بالرئيس هادي هي من وقعت ذلك الاتفاق وأعلنت عنه، وهو يرى بقريحته الثورية أن كل ذلك يتعارض مع أهداف ثورته الخاصة جداً.
كل تلك وما شابهها من حجج الرفض لدى البعض لا تصب في مصلحة الجنوب ومواطنيه، بل إنها تساهم في زيادة معاناتهم، فمثل هذا المعترض ومثل هذه الحجج تسقط عندما تظهر حقيقة أن معاناة شعب الجنوب هي نتيجة صراع غير شريف، تقوده بعض الجماعات التي تزين خطابها بمفردات الثورة في مواجهة شرعية الدولة التي ما زال الجنوب إلى الآن يشكل جزءً منها، كما أن هذا المعترض النزق يتناسى حقيقة أخرى، وهي ان مكونه او جماعته التي تغسل دماغه ليلا ونهاراً لا تمتلك شركات ولا مؤسسات تستطيع من خلالها الحلول مكان الدولة والإيفاء بمتطلبات الناس!
المواطن البسيط الذي تطحنه الحياة في معركة متطلباتها اليومية، لا يهتم كثيرا بالمتمترسين في خنادق المصالح، ولا يهتم بالخطاب الكاذب أيا كان مصدره كما لا تعنيه الشعارات، وكل ما يهمه يتمثل بالحياة الكريمة والأمن والأمان وتوفير متطلبات الحياة، التي أبسطها توفير الكهرباء والمياه. فَلنَدَع من باستطاعته الإيفاء ولو ببعض تلك المطالب ونحاول مساعدته، فالمعذبون هم أهلنا، وليبقى كل منا في خندقه إذا كنا نصر على الاستمرار في التخندق ضد بعضنا، ونرفض الالتقاء والتوافق الذي حتماً سيكون محطتنا الأخيرة، مهما حاول البعض الهروب منها والاستقواء بالخارج على فرقاء الوطن!