مدرسة العريش، فساد جاوز المعقول !

الإهمال و التفلت يضرب بأبشع الطرق مستقبل أطفال مدرسة العريش الابتدائية. مدرسة مهمشة في حيّ أريد له أن يكون مهمش. أطفال في الصف الثالث لا يجيدون تحريك الحروف و آخرون لا يجيدون العد. مأساة تصنع منها تربية خورمكسر ١٤٠٠ قنبلة موقوتة و مادة خام للإرهاب، البلطجة و المخدرات في واحد من الأحياء الأقرب إلى مطار عدن و مرافقها الأمنية.

شواهد من داخل المدرسة :

- ترتفع المدرسة لثلاثة أدوار متربعة وسط مساحات واسعة تملؤها النفايات المتراكمة منذ أشهر. يسكن في حجرة عشوائية جوار بوابتها حارس المدرسة مع عائلته و ليس بعيداً عن حجرتهم ارتفعت أساسات بناء عشوائي جديد. لدينا الحارس و مسكنه في المدرسة، لكن مقتنياتها تُسرق و تُخرب سنوياً. 

المشكلة هنا أن الإدارات التي تعاقبت تعاملت مع الوضع ب "قَبيلة" و سترت فضائح الحي المأزوم بشبابه العاطل و غطت على عمليات السرقة و التخريب المنظمة. 

مقتنيات المدرسة عبر الأعوام الماضية نوعية و ثمينه، جلها تبرعات تفضلت بها منظمات دولية. ضمنها كانت تجهيزات معمل حاسوب، مكيفات و حتى مراوح. كلها سُرقت أو تم تشليحها و تحتفظ المدرسة بهياكل الأجهزة المفرغة و قطعها المخربة شواهداً على خيبات الإدارت المسؤولة ابتداءاً من المدرسة و حتى المحافظة. 

الحال كل صباح مدرسي ليس أفضل. تمتلئ الصفوف الدُنيا عن أخرها بمئة طالب أو يزيد. طلاب يتكدسون كل أربعة في طاولة داخل حجرة بلا مراوح أو إضاءات. قد تجد سبورة في الصف أو قد تجد نصفها فالطلاب الأكبر سناً أعتادوا على تخريب مقتنيات المدرسة دون رادع. 

تقاليد العريش المقدسة: لا عقاب و لا ترسيب. لم يرسب طالب في المدرسة حضر أم لم يحضر، قرأ أم أنه يجهل القراءة في الأول أو في التاسع. يتحدث بعض الإداريين الجدد عن شهادات زُورت داخل المدرسة و أسماء وهمية صرفت لها شهادات دون سجلات!

المدرسة بحجراتها و مساحاتها الواسعة تفتقر للمعلمين. المعلمون الذين دُست بين قوائمهم عبر السنين مجموعة من المنتفعين  باسم المدرسة.
درست في المدرسة أخواتي الثلاث و يذكرنّ أسماء معلمات و إداريين أخرهم أ. أكرم حريري ممن صنعوا فرقاً و ساروا بمئات الطلبة عكس التيار. التيار الذي يتيح للمدرسين التغيب و التسرب من الدوام دون رادع و يتعايش مع وضع فيه مئات الطلبة وقت الحصة الدراسية من فراغهم يفترشون الممرات و الساحات بانتظار المعلم. التيار الذي لم يجد من يسائله أو يردعه.

يضاف هذا كله لحال من الفقر و البؤس في الحي الذي تقطنه أغلبية انتقلت من الريف في السنوات العشر الأخيرة تحت وطأة الفقر و الحروب المتتابعة. أولياء الأمور هنا في الأغلب أميون بدرجات متفاوتة و فقراء يعتمدون بالكامل على المعلم و المدرسة في توفير فرص حياة حقيقة لأبنائهم. يشتري هؤلاء الحقائب، الألبسة و الكتب و يرسلون أبناءهم بعد جهد جهيد ليضيعوا في ممرات المدرسة السائبة.

باختصار مدرسة العريش حافة من جيز الحوافي و شارع من جيز الشوارع، لا معلمين و لا انضباط و لا حساب. و ١٤٠٠ طالب هم نسياً منسياً.

شهادات أ. منى ناصر - معلمة في مدرسة العريش.