مدنية الدولة وأزمة الإرث التاريخي للعرب

فشلت الصهيونية ومن خلفها حلفائها في حروبهم ضد العرب ابتداء من الحرب المباشرة على مصر وسوريا مرورا باجتياح العراق ماجعلها تستخدم  اسلوب اكثر خطورة وهو إثارة الفوضى داخل الدول العربية متخذين اساليب متعددة أبرزها استخدام الجماعات الاسلامية التي اتخذت من الخطاب الطائفي كوسيلة لتفتيت الوحدة الاجتماعية للدول العربية.

لتحقق الصهيونية مشروعها التدميري بحق الشعب العربي وتحول الإعلام المرئي وسيلتها لتهيج النسيج الاجتماعي على أنظمة الحكم تحت عنوان الحرية والديمقراطية وهو عنوان لم يجد طريقه لدى الشارع المتأثر بالخطاب الطائفي اكثر من اي خطاب سياسي 

ولن يسمح بتحقيق الحرية والديمقراطية لعوامل عدة أهمها غياب المفاهيم وآلياتها المنهجية وعدم جاهزية الشعب وغياب رؤية سياسية نابعة من قناعة الشارع والنخبة التي تولت قيادته هي نخبة أنتجها الإعلام صدرها للعلن وجعل منهم قيادات لتنتهي تلك الثورات وما حملته من شعارات الى معضلة خطيرة افقدت الدول المنكوبة به فلا حققت مشروع الدولة المدنية المبنية على أساس النظام الديمقراطي ولا حافظت على وحدة شعبها لتتحول كلا من اليمن وسوريا و ليبيا الى دولة تتنازعها حكومات منقسمة تعمل لحساب أطراف دولية وإقليمية على حساب نسيجها الاجتماعي ووحدة جبهتها الداخلية.

كان من الواضح فشل الربيع العربي وكانت نتائج الفشل وخيمة وكارثية لغياب رؤية سياسية وقيادات تؤمن به.

 فمدنية الدولة ونظامها الديمقراطي ليس شعار يهتف به العامة وإنما مشروع مبني على لوائح ونظم تعمل على ترسيخ المفاهيم وحمايتها بقوانين صارمة تعمل على التمهيد لتحقيقها .

وهو مالم نستطيع تحقيقه فنحن شعوب لم نتمكن من مغادرة صراع القرن السادس والسابع المعروف بصراع السنة والشيعة ومن له أحقية الحكم .

فكيف باقامة نظام ينهي تلك المفاهيم الراسخة في عقلية الشارع خاصة الشارع العراقي والبناني واليمني .

ولتكون اليمن عبرة فخطاب المدنية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة انتج سلطة دينية في صنعاء تدعي أحقية الحكم باعتبارها حق الالهي .

وسلطة بعدن تدعو الى اعادة اليمن لزمن التشطير والانقسام، وفصيل السلطة الشرعية التي تجد نفسها ضحية لتلك النتوءات والأمراض المزمنة التي أثبتت صعوبة جاهزية اليمن للنظام الديمقراطي المبني على مدنية الدولة وهو شعب غارق في تفاصيل معارك صفين والجمل وعلي ومعاوية.

الى جانب غياب روح الهوية الوطنية سقط نظام الفرد ليحل محله نظام الحق الإلهي في الشمال اليمن ونظام  المنطقة والقبيلة .

لتجد السلطة الشرعية نفسها في حالة من الارتباك وهي تشاهد حجم الانقسام بين المحسوبين عليها يوجهون حرابهم الى صدرها لا الى صدر عدوا حقيقي لليمن بكل اطيافه والمعروف بـ الحوثية

مقالات الكاتب