خطوات خارج قفص التجهيل (الخطوة37)

(1)
هناك تسريبات متكررة قديمة متجددة عن حراك في العاصمة الرياض لتنصيب نواب للرئيس هادي يمثلون بعض المكونات اليمنية في الشمال والجنوب وغيرها من الجهات الجغرافية ، وعن توجهات لتقليص ما أبقى التحالف من صلاحيات للرئيس هادي وتمكين تلك المكونات ونوابها من تلك الصلاحيات في خطوة إن تمت ستكون بمثابة النعي لمشوار الرئيس هادي السياسي وبوابة لصراعات جديدة بمبررات قديمة متجددة.

(2)
من وجهة نظرنا فالاقدام على مثل هذه الخطوة وتعيين أولئك النواب خارج إطار الدستور وخارج سياق مؤتمرات وطنية جنوبية وشمالية سيكون بمثابة صب الزيت على النار ولن يفضي إلى أي استقرار لا في اليمن ولا المنطقة خصوصا أن الأسماء المستهدفة بتلك التسريبات تفتقد إلى المشاريع الوطنية وتعتبر مجرد وكلاء لاطراف الإقليم المتصارع في اليمن  .

(3)
تكمن صعوبة فرض اوصياء (نوابا للرئيس) اولا: أنها تأتي من خارج التوافقات اليمنية شمالا وجنوبا ، وثانيا:  أنها تتجاهل واقع أسباب الصراع ذاته والذي يخيم على اليمن، فهناك صراعات داخلية تعصف بالمكونات التي تسوقها أطراف الإقليم لتفرضها على اليمن ، بعضها يحمل امتدادات تاريخية والآخر يمثل صدى لصراعات الإقليم في اليمن اليوم والتي تمثل تلك المكونات الوكلاء لها !!

(4)
هناك صراع داخلي جنوبي تعود بداياته إلى ستينيات القرن الماضي ومازال يلقي بظلاله على حاضر هذا الجنوب وقد شهدنا آخر فصوله في أحداث يناير 2018م واغسطس 2019م التي شهدتها عدن وافضت إلى إقصاء أبناء الجنوب د.أحمد بن دغر ، والمهندس احمد الميسري اللذان يمتلكان قاعدة شعبية واسعة على الساحة الجنوبية ،

(5)
كما أن تلك الصراعات الجنوبية قد أقصت أبناء شبوه الجبواني وبن عديو ، وابن سقطرى محروس ، وأبناء المهرة ووجهائها مثل الحريزي وغيره ،وقبلهم ابن لحج (يافع) نائف البكري ، ناهيك عن من اقصتهم أحداث الصراعات القديمة كالسلاطين والامراء والمشائخ وكالرؤساء والسياسيين أمثال الرئيس علي ناصر محمد والكثير غيره ممن يمثلون ثقلا سياسيا واجتماعيا ويمتلكون قاعدة شعبية في الجنوب.

(6)
اما صراعات الشمال الداخلية ف رُحاها  تدور بين اقطاب قوى الشمال سواء بين تيارات المؤتمر الشعبي العام التابع لعفاش(احمد علي -- طارق صالح ) من جهة وبين الحوثي وأتباعه من جهة أخرى ، وهناك صراعات تعصف بالاطراف من داخلها ، وهناك قوى ثورة 11فبراير 2011م التي مازالت تفرض نفسها ولن تقبل بمصادرة ثورتها.

(7)
وهناك صراع تيارات جماعة الحوثي الداخلية الماثلة للعيان وكذلك التي ستولدها مرحلة مابعد إعلان نواب الرئيس الممثلين لتلك المكونات ، فهناك تيار الحوثي الذي حافظ على سلامة أراضي الإمارات من أي اعتداء على مدى سنوات وفقا للاتفاقات السرية فيما بينهما، وهناك تيار الحوثي الذي استهدف وضرب أراضي ابوظبي واستباح فضاءاتها ، وهناك القبائل التي تقف مع الحوثي اليوم وهي خارج جماعته المذهبية ستشكل تيارا ثالثا عندما تجد نفسها خارج المعادلة القادمة.

(8)
من أخطاء التحالف التي اسهمت في إطالة أمد الحرب في اليمن هو الإعتماد على صناعة الحلول وتصديرها إلى اليمن ، وتأتي فكرة تعيين نواب للرئيس خارج إطار التوافقات اليمنية الداخلية لتكرر تلك الأخطاء وتكرس ثقافة صناعة وتصدير الحلول , ومن الأخطاء أيضا إعتماد التحالف على مراضاة المكونات والشخوص على حساب القضايا الوطنية.

(9)
من يتواجد في (الرياض وابوظبي وطهران) لايمثلون إلا 30% من قوى اليمن السياسية والثورية والاجتماعية وبالتالي من الصعوبة تفصيل حلول أزمة اليمن على مقاسات هذه النسبة وتهميش بقية القوى الأخرى وستكون الحلول حينها مجرد مُخدر سيزول تأثيره وتظهر مضاعفات ذلك التهميش الذي سيتسبب حتما في الكثير من الصداع لجماعات الوصاية ولرعاة هذه الحلول المبتورة بشكل عام .

(10)
إذا كانت خطوة تنصيب هؤلاء النواب ومن يمثلونها من المكونات لغرض مراضاتهم ومعالجة هواجس السلطة في دواخلهم ولتحسين أوضاعهم الوظيفية والمعيشية فالأمر قد يكون مقبول ولن تكون له تبعات على الناس وحياتهم ، أما إن كان الهدف تنصيب على طريق حل أزمة البلاد فالأمر فيه من الخطورة ما يجعلنا ننبه ألف مره من الإقدام عليه دون الرجوع إلى الداخل اليمني وعقد مؤتمرات وطنية شمالا وجنوبا تفرز ممثلين توافقيين .

(11)
وإذا كانت هناك نوايا حقيقية لإيجاد حلول لأزمة اليمن فإن أولى الخطوات تكمن في إيقاف الحرب وعقد مؤتمرات وطنية تفضي إلى إيجاد ممثلين عن القوى السياسية والثورية والاجتماعية في الشمال والجنوب أما الإصرار على فرض الأوصياء فلن يقود إلا إلى المزيد من الأزمات والصراعات وسيكون بمثابة وضع حجر الأساس لصراعات لاتنتهي .

(12)
ان تعيين نواب للرئيس هادي وفقا للتسريبات وعلى أساس آلياتها سيجعل من اليمن معتقلا كبيرا فكل معارضي المكونات والشخوص الأوصياء سيكون مصيرهم إما القتل أو النفي أو المعتقلات وسيتفرغ القادة الأوصياء المُنصبّون لخوض معركة واحدة وهي معركة استمرارهم في الوظائف التي منَّ عليهم بها التحالف وستستمر المأساة !!

(13)
إذا كان اليوم اغلب سياسيي اليمن وقادته ونشطائه في كافة المجالات يعانون ويلات النفي خارج الوطن والاعتقال والإقامة الجبرية وغيرها من طرق ووسائل كبت الرأي ومصادرة الحقوق وانتهاك الحريات من قبل مليشيات مازالت تستجدي الإعتراف بها من خلال منحها مواقع (نواب هادي) فكيف سيكون الوضع إذا ما وصلت تلك المليشيات إلى ماتستجديه !؟

           عبدالكريم سالم السعدي
                4 مارس 2022م

مقالات الكاتب