هل ينجح اليمنيين اقامة الدولة الوطنية

افشلت التدخلات الدولية والإقليمية تحقيق الدولة الوطنية باليمن بعد قيام ثورة سبتمبر  ليجد الثوار أنفسهم يعيشون حالة تذبذب داخل صفوف الثوار ممن كانت تختلف مفاهيمهم لشكل الدولة الوليدة .

ليظهر بوادر الانقسام واختلاف المشاريع مابين ساعي لاقامة دولة وطنية خالصة ومابين من يطمح لتوظيف الدولة لخدمة مشاريع اقليمية تضمن لهم البقاء.

ليتصدر الإخوان والقوى القبلية والقومية البعثية  الوقوف بوجه مشروع الدولة الوطنية مستفيدة من التكوين العسكري على أساس قبلي  داخل صفوف الجيش وهو ما واجه السلال والارياني واوقف محاولة الرئيس الحمدي لإعادة تأهيل الجيش وتثقيفه في سعي واضح لاصلاح الاختلالات التي تشوب الهوية الثقافية للجيش   على أساس وطني بعيدا عن الانتماء القبلي والجهوي الذي ظل يسيطر على مفاصل الجيش ما تسبب بافشال الداعين لاقامة نظام جمهوري  يؤمن بالولاء لدولة لا للقبيلة  ولن يكون إلا من خلال بناء عقيدة قتالية وطنية بعيدا عن الانتماءات السياسية والولاء القبلي والتبعية لدول الجوار  .

أدركت القوى القبلية والاقليمية خطورة ما يقوم به الرئيس الحمدي على مستقبلها لتشكل تحالف حمل مهمة إفشال مشروع الدولة ولن يكون إلا باغتيال الرئيس الحمدي باعتباره يمثل خطر لما يحمله من مشروع يمنح اليمن الإستقلال عن التبعية للقوى الاقليمية ويجعل منها بلد يمتلك سيادته محكوم بمصالحه العليا دون قدرة دول الجوار على فرض وصاية على قراره السياسي ومنع بنائه بناء حديث ما يمكنه من مواكبة الدول القوية  .

وفرض نفوذه باعتباره قوة اقليمية نافذة بالمنطقة مستفيدا من الموقع الجغرافي .

لينعكس فشل قيام الدولة الوطني على اليمن بعد مرور 58 عاما على قيام ثورة سبتمبر واكتوبر ومايو ليسقط الجيش في هويته العقدية التي أنشأ عليها متخليا عن واجبه الوطني أمام حماية اليمن من تمد مليشيات الحوثي باتجاه صنعاء وتحول عدد كبير من قيادتة للانضمام للحوثيين دون إحساس بأهمية دوره باعتباره جيش يستمد.عقيدته من ثورة سبتمبر جيش للوطن لا جيش طائفي او مناطقي تارك  مساحة واسعة لتحال اليمن الى ساحة صراع  تصفي كلا من  طهران والرياض .حساباتهم.

لم يفشل الجيش بالحفاظ على منهجه وعقيدته الوطنية لوحده  لتكون المفاجأة الكبرى التي أصابت الشارع بالدهشة هو غياب القوى السياسية عن تحمل مسؤوليتها تجاه الوطن ليهرول قادتها للبحث عن موقع منقسمين ما بين الرياض وطهران .

والاكثر غرابة أن يتحول قيادة اليسار الى ادوات كل همها ترضي مليشيات الحوثي لعلها تجد ابواب طهران متاحة لهم وهرول اخرون نحو الرياض تاركين الشعب وسيادته فريسة  للدول الطامعة بإعادة رسم خريطته السياسية باعتباره حديقة خلفية لنفوذها دون اي تدخل يذكر مكتفيه بما يمنح لها من دور محدد لا يمكن تجاوزه إذا أرادت البقاء وحصولها على ما يتكرم به عليها المستعمر الجديد دون الاهتمام بانها باتت مسلوبة القرار في ظل وطن مسلوب الاستقلال يتقاسمه دول ويقررون مصيره .

ما يجعله عرضة لمخاطر النزاع الذي يعيشها اليوم نتيجة تخليه عن بناء دولة وطنية ترفض الارتهان للخارج بعد الثورة  .

اليوم اسمع عن هيكلة الجيش و لن تكون مجدية مالم تكون الهيكلة على اساس وطني خالص.

يمكنها من الاستفادة من الماضي وهو الماضي الذي وجد.اليمني نفسه بين يوم وليله وضحاها يرزح تحت سيطرة المليشيات دون حضور حقيقي يسجله من ظن اليمنيين أنه جيشهم والمسؤول عن حماية دولتهم ومنع البلاد من الانزلاق نحو الحرب التي ساهمت بالتدخل الخارجي مستفيدا من غياب الجيش الذي من المفترض أن يكون هو الحصن الحصين للوطن من العابثين والطامحين بالسلطة على جثث ابنائه .

هاهم اليمنيين يقفون اليوم عاجزين مرتهنين لما يقرره المجتمع الدولي والاقليمي لبلادهم.دون أي دور لهم يذكر مكتفين بما تتوافق عليه الرياض وطهران ومن خلفهم الادراة الأمريكية وبريطانيا لشكل نظام الحكم باليمن  .

وانا هنا لا احمل المحيط الإقليمي والدولي ما وصل إليه اليمن بعد سبع سنوات من الحرب العبثية التي كلفت اليمن الاف القتلى والجرحى وتدمير بنيته التحتية الهشة ليجدوا أنفسهم مجرد أدوات تنفذ لا تقرر .

كيف لا وهي القوى التي قبلت بالتخلي عن مسؤولياتها التاريخية وتسليم  ملف اليمن للقوى الاقليمية ليتفاوض نيابة عنها مكتفية بدور المتلقي لينكشف  لنا حقيقة دعاة الموت لامريكا واسرائيل باعتبارهم أدوات رخيصة  لامريكا و الصهيونية وطهران لتدمير اليمن وليس كما تخليه السذج ممن قدموا حياتهم دفاعا عن أدواتها المتمثلة بالحوثيين .

فكيف لمثل هؤلاء أن يراهن عليهم اليمنيين باعتبارهم قادة .

كم هو محزن أن يدرك الموطن اليمنية أن تاريخه العريق وماضيه المجيد  فشل أن ينجب قيادات وطنية تؤمن بهوية الأرض والإنسان لا تبحث عن التبعية ورهن مصير  الوطن  .

وطن تتنازعه الهويات المحلية التي حلت محل هويته الوطنية الام وهي هويات تعمل القوى السياسية  على تغذيتها وترسيخها في عقول الشارع الذي يتخيل أن الهويات المحلية ستمنحه الرفاهية والتطور دون الالتفات إلى حقيقة ما ستخلفه الهويات المحلية من شتات وتمزق تهدد امنه واستقراره ولن يكون مصيره غير مزيد من التشرذم والانقسام واثارة النزاعات الطويلة بين مكوناته الاجتماعية المتداخلة فمتى يتعلم اليمنيين من تجاربهم الفاشلة مستفيدين منها والعمل على تجاوزاتها وهو ما تاكله من مجلس القيادة الرئاسي أن يعيد لهذا الوطن مكانته التاريخية

مقالات الكاتب