تحسن اقتصادي أم شلل اقتصادي؟

لا يمكن القول أن تراجع أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني بعد موجات من الصعود والهبوط التي شهدتها في الفترات الماضية تعكس نوعا من التحسن الحقيقي للاقتصاد، بل أن هذه الحالة قد خلقت حالة من "الشلل الاقتصادي" في البلد.

فعندما تتأرجح أسعار الصرف هبوطا وصعودا بقيم حادة غير مبررة ولا مفهومة   وبفترات زمنية متقاربة فإن من شأن هذه التأرجحات أن تؤدي إلى بروز حالة من "الشلل الاقتصادي" في البلد، وهذه الحالة من أخطر الحالات الاقتصادية التي يمكن أن يواجهها البلد.. 

البعض لا يفهم حجم الضرر الذى قد تقودنا إليه هذه التحركات العنيفة فى أسعار الصرف، فحينما تكون الرؤية ضبابية لمستقبل الاقتصاد وخصوصا اتجاهات أسعار الصرف، سنجد على سبيل المثال ان المنتج سيواجه صعوبة بالغة فى تحديد تكلفة مدخلات الانتاج لديه، وبذلك سيصبح أمام خيارين "أحلاهما مرّ"، فإما إن يوقف الإنتاج بالكامل ويحتفظ بالمخزون حتى تتضح الرؤية، أو يرفع الأسعار تجنبا لأى زيادة مرتقبة فى أسعار الصرف. هذا من جانب المنتج، أما من جانب المستهلك نرى أن هذه الحالة تحدث انقسام كبير بين المستهلكين، فالبعض يتوقع حدوث هبوط في أسعار الصرف فيقرر التوقف عن الشراء حتى ينخفض السعر، ويرى البعض الاخر أن العملة سترتفع وأن الأسعار الحالية مناسبة للشراء.

وهنا سنكون أمام حالة من التخبط وعدم الوضوح لدى أطراف السوق (بائعين ومشترين أو منتجين ومستهلكين)

فيكون المشهد أن كل الأطراف لديهم رؤى مغايرة تماما عن بعضهم البعض، ويسبب هذا عدم التقاء قوى العرض والطلب فيحدث ما يسمى "بالشلل الاقتصادي" وهي حالة تختلف تماما عن حالة الركود.. فالركود يكون ناتج عن ضعف القدرة الشرائية للمستهلك، أما الشلل الاقتصادى فيكون بسبب اختيار الأطراف ــ عن عمد ــ عدم الانتاج او الاستهلاك وذلك يعود إلى حالة عدم الاستقرار التي تحصل لأسعار الصرف في السوق المحلية، تماما كما حدث ويحدث لأسعار صرف عملتنا المحلية منذ ما يزيد عن سنتين تقريبا. 

وليس من السهولة الخروج من حالة الشلل الاقتصادي، فهو أخطر من الركود الاقتصادي الذي يمكن أن تمر به البلد؛ لأن العامل النفسي هو الذي يلعب الدور الأكبر في هذه المشكلة ويكون من الصعب السيطرة عليه حيث ستخلق هذه الحالة انطباعات سلبية لدى كل الأطراف حول استقرار أسعار الصرف.

لذلك ينبغي أن تعمل الحكومة والبنك المركزي على خلق نوع من الاستقرار في أسعار الصرف حتى يطمئن المنتجين والمستهلكين ونخرج من حالة الشلل الاقتصادي الذي تمر به البلد.


د. مساعد القطيبي