لبنان تحت النيران
لبنان، جوهرة الشرق الأوسط، والتي قال عنها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل: «إنها نافذة زجاجية معشقة وم...
بعد رحلة كفاح طويلة، انتقل الى رحمة الله اليوم السياسي والكاتب والمؤرخ والصحافي المناضل سعيد أحمد اسماعيل الجناحي الشهير ب (سعيد الجناحي).
بدأ الجناحي علاقته بالكتابة في عدن التي تعلم فيها قادماً إليها من مسقط رأسه قرية الاشعاب (الاغابر) ملتحقاً بوالده، وكانت عدن حينها محل أنظار كل من يبحث عن تحقيق حلمه سواء في التعليم او العمل، كما كانت مدينة التنوير والصحافة والنشاط السياسي والثقافي والنقابي والحزبي والاجتماعي، فكان لابد أن يجذب كل ذلك الجناحي الذي وجد ميوله تتجه صوب الكتابة، فنشرت له أولى مقالاته صحيفة الأيام في بريد القرّاء، ثم اتجه إلى كتابة القصة القصيرة باسم مستعار، وعمل في عدة شركات في عدن.
ولاشك ان الحركة السياسية التي كانت تزخر بها عدن في سنوات أواخر الخمسينات وبداية الستينيات قد اجتذبت إليها الشاب المتحمس سعيد الجناحي، فكان من أوائل من انضموا إلى حركة القوميين العرب، ويعتبر أيضاً من أوائل مناضلي الحركة الوطنية اليمنية وهو الذي نقل ساعة الصفر بثورة 26 سبتمبر 1962م من صنعاء إلى تعز بما في ذلك من مخاطر على حياته. وهذه هي المرة الأولى التي أرى فيها سعيد الجناحي يلقي فيها خطاباً في تعز يرحب فيه بالمشير عبد الله السلال قائد الثورة و يعلن فيه تأييد حركة القوميين العرب للثورة ومباركته لها بقيادة المشير السلال. وكانت تعز تشهد في تلك السنوات نشاطاً سياسياً وثقافياً بحكم احتكاكها وقربها من عدن، وبحكم تأثير أبناء تعز في الحركة السياسية والثقافية والنقابية في عدن.
تعرفت على المناضل سعيد الجناحي في تعز عام 1964م بعد قيام ثورة الرابع عشر من اكتوبر، في منزل المناضل عبد الفتاح اسماعيل الذي تربط بينهما صلة قرابة، بحضور المناضل سلطان أحمد عمر أحد مؤسسي حركة القوميين العرب ومن قادة الجبهة القومية. ووقف الجناحي إلى جانب ثورة الجنوب بقيادة المناضل قحطان محمد الشعبي حتى تحقق لها النصر في 30 نوفمبر 1967.
واستأنف الجناحي نشاطه في الصحافة في عدن مديراً لتحرير صحيفة (14 اكتوبر) اليومية شبه الرسمية، كما شغل منصب مدير تحرير مجلة الثقافة، ومدير الثقافة في عدن. وهو من الذين ساهموا في تأسيس اتحادٍ واحدٍ للادباء والكتّاب اليمنيين في عدن إلى جانب المناضل عمر الجاوي والشاعر عبد الله البردوني والشاعر يوسف الشحاري وكوكبة كبيرة من أدباء وكتاب اليمن في الشمال والجنوب وانتخب إلى عضوية مجلسه التنفيذي وأمانته العامة.
ورأس تحرير صحيفة (الأمل) المعارضة في صنعاء بعد الاتفاق الذي جرى بيني وبين الرئيس علي عبد الله صالح ان يكون للجبهة الوطنية صحيفتها وصوتها، وكان ذلك في بداية الثمانينيات من القرن الماضي.
ولم تنقطع صلاتي بالمناضل سعيد الجناحي فقد ظللنا على تواصل في عدن وتعز وصنعاء والقاهرة. وقد شهدت آخر اطلالة له في قناة الجزيرة في التاسع عشر من أغسطس الماضي..
رحم الله المناضل الجناحي فقد كان يمثل الجناح الوطني القومي الأممي المعتدل في الحركة الوطنية.
تعازينا القلبية وخالص مواساتنا لابنته الدكتورة جميلة، وكافة أفراد أسرته واصدقائه ومحبيه سائلين الله للفقيد الرحمة ولهم الصبر والسلوان .