شكلوا نقابة وأسقطوا أعراف الصحافة... ؟!

بعيدا عن أن كل مشروع يحصل في الجنوب يجد له معارضون كما يقول بعض المبررون، أبعدونا من تفاهة الأحكام المسبقة هذه واقرؤوا ماذا نقول وماذا ننتقد، لا تهم المقاعد ولا سرقتها بالطريقة المزاجية السخيفة التي حصلت، نحن نريد إنشاء كيان نقابي جنوبي حقيقي بعيداً عن ألعاب الأطفال التي حدثت دون احترام لمقام اسم صاحبة الجلال، إفهموها بأي شكل مهنتنا ابتعدوا عن تقزيمها لسنا صحفيين بلهاء حتى تمضي ألعابكم دون أن نقول أنها خاطئة، سنذكر لكم اخطاءكم وعلاجها وعليكم مجبرين إصلاحها ومن دون منة أو ضحك على العقول والاستخفاف بالناس، فما حدث لأجل إنشاء النقابة أسقط أعراف الصحافة وتشريعاتها الإعلامية، وإذن فمعنى ذلك أنه إن سقطت التشريعات والأعراف لا مكان للنقابة، لأنها مخالفة لقانون الصحافة المتعارف عليه..
وبصراحة أكبر لم أكن متفاجئًا أبدا بما حصل في المشروع الارتجالي والعشوائي الذي تم إخراجه بصورة مشوهة أساءت للصحافة ولقيمها ومعاييرها، ومع ذلك لم نكتب شيئاً، لأننا كنا نُمنّي أنفسنا كالآخرين أن هيئة إعلام الانتقالي ربما يجتهدون لإصلاح شيء حقيقي لطالما اجتهد الجنوبيون بعمله، حتى أتى أخيرا وليته لم يأتِ بهذه الطريقة التي أساءت للحضور وسخرت من عدم وجودهم واستقدامهم من محافظاتهم كشهود الزور، وطالما والأمر قد حُسم منذ أشهر بالتعيينات المذكورة لماذا تم عمل للنخاسة واستخفاف بالحاضرين مع الأسف، وكالعادة دائما الحلو مبيكملش، أتحدث عن الارتجالية والتمييع الذي حصل وتم زحلقة مسمى نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين بكل بساطة، يا حسرتنا على الفلوس والبنرات والإعلانات، يا ريتها كانت إعلانات لمسرحية الشباب العدني "هاملت"، على الاقل كنا سنحافظ في المسرحية على إرث عدن الحضاري والثقافي بدل مسخرة انتخابات خبرة "حسب الله".
تخيلوا فقط معنا المشهد، نقابة للصحفيين ومن قاموا بـ(تزكية) أعضاء النقابة لفيف وتشكيلات مختلفة من كافة الأطياف، يعني انتخب (الجمهور العام) نقابة لنا نحن معشر الصحفيين والإعلاميين، فكثير من الحاضرين لم يمسكوا قلما بحياتهم والبعض الآخر الذين يحترمون مهنتهم ويفهمون قوانينها، لم يوافق على إنهاء وحسم الأمر بهذه الطريقة الساذجة وبعضهم خرج لما فهم اللعبة، وهذا ما يعني أننا في زريبة بلا راعي ولا تحترم قيم الصحافة ولا تشريعاتها، لا والمشكلة أنهم يظنون أنهم يحسنون صنعا، إنه لأمر مضحك ومبكٍ في الوقت ذاته..
ما جرى كان ضحك على عقول السادة الحاضرين وضحك علينا، وعمري ما رأيت جهلاً أكبر من ذلك وباسمنا نحن الصحفيين والإعلاميين والمثقفين، وللأسف رسالتي للأخوة الدكاترة الذين أعدوا الوثائق؛ هل أنتم حقا أكاديميين أم أنه لم يتم تنفيذ ما اعددتموه في وثائقهم وتم الضحك عليكم أنتم أيضاً وتم استغباؤكم، وحتى لا نظلمكم قولوا لنا أنتم هل ما حدث ضمن وثائقكم، بصراحة لا ندري ما الذي تحتويه وثائقكم ولوائحكم ولماذا قفزوا على ما يمكن ان ينظم تكوين العمل النقابي الذي خالفوه من بداياته، هل يا ترى قرأوا أبجديات تلك الوثائق، وهل هكذا تُنتخب نقابة للصحفيين، المشكلة كل الوثائق ستكون ضد ما قاموا بإخراجه، أرجوكم فليخبرنا أحد إن كنا نتحدث بعيداً عن المنطق والصواب وبعيداً عما كان يفترض القيام به، هل يجب أن نخلط طماطم بالخلاط ونقول إن ذلك شراب الفراولة المنعش ويجب مباركته ولو كان كله أحمرا، لا يمكن تسمية نقابة للصحفيين من دون أن ينتخب الصحفي نقابته ويختارها لتنظيم وتسهيل حياته، سيذهب أي شخص لسوق القات بمكرفونه ويبدأ بالصراخ والتحريج، لاختيار سعر لأكياس القات وسيرفع جميع المشترين أياديهم للانتخاب، ما الفرق بين سوق القات والحراج وبين ما حدث، لا عليكم سنقوم بنشر بنرات في كل زاوية من سوق القات وتشكل نقابة المقوتين، كانوا على الأقل يسمونها رابطة أو جمعية أو مؤسسة خيرية أو حتى محبي وهاويي الصحافة والإعلام، لا يمكن قبول أي مسرحية من دون انتخابات واقتراع وإشراك القضاء وصحفيين نزيهين من مختلف الأطياف في إعداد الوثائق لضمان إتمام عملية ديمقراطية بدل حالة التخبط التي شهدناها، والله إن مبدأ الصحافة في الجنوب سقط دون أن يدرك الجميع ذلك السقوط..
استقدم أخوتنا في هيئة إعلام الانتقالي 850 ناشطا وناشطة ومن ضمنهم لفيف من الصحفيين الذين تم تجريفهم كما لو أنهم كباش وأغنام مختلطة قادمة من جيبوتي عبر زعيمة تهريب، وبدأ ممثلي المحافظات المساكين الذين كانوا يظنون أنهم يخدمون وطنهم ومحافظاتهم يتلون بياناتهم ولكنه تم استخدام دوافعهم النبيلة، يا لها من تمثيلية جاهلة؟!، وبعدها يقول مقدم الحفل هيا لنذهب إلى الاقتراع، و"من كبّته طاير طاير بين العشاء والنار والنار"، وقالوا بكل ديمقراطية صوتوا ايها الحاضرون، ارفعوا أيديكم: شاي والا قهوة، قال الحاضرون شاهي والا قهوة واحدي، وانفض الجميع لقد تمت أفضل عملية ديمقراطية شهدها التاريخ الجنوبي الحديث والصحافة الجنوبية، لقد انقلبوا حتى كلام الرئيس في خطابه وأساؤوا له أيما أساءة واستغلوا دعمه اللا محدود، والبعض يريدنا أن نبارك قتل الصحافة والإعلام في الجنوب، مدفوعين بالوطنية لتبرير هذه الحماقة تحت لافتة مهنتنا، سنبارك لكم لكن بعيدا عن الأعراف الصحفية وبعيداً على حمل اسم نقابتنا بهذه الطريقة، فالخطأ خطأ وعائد على أصحابه أيا يكونوا، ونرجو تصحيح اللوائح ولنسعى لعمل تجربة انتخابية تستحق احترام الجميع، وإشراك الصحفيين المعروفين بحياديتهم ونزاهتهم ومعرفتهم بقوانين وتشريعات الصحافة..
بالطبع نحن ندرك "أن من لا يعمل لا يخطئ" و"جل من لا يسهو" وليس ثمة منزه عن الخطأ، لكننا الآن ننتقد بهدف تقويم الانحرافات الحاصلة، نحن كما يفترض شريحة متعلمة ومثقفة ونحترم مهنتنا ولا يتم اختصارنا والإساءة إلينا ومهنتنا بهذه الطريقة الممجوجة والمستهلكة، ونكرر أننا نرفع أصواتنا بشكل عالي ونؤيد إنشاء نقابة جنوبية وهذا ما انتظرناه طويلاً، ولكننا بالمقابل وبشكل واضح ومباشر نعلن رفضنا للطريقة التي تمت بها، كنا نعرف التعيينات منذ أشهر فقلنا لعلهم يستحون على شنباتهم ولعلنا نظلمهم بظنوننا، ولكن بكل أسف كان المخرج عايز كده، تقاسموا ما أسموها بالنقابة، كما لو أنهم قاموا بعمل "تشكيل عصاباتي"، وفي كل مرة سنرى نفس الأشخاص يقسمون إعلامنا بالشكل السخيف الذي حدث، مستغلين إمكانيات مجلسنا الانتقالي المهولة لعمل ذلك..
ها نحن اليوم نعلنها في وجه الجميع، نحن لسنا موافقون على الجزء القبيح من العملية ونعلنها بالصوت العالي وليرضى من يرضى ولا نبحث عن رضى أحد كبيرا كان أو صغيراً، يجب أن نحترم مهننا وتخصصاتنا ونعطيها حقها ونعطي الناس الحقيقيين استحقاقهم بلا تسلق ولا التواء، أين الصحفيين الذين يحترمون أنفسهم، لماذا لم يتم إشراكهم في إعداد لوائح النقابة، يكفي صمتاً وجهلا عن ذلك، وسنذهب إلى أبعد مما يمكن تصوره، وبيننا الأيام، لنرى من سيكون على صواب ومن يكون على غير ذلك، ولا تزعلوا بعدين مننا، ما بني على باطل فهو باطل ولن نوافق عليه، ومن يفكر أنه سيضيق علينا في عملنا بالميدان فهو واهم ولا يعرفنا بعد، نحن ارقام بكم أو بدونكم فليطلع من يطلع ولينزل من ينزل مكانتنا ستأتي بعد فضل الله من أعمالنا، ولن نتسلق أو نقفز على ظهر أحد، حقنا نأخذه بإذن الله ولا نطلب منة من أحد أيا يكن ذلك الأحد ولا حدود أو سقف لكلامنا..
طيب لماذا أنتقد هكذا، إنها نقابة الجنوب، ألم يقصوا زملاءنا المحترمين في نقابة الشمال من كل شيء، نعم ولكن إخوتنا اليوم يعيدون التجربة ذاتها والمشكلة أنها تجربة مع زيادة الجهل فيها بأبجديات الصحافة، وننتقدهم اليوم حتى لا تسقط معايير وتشريعات الصحافة والعمل الإعلامي، فالأمر يتعلق بمهنتنا والإساءة لها بطريقة فجّة، ولا يمكن أن ننجرف وراء العاطفة مهما حصل العاطفة شيء والصح شيء آخر، الخطأ هو الخطأ ننتقده ونشخصه أينما نجده وأيا كان مرتكبه، وما حدث مؤخرا كان مهزلة وخسارة فلوس على الفاضي، ما كان يا عالم يا هو من البداية تعلنوا من اخترتموهم مسبقاً بلا تطويل ولا تعريض ولا تمثيل لمحافظات الجنوب، كم أضحك على زملائنا المساكين والطيبين الذين انخدعوا بمسرحية إعلام القفلة عفوا أقصد الهيئة..
ومع ذلك أيضا ازعل لما أرى صحفيين وإعلاميين يقولون أنه لم يتم تمثيل محافظاتهم ويبحثون عن إضافة أسمائهم هذا كل اللي مزعلهم أسماءهم، تبًّا للجهل ما أبشعه؟!، القصة أكبر من تمثيل شخصي وذكر أسماء المشكلة كبيرة وليست شخصية مطلقاً، ما حدث كسر وعاء الصحافة والإعلام وأصابه في مقتل، نحن صحفيون وإعلاميون ولسنا في سوق الحراج أو سوق الصيد نحن صناع الكلمة والفكر، والمسألة لم تكن أبدا بذكر الأشخاص وتمثيل المحافظات أو فلان وعلان وزعطان، المشكلة مشكلة انتهاك صارخ في جسد ونظام ومعايير وأعراف الصحافة وإسقاطها أرضا، وإن شاء الله يفهموا الخبرة الكلام الذي نتحدث عنه، ويقولوا لك النقابة ستبحث عن حقوقنا وستدافع عنا وتفلتر من سيكون الصحفي ومن لا يكون صحفياً، إذن أعيدوا فلترة تنصيب المزاجية بتاعتكم بأسرع وقت ممكن فأنتم لم تأتوا بتجربة محترمة ولا ديمقراطية ولا وفق أي معايير، فكيف ستنفذون المعايير على أرباب المهنة، فاقد الشيء هنا لا يمكن أن يعطيه..
ما حصل كان استخفافا بعقول الصحفيين والإعلاميين، وتجريف لقوانين الصحافة وتشريعاتها ومبادئها، ونقول هنا بأعلى صوتنا إن ماتم يظهر حالة الجهل الجمعية والسائدة لدينا في الجنوب، وأننا نعاني جهلاً كبيراً ومركبًا، لدرجة صمت المحسوبين على طائفة المثقفين من الصحفيين والإعلاميين على ما جرى ويجري، وأستغرب ما الذي كنا سنخسره لو صنعنا تجربة ديمقراطية قد الإمكان بعيدا عن الاختيارات المزاجية والعبثية، ماذا كنا سنخسر لو عملنا اقتراعا حقيقياً واحترمنا آراء بعضنا واستقبلنا مقترحات الجميع بشأن إقامة إنتخابات حقيقية واستقبال ترشيحات كل من يرغب بالترشح لنقابة الصحفيين، لقد فشلنا في صناعة التجربة التي ندرك أنها تكليف وليست تشريفا وندرك أنها ستأخذ من أوقات وجهود من يتم اختيارهم قد كنا على الخسارة..
نتمنى إعادة النظر فيما نقوله إن كان منطقيا وصائبا، وأن يتم الإعلان قريباً كم ستستمر هذه التزكية ومتى بالتحديد ستحدث عملية انتخابية حقيقية بعيداً عن اختيارات فلان وعلان وزعطان، ولا أعتقد أن أحدا سيختلف على اختيار المخضرم باحشوان ولكن لا يجب الإساءة لتاريخ الرجل الذي يشهد الله أنني ما وجدت قلبا كقلبه ودماثة خلقه وأنه أستاذنا وهو لي بمثابة الأب ولا أقصد لا من قريب ولا من بعيد الإساءة لوالدنا حفظه الله وأطال في عمره، لكننا صحفيون والكلمة أمانة لا تسقط حتى لا نسقط نحن معها ونصبح مجرد مرتزقة واتباع للأبد، إنها الصحافة يا قوم تصلح الفساد وتناقش القضايا وتكشف الأخطاء وتصحح المسارات وتقف بوجه أكبر كبير، لأننا نستقي قوتنا من قوة الحقيقة ورفض الظلم والعسف والإرهاب، وإذا لم نستطع اليوم حتى قول أن ما حدث كان أمر خاطئ ومثير للشفقة، فلن نفعل لبلدنا أي شيء ولا خير في صحافة لا شخصية أو كيان مستقل لها، ماذا يعني أن تكون صحفيا بلا شخصية أو صحفيا لا يفهم أدوات عمله ولا يستطيع الدفاع عن مهنته، أي قضايا سنحملها ونحن غير قادرون على قول لا على الأخطاء الجسيمة التي حدثت، نحن نتحدث وننظر للمستقبل ونحاول إن سقط الجميع ألا تسقط الصحافة ولا معاييرها ولا رسالتها المقدسة..
وأخيرا نقول إن كل مشروع في أي اتجاه كان، لا يمكن أن يرقى للإقليمية أو الدولية، ما لم يكن تم إنشاؤه وفق معايير ونظام ولوائح تلك الدول المتعارف عليها، والأمر أشبه بالتعامل بالعملة حتى لا نصبح غير مصروفين في الدول الأخرى، لقد جلسنا كثيرا مع منظمات ومؤسسات دولية ووجدنا أن الخارج لا يمكن أن يتعامل معك بمبدأ التزكيات والواساطات وانت تخدمني وأنا أخدمك ويا الله نطلب الله مع بعض، ويكفينا محاصصة الجدران المغلقة، ولو فعلنا ما بمزاجنا سنظل داخل تلك الغرف للأبد ولن يتطور شيء، وستتحول النقابة إلى حمل بدل أن تكون رشيقة وتقنعنا بجدواها، والله ما أقول ذلك من باب الشماتة ولا من باب أن كلنا دواكية وكل واحد يشوف نفسه أفضل من الآخرين، أو بدافع التشاكل الشخصي إذ ليس لدي مشكلة مع أحد ولا أحب وجودها، إنما أقول ذلك حتى لا ننصدم بالأعراف والمعايير الدولية التي تحترم نفسها، وبعد ذلك كله انتبهوا من عمل أي إجراءات لتقييد حرياتنا احذروا ذلك فلم نولد لنغرد داخل أقفاص، فالطيور لا تفلسف طيرانها، لا نقبل بأي حدود تنتقص من حقنا الصحفي تحت أي شكل من الأشكال ولا قداسة أو تزكية لأحد أمام أقلامنا وسنقول أيضًا ذلك بحرية ومسؤولية وعدالة، ثم أخيرا نشكر كل الصحفيين والكتاب الذين لا يزالون يحترمون أنفسهم ويحترمون مهنتهم، والله من وراء القصد