قراءة متأنية في تصريح مصدر رشاد العليمي !

(1)
المتابع لتصريحات د. رشاد العليمي المتعددة والتي تراجع عنها بمختلف المسميات منذ أن جاءت به مشاورات الرياض وحتى اللحظة سيصل الى واقع الضعف والوهن التي يعانيه هذا المجلس والذي جعل من البلد مسرحا مفتوحا  لصراعات تفرزها تلك الحالة والتي ستأتي على ما ابقته سنوات الحرب الثمان.

(2)
أن حصر حوار التراشق بالتصريحات والتراجع عنها بين جماعتي رشاد العليمي والزبيدي يمثل للمتابع العادي اعتذارات غير مباشرة لاخطاء متواترة الأمر الذي يضعنا أمام عدة تساؤلات هي :
هل انحصر نشاط المجلس على خلاف هاتين الجماعتين ، وماهي حالة بقية الجماعات في  المجلس ، وهل هي على مايرام أم أن المجلس في حلقة صراعه الأولى فقط وستتبعها حلقات صراع أخرى مع بقية الجماعات؟

(3)
جاء تصريح مصدر العليمي ليؤكد حقيقة سقوط الاهداف الجنوبية (التحرير والاستقلال) التي طالما تغنى بها الزبيدي وجماعته وتحولوا بفضلها إلى  مُلاّك لمحلات الذهب وغيرها في جده وابوظبي ودبي والقاهرة وبقية عواصم العالم وذلك من خلال عدة عبارة وردت في سياق التصريح مثل (تحديد الجنوب لمكانته السياسية)وغيرها وهي إحدى مخرجات الحوار الوطني اليمني التي نقلت القضية الجنوبية من قضية وطنية إلى قضية سياسية!

(4)
لعب التصريح  بذكاء على نقطة ضعف جماعة الانتقالي المزمنة وهي (عقدة التمثيل الجنوبي) فداعب احلام الجماعة وذهب إلى إسقاط مسمى (المجلس الانتقالي)في سياق التصريح لهدفين 
الأول:
تذكير جماعة الانتقالي أن إنجاز وجودها في قوام مجلس مشاورات الرياض جاء كدعم لها في مواجهة  القوى الوطنية الجنوبية الرافضة لتوجهاتها ويلزمها الحفاظ عليه.
الثاني :
تحذير الرافضين لمواقف الزبيدي ومن معه في جماعة الانتقالي من الذهاب بعيدا في رفض تنفيذ الشق الأمني والعسكري في اتفاق الرياض الذي وافقت عليه الجماعة وبات ملزما لهآ.

(5)
ظهرت على صياغة التصريح بصمات بعض الموقعين على اتفاق الرياض في جماعة الانتقالي المؤيدين لليمن الاتحادي شريطة وجودهم كممثلين للجنوب في هذا اليمن القادم والذي ترسم ملامحه القوى الإقليمية.

(6)
عبّر التصريح عن موقف جماعات مجلس مشاورات الرياض تجاه قضية الجنوب بما في ذلك جماعة الانتقالي جناح الزبيدي ووضع العليمي رشاد نفسه ومجلسه في مواجهة مباشرة مع القوى الوطنية الجنوبية غير الممثلة في إطار مجلسه والتي تنادي بضرورة عقد مؤتمر جنوبي عام يفرز ممثل للجنوب وقضيته ينقل الجنوب وقواه السياسية من حالة الصراع والمواجهة إلى حالة الوفاق والمصالحة.

(7)
اظهر التصريح ان د. رشاد العليمي مازال يتعاطى بعقلية وزير الداخلية (الحزبي) الذي يمارس مهامة لصالح أجندة حزبه السياسي  والذي يدير مهامه في ظل نظام مضطرب يرى نصف الشعب خصوم والنصف الآخر اتباع ولم يستوعب  بعد مهمته الحالية كرجل يفترض أن يقف على مسافة واحدة من كل القوى الوطنية المتصارعة على الساحة.

(8)
لم تكن القضية الجنوبية تحتاج إلى تصريح د. العليمي لاثبات وجودها فهي تمثل الواقع الذي يشكل قنبلة موقوته سيعيد انفجارها الأوضاع برمتها إلى المربع الأول في حالة حاول البعض تجاهلها أو تجاوزها او تقديمها كثمن لمن يتبنى تطويعها لخدمة مشاريعه المناطقية والحزبية.

(9)
اكد التصريح استمرار انغماس جماعة الانتقالي المناطقية في مستنقع صراعها على اختطاف تمثيل الجنوب وسرقة الإرث النضالي لأبناءه.

(10)
اصرار المصدر على اقحام جماعة الانتقالي في سياقه دون وظيفة ،صوّر تقريبا الظروف التي احاطت بإخراج هذا التصريح إلى العلن وأكد الموقف الصعب لجناح الزبيدي في الجماعة والذي بات يبذل جهدا اسطوريا في اقناع اتباعه بالقبول بكرسي مجلس مشاورات الرياض (الجمهورية اليمنية ) بديلا عن كرسي الجنوب في الأمم المتحدة والذي وعدهم به في خطاب معركته مع قوى الجنوب وشخصياته الوطنية.

(11)
سيكون على القوى الوطنية التي مازالت تواجه التهميش والابعاد والمحاربة وعلينا ايضا كمواطنين انتظار مواقف الجماعات التي يتشكل منها مجلس مشاورات الرياض تجاه ماحواه تصريح كبيرهم  ليتسنى لنا قراءة مايحدث بشكل أوفى وأوسع وليتسنى لنا معرفة موقف تلك القوى وفيما إن كانت تلك القوى قد أدركت وضعها الجديد  وأنها قد اصبحت في موقف الحاكم الذي يمثل وطن أم انها مازالت تتعاطي بعقلية وأدوات احزاب اللقاء المشترك المعارضة!!

(12)
المفترض أن الوطن يعيش حالة حرب وبالتالي فهو يحتاج إلى قيادة قوية تدرك مهام المرحلة ،وظهور مجلس مشاورات الرياض ورئيسه بهذا الوضع المهزوز والمتردد والمضطرب والمتصارع أمور ستضعف التحالف وستزيد الوطن معاناة وستسهم في إطالة أمد الحرب وستؤكد أحقية وانفراد أنصار الله بالساحة قولا وفعلا وسينظر اليهم الشعب بأنهم يمثلون الخيار الأفضل مقارنة بالجماعات الفاشلة التي تتنازع هذا المجلس.

(13)
يؤكد التصريح على رسوخ ما اسماه التوافق في المجلس الذي وصفه ب (الحامل الوطني) بينما مايحدث من تهافت على التصريحات والمسارعة في الغاءها أو تفنيدها أو رفضها فيما بين اطراف هذا المجلس يؤكد غياب هذا الرسوخ وحضور اسباب انعدام الثقة وتضاد المشاريع بين جماعات هذا المجلس.

(14)
جسد المصدر إيمانه بالقضية الجنوبية بما وصفه ب(المضي باتخاذ الاجراءات الفعلية لجعل هذه القضية اساسا للحل) وهو كلام مبهم لاملامح له خصوصا أن الواقع لم يظهر أي اجراءات عملية بهذا الخصوص كما أن نفس الواقع  يؤكد أن صاحب التصريح نفسه مازال يتهجد سياسيا ويترقب انتهاء إجراءات قبوله كطرف مفاوضات أمام أنصار الله.

(15)
يذهب المصدر إلى احتساب تمكين (جماعة الانتقالي) من ما أسماها مواقع القرار في الوظائف كخدمة للقضية الجنوبية وفعل يجسد الإيمان بهذه القضية ، ويسهب التصريح في الحديث عن قرار المجلس بتشكيل ما اسماه الوفد التفاوضي مع العلم أن المجلس يدرك ومعه التحالف أن جماعة الانتقالي اصغر من ان تمثل الجنوب الكبير ، وأن مؤشرات الواقع تؤكد إلى الان أن جماعة انصار الله هي من تمتلك ادوات التحكم بتحديد ملامح ذلك الوفد التفاوضي!!

(16)
تحدث المصدر عن السلام المنشود وعن التسريع في إنهاء القضايا الوطنية العالقة وخص منها القضية الجنوبية ورهن كل ذلك بتماسك ما اسماه التحالف الوطني العريض في المعركة السياسية والعسكرية ، مع ان حيثيات ومضمون التصريح تمارس التمزيق بكل قُبح وذلك من خلال توظيف المجلس لكل طاقاته وامكاناته لدعم طرف جنوبي بعينه ضد بقية الأطراف الجنوبية لمجرد أن ذلك الطرف تماهى مع الخطاب (التعويمي) للقضية الجنوبية والذي يتبناه هذا المجلس ).

(17)
طالب التصريح وسائل الإعلام بالارتقاء إلى مستوى المسؤولية والالتزام بقيم واخلاقيات المهنة وتناسى المصدر أن كل الهوشلية الإعلامية التي تكتظ بها الساحة هي عباره عن مواقع وصحف تتبع اطراف مجلس العليمي ورعاتها الاقليميين فإذا صلح حال المجلس وحال الرُعاة فمن المؤكد أن حال ذلك الإعلام سيصلح فالاعلام مرآة عاكسة للواقع).

(18)
اختتم المصدر تصريحه بعبارة (حفظ الله اليمن)
ولا ادري عن أي يمن يتحدث هل هو يمن أنصار الله ، ام يمن جماعات مجلس مشاورات الرياض ، ام يمن القوى الوطنية في الجنوب والشمال والتي مازالت تعاني الإبعاد والتهميش والمحاربة إلى اللحظة !!!

 عبدالكريم سالم السعدي

مقالات الكاتب