أذرع إيران والبديل المجهول وبلاهة الفرحة العربية!
عندما يتمكن العجز من المرء ويصبح غير قادر على الفعل ويبلغ الشعور بالضعف والوهن عنده مداه يجد نفسه مر...
روى لي أحد الساسة الجنوبيين حكايته مع أكلة (المعصوبة) وكيف كادت تفضي به إلى التوقيع على بيان سياسي ولدت الدعوة إليه بمجرد الإنتهاء من تلك الاكلة ، حيث قال السياسي الجنوبي أنه تمت دعوته للغداء في منزل أحد السياسيين الجنوبيين وأن الغداء كان عباره عن (معصوبة) اشاد بروعتها واثنى على طعامتها كثيرا !!
بعد أن اكمل السياسي وصف تلك الاكلة والثناء على كرم المُضيف قال تفاجئت من أحد الحضور أنه يطرح علينا مقترح بأخذ صورة جماعية وإصدار بيان عن الجلسة يؤكد اللُحمة الجنوبية ويناقش القضايا على الساحة ، فكان ردنا على المقترح بأننا لم نناقش أي قضايا ولكننا فقط دُعينا لاكلة (المعصوبة) فإذا كان البيان يتعلق بالمعصوبة ومكوناتها فلا مانع لدينا أما الحديث عن قضايا لم نناقشها ولم تكن الدعوة لمناقشتها فإنني اعتذر عن الصورة وعن التوقيع على أي خبر أو بيان !!
وبعيدا عن النهاية التي وصلت إليها دعوة بيان (المعصوبة) واتهامات التخوين التي لحقت بهذا السياسي الجنوبي الذي أخذ نصيبه من المعصوبة واعتذر عن البيان فإن حكاية بيان المعصوبة ذكرتني وأنا استمع لتلك القصة نشاط البعض السياسي الجنوبي وتتابعت أمام ناظري الكثير من المواقف والصور المشابهة لحكاية السياسي الجنوبي ولقاءات المعصوبة التي كانت دائما ماتنتهي ببيانات لاعلاقة لها مطلقا بمواضيع دعوات الحضور تلك !!
بعد مرور سنوات على موقعة (المعصوبة) وقصة السياسي الجنوبي مع تلك المعصوبة وبيانها مازالت العقلية الجنوبية تتكىء في تفكيرها السياسي وعملها الإعلامي على عنصرين هما (المعصوبة والصورة) في الوقت الذي تمضي فيه الأمور بالانفتاح اقليميا ودوليا فيما يخص اليمن وقضاياه نرى الجنوبيون يتجهون إلى الزاوية الضيقة ويعودون إلى عُنصري (المعصوبة والصورة) .
فرضت ثقافة المعصوبة والصورة نفسها على عمل ونشاط البعض الجنوبي ورصدت لها الميزانيات وحشدت لها منصات الإعلام وذلك في مراحل الحراك الأولى وبالذات بعد العام 2009م عندما برزت إلى السطح حينها دعوات (شرعيةالبيض) والتي أخذت موقعها عند البعض المتشدد لهذه الشرعية قبل القضية الجنوبية وقبل الجنوب ذاته واستمرت في مراحل الصراع الجنوبي الجنوبي اللاحقة حتى جاءت معارك العام 2015م .
خرج أبناء الجنوب مدافعين عن عدن وتلاصقت الأكتاف وتقاربت القلوب وأصبح الجميع صفا واحدا وغابت ادوات (المعصوبة والصورة) وانزوت الشرعيات الفردية والمناطقية والحزبية والشللية ولم تتبقى إلا شرعية المعركة وتنفسنا الصعداء رغم رائحة البارود ولكن جاء بعد ذلك من ازعجه تقاربنا وارعبه توحدنا فاعادنا بدراهمه إلى المربع الأول(مربع شرعية البيض) ولكن هذه المرة بمسمى آخر وبوجوه كرتونية مؤقتة وعدنا ادراجنا إلى أدوات (المعصوبة والصورة)!!
في اعتقادي أن الجنوب اليوم يمر في مرحلة حرجة تحتاج قضاياه فيها إلى الارتقاء بالتفكير والفعل لايجاد حلول جذرية تخاطب المجتمع الجنوبي ككل وتغادر شرنقة المكونات وترتيب أوضاعها وتتجاوز حلول قضايا الأفراد الوظيفية لتلك المكونات فالمعركة لم تعد معركة الصراع على التمثيل بل أصبحت معركة تثبيت الحق من خلال عدم الزج بقضية الجنوب في مواقع الشذوذ السياسي وتجنب تحويلها إلى مجرد قارب للعبور إلى الامتيازات الفئوية والمناطقية والفردية.
المعصوبة : أكلة يمنية تشتهر بها مناطق الجنوب.
عبدالكريم سالم السعدي
29 مارس 2023م