هادي الذي خلط الأوراق شمالاً وجنوباً (1/2)

أراد الله أن يشهد اليمن انقلاباً في كافة مناحي الحياة وجعل لذلك أسباباً منها إخراج الحوثي من كهوف مران وتسييره ليحوّل اليمن شماله وجنوبه إلى كهوف شبيهة بكهوف مران. ومن تلك الأسباب أيضاً، الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي أراد له الله ان يكون في الضفة الأخرى لهذا الامر الإلهي. وحمل الرجل راية محاربة ثقافة الكهوف تلك.


كنا كتيار حراكي تمسك ومازال يتمسك بأهداف الجنوب، أول من هاجم الرئيس هادي وعارض خطواته، وذلك على خلفية امتداد خلافنا مع نظام الراحل علي عبدالله صالح، الذي كان يشغل الرجل منصب نائباً للرئيس فيه، وعندما كان يمضي «الحراك الجنوبي» بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف ثورته، بتجرد واستقلالية، لم تدنسها أموال ولا ولاءات.


عندما جاءت خطوة الحوثي المتهورة التي قذفت به إلى جحيم الجنوب اختلطت الأوراق وسادت الفوضى المفتعلة على الساحة الجنوبية ولعبت دولة الإمارات من خلال حاميتها العسكرية، الدور التخريبي الأكبر في الجنوب، بداية من تقليعة رمي الأسلحة بواسطة الطيران على ساحة يختلط فيها كل ألوان الطيف الفكري والسياسي المتناقض والمتصارع  وانتهاء بتقسيم الجنوب إلى فرق وعصابات مناطقية وقروية وجهوية وعقدية، تقوم على أساس الولاء لتلك (الخيمة) العسكرية المغروس وتدها في قلب الجنوب، على ناصية الطريق الرابط بين مدينة الشعب والبريقة في محافظة عدن.


سادت الفوضى بفعل فاعل كما أشرنا وتطاولت الفرق «المستثوّرة» و «المستحدثة» الجديدة على «الحراك الجنوبي»، وتم تخوين قياداته والسخرية منها ومن أهداف الثورة واتهام شهداء الحراك بالباطل، ومحاربة أسرهم وإهمال جرحى الحراك ومحاصرة نشاط الحراك في خطوات تؤكد أن هذا الحراك بات هدفاً أخطر من «العدو الحوثي» نفسه في نظر البعض الوافد من خارج الحدود والبعض المحلي «الشاقي» مع ذلك الوافد الخارجي.


عاد الحوثي مندحراً من الجنوب إلى الشمال وأبقته ضرورة المصالح لبعض دول الإقليم على تخوم الجنوب، في شبوة وأبين وحضرموت ولحج، لغرض في نفس تلك الأطراف ظهر ذلك السبب جلياً بعد سنوات من اندحاره.


بدأت المعركة الحقيقية بين الأدوات المحلية في الداخل اليمني وموجهيها وداعميها من الأطراف الإقليمية، وباتت المعركة معركتان:

 في الشمال معركة، وفي الجنوب معركة، وكان على هادي خوض المعركتين معا!

التقت الأدوات اليمنية في الشمال والجنوب على معاداة هادي و«شرعيته»، وتحولت أهداف تلك الأدوات إلى هدف واحد، هو القضاء على «شرعية هادي». ففي الشمال بعد أن كان الهدف الحوثي يكمن في المطالبة بالسماح بممارسة المذهب وإقامة شعائره بات الهدف أولاً: القضاء على «شرعية هادي» الذي اخترق حاجز الصد المذهبي وأوجد ثغرة تنهي الهيمنة المذهبية على الشمال. ثانياً: المطالبة بالحكم وإقامة دولة تدين بالولاء لإيران.


وفي الجنوب تحول الهدف من التحرير والاستقلال وإقامة دولة الجنوب الفيدرالية، وهو الهدف الذي رفعه «الحراك الجنوبي» السلمي وقدم لأجله آلاف الشهداء وبات الهدف. أولاً: القضاء على شرعية الجنوبي هادي الذي يمثل تياراً معترضاً على عودة جمهورية يمن ما بعد 1986 ويمثل خصما لدولة جمهورية يمن بيان مايو 1994. ثانياً: استعادة دولة «جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية» ما بعد يناير 1986 كحد أعلى واستعادة دولة «جمهورية اليمن الديمقراطية» دون الشعبية التي أعلن بيانها في 21 مايو 1994كحد أدنى.

 

يتبع.... 

مقالات الكاتب