لماذا قيادات حزب الإصلاح ناجحة على المستوى الفردي وفاشلة على المستوى العام ؟

لا أظن أنني أو أحد غيري تعامل مع أي من قيادات الإصلاح ، إلا ووجد فيهم النبل والأخلاق والقيم الوطنية ، تجدهم على المستوى الشخصي يحدثونك عن الوطن وما أصابه بمرارة وحزن وروح ثورية وحينما تفكر معهم بصوت مرتفع بحثا عن كيان يضمكم لعمل شيء  في صالح الوطن ، يبادرونك بالقول ، نحن نتبع حزب ، وإذا تحرك عضو في مجلس النواب للتصدي للفساد وطلب من أحد أعضاء الإصلاح التوقيع على عريضة ، بادره زميله في المجلس والأكثر منه شكاية من الفساد ، بالقول ، أنا أتبع حزب .

والسؤال الذي يطرح نفسه ، وخاصة على الأصدقاء من حزب الإصلاح الذين يشاركوننا الهم على المستوى الفردي ويفترقون معنا على مستوى التبعية المفرطة لقيادات الحزب ، ماقيمة انتماؤنا للأحزاب ، إذا لم يكن لنا دور في المساهمة بصياغة قرارات الحزب والمشاركة فيها ؟ وما قيمة انتماؤنا للأحزاب ، إذا كان ذلك سيجعلنا نقف مكتوفي الأيدي وغير قادرين على مواجهة ما يتعرض له الوطن ، بل وحتى ما يتعرض له الحزب ؟

فما جدوي الحزبية ، إذا كانت على حساب القيم السياسية التي قام عليها المجتع السياسي ؟ وما قيمة الحزبية ، إذا لم نتشبث بالدولة اليمنية ، خاصة في مثل هذه الظروف التي تعلو فيها الأصوات المنادية بتصفية الوحدة ومن ورائها الدولة ؟ لماذا الاستمرار في هذا السلوك السلبي الذي يريح الانقلابيين ويدعم تطرفهم ؟ يفترض بقيادة الإصلاح أن تكون قادرة على الإجابة عن مثل هذه الأسئلة ، لا معنى للحزبية في حال كان الهدف منها الهروب من الاستحقاقات الوطنية ، بكلام واضح ، إن الهروب إلى الصمت ليس حلا ، ولا يمكن أن يشكل مخرجا لا للإصلاح ، ولا للمشروع الوطني اليمني الجامع .

نحن أمام فشل متواصل لاستعادة الدولة بالطريقة التي يتبعها التحالف العربي ، وهذا يحتم علينا جميعا الاتفاق على برنامج تحرر وطني مشترك ، لكن نأي حزب الإصلاح عن المشاركة في هذا البرنامج ومنعه لأفراده المشاركة فيه ، قدم المبررات لجميع الأطراف المتحالفة مع الانقلابيين بأن تقدم دعمها للانقلاب على حساب استعادة الدولة .

ولا أظن أن أحدا داخل حزب الإصلاح يجهل أن السعودية والإمارات تنظر للحزب على أنه يمثل حركة الإخوان المسلمين في اليمن ، وأن حركة الإخوان ، تقع في بؤرة الاستهداف الإماراتي السعودي ، وأن الظروف الاستثنائية التي يعيشها حزب الإصلاح حاليا في مأرب لا تجعله خارج نطاق الاستهداف ، مطلوب منه أن يفعل المرجعيات التي تعبر عن الإرادة الشعبية اليمنية وأن يلتف مع القوى الداعية لاستعادة هذه الإرادة ، لا مناطحتها .

ولا أظن أننا نتجاوز الحقيقة ، إذا قلنا ، بأن حزب الإصلاح وتحديدا في مأرب ، قد امتلك حتى هذه اللحظة برنامج مقاومة ، لكن ليس لديه حتى الآن برنامج سياسي واضح ومحدد يراعي الظروف الموضوعية الداخلية والخارجية للأزمة اليمنية ، هذه الظروف تحتم على الحزب أن يعيد حساباته ، ويعمل على ترتيب أولوياته ويمرحل أهدافه ، إن تعامله مع الواقع بدبلوماسية  الممكن والمتاح لن تقوده إلا إلى مزيد من الإقصاء ، ولكي يخرج الحزب من هذا المأزق وتحويل الأزمة إلى فرصة ، لابد من العودة إلى خيار الدولة ، لأن العودة إلى خيار الدولة هو الأمر الوحيد الذي سيعيد خلط الأوراق وإعادة حسابات جميع الأطراف،  سواء المنقلبة ، أو تلك التي جاءت لإنهاء الانقلاب .

مقالات الكاتب