خالد بحاح سفير بحجم وطن
عبر بعض السجناء اليمنيين الذين يقبعون في السجون المصرية عن فرحتهم واعتزازهم بزيارة السفير خالد بحاح...
بعد أن فر الرئيس هادي من قبضة الحوثيين في صنعاء واتخاذه عدن عاصمة مؤقتة للشرعية ، سارت الأمور إلى حد ما بشكل طبيعي ودارت عجلة المؤسسات في حدودها المقبولة وكان هناك حراك سياسي واقتصادي واجتماعي مكفول إلى حد كبير بالاستقرار الأمني ، إلى أن انقلب المجلس الانتقالي على الشرعية عام ٢٠١٩، مستغلا تعثر الشرعية في تقديم بعض الخدمات ، مستفيدا من غض الطرف السعودي الإماراتي عن انقلابه الذي حصنته السعودية باتفاق الرياض الذي أعطى شرعية لهذا الانقلاب .
لم يستفد المجلس الانتقالي من أخطاء الشرعية في إدارة عدن والتي حرصت على تجريف أبناء عدن ورميهم خارج السلطة ، فجاء الانتقالي ليزيد الأمر إقصاء ، وحرص على تعيين السلطة المحلية من غير أبناء المدينة ، ليضع نفسه في مأزق إقصاء العدنيين ومضاعفة معاناتهم الإنسانية التي نتجت عن عدم قدرة الانتقالي على النهوض بالأعباء المترتبة على الإقصاء وعدم توفير الخدمات ، مما ولد احتقانا لدى الشارع العدني الذي ربما ينفجر أثناء تعيين محافظ جديد من غير أبناء عدن الذين مارسوا أعلى درجات الصبر والتي بدأت تظهر كمواقف رافضة للانتقالي إن لم تكن معادية له .
وبذلك لا يكون الانتقالي قد خسر علاقته بالشارع العدني فحسب ، بل خسر أيضا عقد المصالحة مع الشرعية التي تركته يواجه مصيره في عدن واتجهت إلى حضرموت ، يبد ذلك واضحا وربما بطريقة مدروسة من قبل رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي الذي ظهر وكأنه يتخذها بديلا عن عدن ، مما يجعل قيادات الانتقالي في مأزق ، وليس أمام عيدروس الزبيدي سوى أن يتراجع عن عضويته في مجلس القيادة والتفرد بالسيطرة على عدن ، وهذه الخطوة ستجعله يظهر وكأنه يقود خطوة انقلابية أخرى ، تضاف إلى سابقتها عام ٢٠١٩.
بالتأكيد هذه الخطوة لن تكون حلا للمشكلة ، بل تزيدها تعقيدا ، لا سيما في ظل عدم رغبة العليمي في تحمل أعباء الانتقالي من الأساس ، فهو يستدرج الزبيدي إلى خيار جنوني يجعله يقدم على تأزيم الأزمة بطريقة تجعل الانتقالي يفقد عناصر قوته ، يهدف العليمي من ذلك إلى إعادة وضع الانتقالي على أجندة السعودية والإمارات على حد سواء ، وهو يدرك أن الانتقالي لن يكون أمامه خيار سوى ، التسليم أو التفجير ، وفي كلا الحالتين لن يمضي الناس وراء الانتقالي .
واضح جدا أن الانتقالي في مأزق مركب ناتج عن محدودية وصعوبة الخيارات المتاحة في ظل الضغط القادم من الشارع ومن السعودية في وقت واحد ، فلاهو قادر يتخلص من أعوانه الذين أصبحت مصالحهم مقدمة على مصالح العامة ، ولا هو قادر على تحقيق مصالح الناس ، وقد أدرك العليمي مأزق الانتقالي ،فتركه لوحده وذهب إلى حضرموت يتحرك في شوارعها بحماية سعودية خفية على شاشات التليفزيون مستغنيا عن حماية الانتقالي المرئية .
يقف اليوم الانتقالي عاجزا عن تقديم إجابات على تساؤلات الناس الغاضبة والمتعلقة بماذا بعد ، فهو واقف في الواجهة ، وهذا يكسر ظهره ، أو على أقل تقدير يجعل الناس يفرغون طاقة غضبهم في وجهه وهذا سيؤدي إلى التقليل من مكاسبه المعنوية التي جناها بعد انقلابه على الشرعية ، ولكي يتجاوز ذلك ، عليه أن يجعل السلطة المحلية في عدن من أبنائها أسوة بالمحافظات الأخرى ، وهنا فقط يستطيع أن يرمي بثقل الخدمات على الحكومة ، بغير ذلك ، فإنه بالإضافة إلى مواجهة الشارع ، فإنه سيواجه قوات درع الوطن ولن تقف الإمارات إلى جانبه وستتركه وحيدا مكشوف الظهر ، لأنها ستخلق بدائل أخري تضمن لها بقاء مصالحها بعيدا عن الصراع مع السعودية .