إطار القضية الجنوبية (الخاص) و ذر الرماد في العيون !!

بات واضحا أن الجنوب يعيش حالة من التردي السياسي والاقتصادي والاجتماعي وهو أمر لاينكره إلا منافق أو مستفيد من استمرار هذا التردي بشكل مباشر أو غير مباشر وهو ايضا أمر يفتح الباب لأسوأ الاحتمالات في قادم المراحل.

لايستقيم أي حديث عن أي تحسن في الحالة الجنوبية إلا بتحييد مشاعر العاطفة التي تحركها الميول المناطقية والقروية وذلك بالعودة إلى الموضوعية التي تنطلق من واقع تنعكس مخرجاته أولا على معيشة الناس وامنهم واستقرارهم وحماية املاكهم ، وعلى القضية الجنوبية والى أين وصلت وماذا تحقق لها كقضية عادلة وليس كشخوص ساوموا بعدالتها ولا يتوانوا عن استثمار تعثرها . كما يجب أن تنعكس على مشهد خارطة المشاركة الحياتية في إدارة أمور اهل هذا الجنوب وحقهم في المشاركة السياسية الفاعلة .

نجحت جماعة الانتقالي الإماراتية في غرس خنجر اهداف كفيلها في قلب قضية الجنوب مما اودى بتلك القضية إلى حالة غيبوبة سياسية لن تفيق منها إلا بانتزاع هذا الخنجر ومعالجة آثار سمومه بإعادة الاستقلالية للقرار الجنوبي وتخليص القضية الجنوبية من التبعية الإقليمية وتحريرها من قيود صراع المساومات المكوناتية والارتقاء بها فوق كل الخلافات والصراعات الجنوبية المُفتعلة وتصحيح مفردات الخطاب الجنوبي الذي يمزق اللحمة الجنوبية!

في جانب آخر اخفقت جماعة الانتقالي في حمل راية الجنوب عندما اتخذت من طرق التدليس ومحاولة سرقة جهود الآخرين ونضالاتهم وتخوين الآخر الجنوبي ونفيه ومحاربته واستعداء الكفيل الاقليمي ضده كما اخفقت ايضا في اختيار اسلحتها حين اختارت متطلبات الحياة اليومية للناس لتجعل منها اوراق مساومة وضغط لتحقيق انتصارات للجماعة وليس للقضية وتجعل من متطلبات حياة الشعب في الجنوب دروعا بشرية تحتمي خلفها فأصبح الشعب معها تائها بين قضية شاهت وفقدت بريق عدالتها في ظلام صراع استعادة ملك ضائع ، وبين  معيشة متردية لا تليق بالإنسان.

عندما ثار أجدادنا وابائنا ضد المستعمر البريطاني لم نقرأ يوما في سفر ثورتهم بأنهم ضربوا محوّل للكهرباء ولا مضخة للمياه ولا قطعوا طريق ولا دمروا الروابط الاجتماعية والسياسية بين أبناء الشعب بل على العكس فرغم الأخطاء التي رافقت بعض اجتهاداتهم إلا أنهم استطاعوا توحيد المجتمع ، ولم نقرأ في التاريخ أنهم بسطوا على أملاك المواطنين وانتهكوا حرمات منازلهم أو اعتدوا على أعراضهم ، ولم نسمع عن مناضل منهم أمتلك محلات ذهب في إحدى دول الخليج والسعودية أو أمتلك العمارات والفلل في دول العالم ولهذا افضت ثورتهم إلى دولة ولو في حدها الأدنى.

واقع ثورة اليوم  يقول أن جماعة الانتقالي فقدت الأهلية السياسية للحديث عن الجنوب وقضيته منذ أن سقطت في مستنقع الصراع على التمثيل الجنوبي وما افرزه من تنازلات أصابت القضية في مقتل ، ومنذ أن  تهاوت وانحدرت اهدافها لتتقوقع في زاوية ذر الرماد في العيون بخطاب (الإطار الخاص) للقضية الجنوبية في أي مشاورات نهائية للحل اليمني ، وبالتالي فأن استحقاق فك الارتباط بين تلك الجماعة وبين قضية الجنوب قد حان بل أنه أصبح ضرورة من ضرورات استعادة القضية لعافيتها وعدالتها ووضعها الطبيعي !

تعلم جماعة الانتقالي كما نعلم نحن ويعلم كل المتحررين من قيود التبعية المناطقية والقروية  العمياء بأن حديث (الإطار الخاص) للقضية الجنوبية هو حديث إفك سياسي لم تعرفه قواميس السياسة قديما وحديثا ، ورغم التجارب الكثيرة في استغفال الشعوب إلا ان مصطلح الإطار الخاص قد حجز موقعه في موسوعة جينيس للأرقام القياسية ك أسفه واتفه استغفال تعرض له شعب على مر العصور فالقضية الجنوبية التي تضعها مبررات وجودها في مرتبة متقدمة عن قضية الحوثي اصبحت تفصلها مسافات شاسعة عن قضية الحوثي التي وضعها رجالها في موقع القضية المحورية والطرف الرئيسي في مفاوضات الحل النهائي !!

                عبدالكريم سالم السعدي
                   14 نوفمبر 2023م

مقالات الكاتب