ماذا يجري في الضفة الأخرى لباب المندب ؟!

بينما تُسمع قعقعة السلاح على مداخل  باب المندب وفي سواحله الشرقية صدى لما يحدث في المنطقة وصرا عات دولية واقليمية ، تجري في الضفة الاخرى من المضيق عملية تمدد نفوذ اثيوبي نحو جمهورية (ارض الصومال) الانفصالية ، 
ولعل الاتفاق الذي وقعه إقليم أرض الصومال الانفصالي مع إثيوبيا قبل يومين لاستخدام ميناء بربرة يعطي فكرة عن دور اثيوبيا المنتظر والمتعاظم في القرن الافريقي.
صحيح ان اثيوبيا دولة داخلية غير مطلة على البحار لكنها تستخدم ميناء جيبوتي منفذاً بحريا رئيسياً يرتبط مع اديس ابابا بسكة حديد قديمة وهامة .
والصحيح ايضا ان المشروع الاقتصادي في منطقة ميناء بربرة تشارك فيه اثيوبيا منذ سنوات فقد أبرمت في اوائل عام 2018 اتفاقية شراكة ثلاثية مع شركة موانئ دبي العالمية وأرض الصومال (المعلنة من جانب واحد) لتشغيل ميناء بربرة. وتقضي الاتفاقية بامتلاك موانئ دبي العالمية 51% من عائدات تشغيل ميناء بربرة، مقابل 30% لأرض الصومال، و19% للحكومة الإثيوبية.
لكن ما اثار القلق في الصومال والمنطقة هي نذر دور أمني تتطلع له اديس ابابا وتدعمه على مايبدو انجلترا.
وقال رضوان حسين، مستشار الأمن القومي الاثيوبي "إن مذكرة التفاهم ( الاخيرة ) تمهد الطريق لإثيوبيا للتجارة البحرية في المنطقة بمنحها إمكانية الوصول إلى قاعدة عسكرية مستأجرة على البحر الأحمر."  فماذا تعني قاعدة عسكرية مستأجرة وهل ان الغرض قد يتعدى الخدمات التجارية واللوجستية الصرفة الى دور أمني اثيوبي في القرن الافريقي يصل خليج عدن والبحر الاحمر !
أضاف المسؤول الاثيوبي أن أرض الصومال ستحصل في المقابل على حصة في الخطوط الجوية الإثيوبية المملوكة للدولة، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
ما من شك ان هذه التطورات تستدعي قلق العواصم الاقليمية ومنها مقديشو وجيبوتي وربما القاهرة ابضاً لان هذه الخطوات تهدد مصالحهما  وايضا امنهما ؟
مجلس الوزراء في الصومال قال إن الاتفاق " لاغٍ وباطل"، واستدعت الحكومة سفيرها لدى أديس أبابا على إثر ذلك. 
اما جيبوتي فاكتفت بدور الوساطة  حيث اعلنت وكالة الأنباء الوطنية الصومالية (صونا)» الأسبوع الماضي إنه بعد جهود وساطة تزعمتها جيبوتي، اتفقت الصومال وأرض الصومال على استئناف محادثات تستهدف حسم نزاعاتهما.
ومما يزيد القلق الاقليمي ان هذه التحركات تمت من وراء العاصمة الاتحادية (مقديشو ) وانها تحظى بتشجيع بريطانيا وحلفائها حيث للندن تاريخ استعماري سئ السمعة في الصومال ؛ فقد تواطأت على تقسيمها الى ثلاثة اقسام جزء بريطاني (الصومال الحالية ) وجزء فرنسي ( جيبوتي ) وجزء ايطالي ( اوغادين التي ألحقت باثيوبيا ) ولربما اليوم انفتحت الشهية الاستعمارية لتقسيم المقسم وتحويل الصومال (البريطاني) الى ثلاثة اجزاء اخرى هي جنوب الصومال وصومال لاند وبونط لاند والاخيرتان في شرق الصومال ومطلان على خليج عدن! 
وكانت وزارة النقل الإثيوبية قد اعلنت  في مايو 2021 انها وقعت مذكرة تفاهم مع  «موانئ دبي العالمية» - التي تدير ميناء بربرة منذ عام 2017 - بهدف تطوير الطرف الإثيوبي من الطريق التي تربط بين أديس أبابا وبربرة لتصبح من الممرات التجارية واللوجيستية الرئيسية لطرق التجارة الدولية في البلاد حسب البيان الاثيوبي .
وقد اسهمت وزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة في تمويل هذا الطريق . أما مشروع تحويلة طريق هرجيسا فقد موله مكتب المعونة المباشرة البريطاني «يو كي إيد»!!
ويخشى الصوماليون ان تؤدي هذه المشروعات لربط ميناء بربرة بالاقتصاد الاثيوبي الضخم الى تقوية صومال لاند ومقاومتها الضغوط الاتحادية وانفصالها عن مقديشو . كما يخشى آخرون ان يتحول الاثيوبيون عن ميناء جيبوتي .
إقليم أرض الصومال من جهته  يأمل بأن يتيح الميناء فتحاً اقتصادياً وخياراً جديداً لإثيوبيا المجاورة وهي دولة يبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة ليس لها منفذ على البحر الاحمر وتتوفر على اقتصاد ضخم ومتطور وتحتاج اكثر من ميناء .
لكن دراسة صادرة عن مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، قال إن مساعي إثيوبيا للوصول إلى البحر الأحمر، له أهداف سياسية واقتصادية وأمنية.
الهدف السياسي، وفقًا للمركز، يرتبط بالمشروع الإثيوبي الإقليمي الذي يقوم بالأساس على الهيمنة الإثيوبية في القرن الأفريقي. أما الأهداف الاقتصادية، فترتبط بتعزيز نفوذها الإقليمي في القرن الأفريقي، كونه يجعلها قادرة على ربط اقتصادات دول المنطقة بالاقتصاد الإثيوبي باعتباره الاقتصاد المهيمن هناك. كما يجعلها مقصدًا للاستثمارات الأجنبية، وبوابة مهمة للقوى الكبرى إلى دول المنطقة والعمق الأفريقي.
وبحسب مركز الأهرام، تريد إثيوبيا لعب دور في معادلة أمن البحر الأحمر وصولًا إلى امتلاك قاعدة بحرية إثيوبية -بدعم غربي- بالقرب من مضيق باب المندب.

مقالات الكاتب