متى يغادر بعض الجنوبيين حالة الانفصام السياسي؟

أتابع أحيانآ أحاديث ولقاءات واطروحات لقيادات ومناصري ومُنظّري بعض المكونات الجنوبية واندهش من حالة الفصام التي يعيشها هؤلاء عندما يتحدثون بلسان وخطاب المعارضة للسلطة وهم شركاء في هذه السلطة ويتقاسمون معها كل المزايا الممنوحة لها بالمناصفة ويشاركونها القرار !

كنت اظن ك غيري من المنتمين للجنوب أن (طغمة) الحزب الاشتراكي اليمني هي آخر المتعثرين في مطب هذا التناقض المرضي الذين بمجرد توقيعهم على وريقات تقاسم دولة وحدة مايو 90م مع المؤتمر الشعبي العام ك شركاء تحولوا إلى حكام نهارا ، ومعارضة ليلا فأصبحوا كالراقص على السلم وانتهوا بمأساة فرارهم وتدمير عدن والجنوب!!

يظهر أن العقلية الجنوبية تصر على اتحافنا بمخرجاتها ، فما يحدث اليوم مع المتطفلين على الإرادة الجنوبية يكاد يكون تكرار ممل لماحدث بالأمس للطغمة ، وأن ماحدث بالأمس ويتكرر اليوم لم يكن حادثا عرضيا ولا خطأ سياسي ولكنه كان تجليا من تجليات ثقافة سوداء عششت في زوايا عقل البعض الجنوبي المكبل باغلال أحلام سلطة لم يمتلك يوما مقوماتها ولا شروطها !!

حديث مطالبة مجلس مشاورات الرياض بتحسين اداءه واستعادة استقلالية قراره والارتقاء بوسائل عمله بالخروج من مربع الاهتمام بالجماعات المشاركة فيه إلى الانفتاح على كافة القوى الوطنية التي مازالت خارج اطاره معنيا به في المقام الأول القوى السياسية والاجتماعية غير الممثلة في هذا المجلس أما من يقاسم هذا المجلس العده والعتاد والمال والمخصصات والوظائف والمقاعد الحكومية فمن المفروض أنه بكل تلك المكاسب قد تجاوز مرحلة خطاب المعارضة وبات يمتلك حق إتخاذ وفرض قرار المعالجة على الواقع .

إيصال الإيرادات إلى البنك المركزي وتنظيم عمليات صرفها ، وتوفير متطلبات الحياة للناس من دفع رواتب وتوفير خدمات المياه والكهرباء والأمن والتطبيب وحفظ كرامة وحقوق مواطني المناطق المحررة افتراضا تقع على عاتق الجماعات الممثلة في مجلس مشاورات الرياض مجتمعة وليس هناك إعفاء من المسؤلية القانونية والاخلاقية لأي جماعة حتى وان حاولت تتقمص دور المعارضة!!

قوى المعارضة السياسية والاجتماعية في المناطق المحررة افتراضا هي المخولة بانتقاد عمل مجلس الجماعات المؤتلفة ودوائرها ومجالسها وحكومتها ولها وسائلها المتعارف عليها للتعبير عن مطالبها وهذه المعارضة يجب أن تنظم جهودها وترص صفوفها إذا كانت فعلا تستشعر خطورة الوضع الذي وصلت اليه أحوال الناس ومدى معاناتهم.

محاولات التملص والهرب من المسؤولية بتبني خطاب المعارضة غير المفهوم من قبل قيادات ومكونات شريكة في دولة مابعد مشاورات الرياض لايدل إلا على أحد أمرين إما أن هذه القيادات والمكونات تعيش حالة انفصام وتحتاج إلى علاج سريع ومكثف أو أنها تعمل على تحقيق أهداف خاصة بها وأنها تجد صعوبة في إعلان تلك الأهداف لاتباعها إما خجلا من تفاهة تلك الأهداف أو خوفا من ردة فعل اولئك الاتباع !!

ختاما همسة في آذان جماعات الجنوب المتمتعة بامتيازات الشراكة في مجالس وحكومات مابعد مشاورات الرياض والمشاركة في صنع مآسي أبناء الجنوب ، نعلم وتعلمون انكم تعانون ورطة سياسية كبيرة وإن كابرتم لأنكم بنيتم قبولكم للشراكة على هدف استبعاد القوى الجنوبية الرافضة لكم ولنهجكم وهو نهج سنه اسلافكم في (طغمة) الحزب الاشتراكي الذين رهنوا دولة بشعبها وثرواتها مقابل نفي واستبعاد مخالفيهم من أبناء الجنوب .

لا مخرج أمام الجماعات المتطفلة على القرار الجنوبي والشريكة في مجالس وحكومات مابعد مشاورات الرياض إلا بالاعتذار لشعب الجنوب والتخلي عن اعتساف الإرادة الجنوبية وترك الصدارة لمن يستطيع التعبير عن تلك الإرادة بما يحقق للناس حياة كريمة ويخرجها مما هي فيه من معاناة ويعبر عن طموحاتها الحقيقية ويلتزم بعدم تطويعها لخدمة المشاريع الاقليمية !!

             عبدالكريم سالم السعدي
                23 فبراير 2024م

مقالات الكاتب