الطبيب الإنسان
كنت طفلًا صغيرًا حين كانت أمي تحملني على ظهرها في فوج من النسوة؛ فيهن الراجلة على قدميها، والراكبة ع...
كتب أحد الأخوة الشباب منشورًا عن النعيم الذي شهده الجنوب في عهد الرفاق،ودللَّ لرخاء ذلك العهد بقوله : ( لم يعرف الجنوب ظاهرة إيجار المساكن إلا في عهد الوحدة، ولم تسجل حالة واحدة في عدن كانت تسكن بالإيجار؛ لأن كل أسرة كانت تملك مسكنًا خاصًا بها) وهذا الكلام غير صحيح لأن اغلب مباني المساكن،والمقرات الحكومية في عدن بما فيها القصر الرئاسي الذي حكم منه الرفاق،بالإضافة للمعسكرات والمنشأت الحيوية الكبيرة كالمصافي ،ومستشفى الجمهورية حاليًا - الملكة سابقًا- ومنتجع وفندق العروسة وغيرها من المباني التي كانت الدولة تدعي ملكيتها بْنَيَت في عهد الاستعمار البريطاني، والجزء الآخر منها أما أملاك خاصة لرجال أعمال يمنيين قامت الدولة بتأميمها بموجب قانون التاميم الظالم الذي سنته الدولة في السبعينات والذي بموجبه صادرت كل أملاكهم لصالحها، أو مشاريع قدمتها بعض الدول العربية الشقيقة كهبات؛ نفذتها على حسابه،ولم تساهم الدولة بدينار واحد في بنائها ومنها :
- مشروع عمر المختار هدية مقدمة من الحكومة الليبية .
مشروع عبدالعزيز عبدالولي هدية مقدمة من الشيخ زايد .
- المشروع السعوي في المعلا هدية مقدمة من المملكة العربية السعودية .
- بالإضافة للعديد من الوحدات السكنية والمرافق الحكومية كالمستشفيات ،والمدارس الثانوية في كثير من المحافظات الجنوبية التي تبرعت بها دولة الكويت التي كانت أكثر الدول العربية دعمًا وسخاءً في هذا الجانب من بين الدول العربية جميعًا .
ومع ذلك كانت البيوت تصرف بعقود انتفاع ،ويدفع المواطن إيجارًا رمزيًا للدولة ،ويظل المنزل مملوكًا لدولة،ولا يحق للمواطن التصرف فيه بأي وجه من الوجوه .
ولم تبن حكومة الجنوب أي مشروع سكني على حسابها سوى مشروع البيوت الشعبية في حي الممدارة فيما يعرف بيوت الإنشاءات الذي نفذته الوزارة،ومشروع بيوت الجيش الذي نفذتها الأشغال العسكرية .
في حين لم يستطع أي مواطن من المقتدرين حينها وخاصة المغتربين - أما التجار فقد هربوا جميعًا - أن يبني بيتًا خاصًا له ؛ خوفًا من سؤال من أين لك هذا ؟ و لم تمنح الدولة أي مواطن أرضية سكنية واحدة، حتى جاء عهد حكومة القرية بعد أحداث يناير 86م ،ففتح هذا الباب ،لكنه ظل حكرًا عليهم فقط ، فبعد أن استكمل وزير الإسكان حينها محمد أحمد سلمان توزيع شقق المشاريع السكنية على الضالع ويافع وردفان ،وقلة قلية من المسؤولين الموالين لهم من بقية المحافظات ،بعد أن شطب الأسماء الأصلية من كشوفات التوزيع لكل كوادر الحزب والدولة بقطاعيها العسكري والمدني الذين لا ينتمون للمناطق المحددة، واستبدلهم بآخرين من المناطق المنتصرة كاستحقاق نضالي ،اتجه بعدها إلى صرف الأراضي وظلت شروط صرف الأراضي هي نفس شروط توزيع المساكن، حكرًا على أبناء هذه المناطق ،وقلة من الموالين لهم ، وحازت يافع نصيب الأسد بحكم انتماء وزير الاسكان لها .
ولا أبالغ إذا قلت أن بقية أبناء المحافظات الجنوبية وجدوا هامشـًا بسيطًا للحصول على اراضي سكنيه في عهد علي عبدالله صالح الذي كان اكثر انفتاحًا على بقية المحافظات من رفاق المثلث الذين التهموا الشاة ،وتصدقون على الآخرين بأذنيها فقط .