أنت في اليمن

بعد ستة عقود من الثورة خرجت أجيال الجمهورية تنادي بعودة الإمامة،تقاتل في صفوفها،تدافع عن مشروعها،وتستميت في سبيل عودتها.

استشهد الأباء في سبيل القضاء على الملكية،ويستشهد الأبناء اليوم في سبيل عودتها،وما أكثر الشهداء في وطني ! حتى أنك من كثرتهم لم تعد تفرق بين شهيد  وآخر،في ظل تناقض المشاريع التي ماتوا في سبيلها، وانعدام وجود شروط صارمة،وضوابط سياسية ملزمة تحدد من هو الشهيد ؟ وماهو المشروع المُوجِب للشهادة ؟ طالما والإعلام هو الجهة الوحيدة المخولة لمنحها.


يقاتل الإماميون لعودة الإمامة بكل أبناء اليمن قناديل وزنابيل- وفقًا للتصنيف الحديث - يتصدى لهم كل أبناء اليمن جمهوريون وملكيون - وفقًا للتصنيف القديم - للحفاظ على الجمهورية،فلا غرابة فأنت في اليمن !


طفل الأسرة الجمهورية الذي تخرَّج أبوه من مدرسة الجمهورية وكان يؤدي في طابورها الصباحي النشيد الجمهوري،هو ذات الطفل الذي يؤدي الصرخة الحوثية اليوم فلا غرابة، أنت في اليمن !


الشاب اليمني الذي تخرج من جامعة الجمهورية ومنحته  شهادة في التكنولوجيا،أو النظم والمعلومات الحديثة هو ذاته الذي وهبه الحوثيون مفتاح الجنة،فلا فرق طالما الجهة التي منحته الشهادة، أو وهبته مفتاح الجنة جهة رسمية،فأنت في اليمن !


 المواطن الجمهوري الذي تغنى بالثورة،وأهدافها الستة  طوال ستة  عقود هو ذاته من يدافع اليوم عن مشروع الإمامة؛ وانحصارها في البطنين،فلا ضير في ذلك،فأنت في اليمن !


السياسيون الجمهوريون اليساريون واليمينيون، التقدميون والرجعيون،القوميون والإسلاميون،الكل ترك قبلته التي كان عليها،ويمم وجهه شطر كهف مران طالما والغاية من السياسية هي المنفعة فلا ضير أن تستمد  أفكارك السياسية من كارل ماركس،أو ساطع الحصري،وميشيل عفلق، أو من ملازم حسين الحوثي طالما هي تؤدي إلى نفس المصلحة،فأنت في اليمن !


المثقفون الجمهوريون المحافظون والحداثيون الذي شابت لحاهم في تحقيق كتب التراث، أو دراسة نظريات الحداثة، ومابعد الحديثة، متحدون في الدفاع عن ذات المشروع فلا فرق إذن بين نتشة والمحطوري،فأنت في اليمن !


الشيخ القبلي الذي كان يظهر في ليلة 26سبتمبر من كل عام ملتحفًا بعلم الجمهورية،يحدث الأجيال عن بطولاته ومآثره في التصدي لمشروع الإمامة الكهنوتي هو نفسه الذي يظهر ليلة  21سبتمبر يُحرِّض الجماهير ذاتها للتصدي للعدوان،فلا ضير طالما والفرق بين المناسبتين خمسة أيام فقط !


              سعيد النخعي 

         15/مارس/2010 م

مقالات الكاتب

الطبيب الإنسان

كنت طفلًا صغيرًا حين كانت أمي تحملني على ظهرها في فوج من النسوة؛ فيهن الراجلة على قدميها، والراكبة ع...