هل بات إضعاف القوى السياسية طريقًا للحل ؟

بات من الواضح أن خط سير المعركة نحو صنعاء قد تغير بإتجاه مأرب،كما أن إضعاف الاصلاح - وليس إسقاطه-  أصبح هدفًا مقدمًا على إسقاط الحوثي،كواحد من الحسابات الدولية ،والأولويات الأقليمية القائمة على سياسة إضعاف الحليف قبل الخصم،على غرار ما حصل في المحافظات الجنوبية،للوصول للحل الشامل لليمن.

لذا بات إضعاف الاصلاح هدفًا واضحًا من خلال التقاعس في دعم الجبهات التي يقودها، والتلويح المبطن بتركه فريسة يستفرد بها الحوثيون ،وإفساح المجال للحوثيين لتحقيق  انتصارات تبدو هامشية في نظر التحالف،في حين يعدَّها الحوثيون فتحًا عسكريًا،وانتصارًا سياسيًا، ومعنويًا وإعلاميًا لترميم معنويات أفرادهم جرَّاء انكساراتهم وهزائمهم المتلاحقة،والاستفادة من انعكاساته السلبية على خصمهم اللدود معنويًا وسياسيًا وعسكريًا كما شاهدنا ذلك بوضوح بعد سقوط نهم،ومديرية الحزم عاصمة الجوف،وهذا بمثابة التمهيد لتلقي الصدمة من جهة،وحتى لاتسير الأمور بشكل يوحي بأن سياقها وتوقيتها خارج المألوف من جهة أخرى، ولايصال رسالة للاصلاح أنه بات في خطر وليس بمقدوره مواجهة الحوثي بمفرده، مما يعني قبوله بالشراكة في إدارة المعركة العسكرية،لايجاد مبررًا عسكريًا لنقل ألوية حرَّاس الجمهورية - التي تدين بالولاء لبيت عفاش وليس للشرعية - الخصم السياسي اللدود للاصلاح  ،بالإضافة إلى ألوية من العمالقة الخصم الايدلوجي للأخوان،لتفضي الشراكة العسكرية إلى الشراكة السياسية لإدارة محافظة مأرب التي يُتَّهم الاصلاح بالاستفراد بقرارها السياسي والإداري.


يبدو أن أضعاف جميع القوى السياسية المناهضة للحوثيين بات شرطًا بالنسبة للتحالف للاستفراد بقيادة المعركة ضد الحوثيين،وواحد من الشروط الممهدة للحل النهائي من وجهة نظره،لذا يبدو أن قرار إضعاف الاصلاح قد اتُّخذ بعد أن صار المغرد الوحيد خارج سرب الضعفاء،والحزب الوحيد الذي ظل عصيًا على التفكيك،أو حتى الاختراق،وهذا منحه القدرة على التعامل الندي،خلافًا لبقية المكونات السياسية التي تقوم علاقتها بالآخر على الولاء والتبعية .


لقد كان واضحًا منذ البداية أن خيار إضعاف القوى السياسية كان خيارًا لايقل أهمية عن محاربة المشروع الحوثي،لإعادة تشكيلها  وفقًا لنظرية تشومسكي ( صناعة الفقاعات) فإضعاف الجميع وسيلة للسيطرة على الجميع، فصراع الضعفاء  لايمكن لأي طرف من أطرافه حسم الصراع لصالحه،أوفرض شروطه على بقية الفرقاء ، وهذا سيسهل تحويلها من توليفة متنافرة،إلى توليفة منسجمة؛ تدور في مدار الفلك المتحكم بالصراع ليسهل عليه توجيهها مجتمعه نحو الهدف الذي يريد دون عناء،وبأقل تكلفة.

مقالات الكاتب

الطبيب الإنسان

كنت طفلًا صغيرًا حين كانت أمي تحملني على ظهرها في فوج من النسوة؛ فيهن الراجلة على قدميها، والراكبة ع...