فلسطين لا ولن تصبح تاريخاً
إن كل ما يحدث ضد العرب من مشرق الوطن العربي إلى مغربه منذ تأسيس دولة الاحتلال في فلسطين هدفه الرئيسي...
قلّة من الرجال يتركون أثراً في التاريخ بعد رحيلهم، بصمة تدل عليهم وتجعل الناس تذكر سيرتهم بكل ما هو طيب، وهذا ينطبق كثيراً على الراحل الصديق الدكتور صالح علي باصرة الذي انتقل الى رحاب الله، منذ عامين.
حزنت حقاً لموته، إذ ربطتني به صداقة طويلة وعلاقة نضال في محطات عديدة كان خلالها مثالاً للصديق الوفي في الزمن الصعب الذي يختبر معدن الرجال وصلابة الشجعان. كان باصرة صادقاً حين امتهن كثيرون الكذب والنفاق، وكان سياسياً مثقفاً وتربوياً واعياً، عُرف بحرصه على خدمة الناس في كل مركز تبوّأه، وترك بصمته في كل المؤسسات التي عمل فيها بجد وإخلاص. كما ارتبط اسمه بمكافحة الفساد والتقرير الهام الذي قدمه تحت اسم تقرير (هلال – باصرة) عن الفاسدين ومكافحة الفساد، الذي حُفظ في أدراج السلطة.
حمل الدكتور صالح الكثير من نكهة جذوره الحضرمية الطيبة، درس في حضرموت الحضارة ومنها قدِم الى عدن الحداثة والتنوير، ودرس في جامعة عدن التي كان لي شرف الإعلان عن تأسيسها في 10 سبتمبر 1975م، ثم أصبح رئيساً لها بعد أن نال الشهادة العليا في التاريخ من ألمانيا، وفي عهده تطورت الجامعة وتوسعت كلياتها في عدن وفروعها في المحافظات. وفي وقت لاحق تولى حقيبة التعليم العالي وكان له الدور في تأسيس جامعات بعض المحافظات، ولم يكن له حدود سوى العلم والتاريخ والحقيقة، لذا لم يُعرف عنه غير الصدق والإخلاص وحب وخدمة الناس وابتسامة رقيقة قلّما تفارق وجها يدخل القلوب دون استئذان.
نفتقدك أيها الطيب، أخاً وصديقاً، سياسياً ومثقفاً وتربوياً، وقبل كل ذلك إنساناً في منتهى النبل والشجاعة. وما أحوجنا إليك والى أمثالك في هذه اللحظات الصعبة من تاريخ الوطن الذي يئن من الصراعات والحروب منذ أكثر من خمس سنوات والتي لا يستفيدُ منها إلا تجار الموت والحروب. وقد كنتَ دائما من دعاة وقف الحروب والاحتكام الى لغة الحوار لتحقيق الأمن والاستقرار في بلادنا والمنطقة، لأن الشعب هو من يدفع ثمن هذه الحروب من دمه ورجاله وشبابه وأمنه واستقراره.
المجد والخلود للفقيد الكبير الدكتور صالح باصرة.