نتطلع الى هؤلاء لبناء المستقبل
العزيز الدكتور هزم،اطلعت على مقالكم علي ناصر محمد: المشروع اليمني الكبير، وأشكركم على ما جاء فيه من...
لبنان، جوهرة الشرق الأوسط، والتي قال عنها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل: «إنها نافذة زجاجية معشقة وملونة في جدار عربي، وإذا خُرق هذا الجدار، وقع هذا الزجاج الجميل بين الجدار والنافذة. المشكلة أن أصحابها يمكن أن يدمروا هذه النافذة»..
يدفع لبنان ثمن موقعه الاستراتيجي في الماضي والحاضر وثمن موقفه من القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. هذا الموقف، الذي تبناه لبنان منذ عقود، جعله عرضة للعدوان المستمر من القوى المعادية. ودارت على أرضه حرب أهلية لأكثر من 15 عامًا، كانت تقف خلفها قوى محلية وإقليمية ودولية، وفي المقدمة الكيان الصهيوني، الذي لا يريد للبنان أن يستقر ويزدهر بعد أن كان منارة للعلم والثقافة والصحافة والتنوير.
اليوم، يُعاد لبنان إلى دوامة العنف والدمار، حيث يعاني من عدوان عسكري غير مسبوق، ويواجه تحديات أكبر من أي وقت مضى بسبب هذا الموقع المميز في خريطة الصراع الإقليمي.
ما يجري في لبنان اليوم من تدمير للانسان والبنيان هو امتداد لحرب اجتياح الكيان الصهيوني للبنان عام 1982، حيث اجتاح الكيان الصهيوني لبنان وعاصمته بيروت، بل وصل شارون إلى قصر الرئاسة في بعبدا في ظل صمت إقليمي وعربي ودولي، بذريعة القضاء على الوجود الفلسطيني المسلح.. بعد أن طُرد الفلسطينيين من وطنهم عامي 1948 و1967، وبعد أن احتُلت أراضيهم وسرقت منازلهم، وجرى تهجيرهم إلى سوريا ولبنان والأردن ومصر، بل إلى كل الدول العربية والعالم.
تبدأ اليوم حملة جديدة من الصراع بسبب موقف لبنان من حرب الإبادة في غزة، واعتقاد الكيان الصهيوني أنه إذا هُزمت المقاومة اللبنانية، وفي مقدمتها حزب الله، فإن ذلك يعتبر هزيمة لغزة الصمود، التي سجلت أروع البطولات في تاريخ العرب وتاريخ الحروب والشعوب فمعركة الاحتلال الاسرائيلي هي معركة مع الشعبين الفلسطيني واللبناني..
وقد أكدنا أكثر من مرة أن غزة هي خط الدفاع الأول عن القضية الفلسطينية والمقدسات في منطقتنا.
وقد تسببت هذه الحرب على لبنان، التي دارت رحاها منذ شهرين، في سقوط 3558 شهيداً و15123 جريحاً في مقدمتهم الشهيد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وتهجير مئات الآلاف من المواطنين اللبنانيين من مدنهم.
لم يكتفِ العدو بذلك، بل حوّل الأحياء المدنية والمحلات التجارية والمدارس والقطاعات الصحية إلى أهداف لآلاف من الصواريخ المحرمة دوليًا، التي تُستخدم لدك المدن والأحياء في جنوب لبنان وبيروت وبعلبك وغيرها من المدن.
تلك الصواريخ، التي تنهال على لبنان يوميًا منذ ما يقارب الشهرين، تكشف عن الأهداف القديمة الجديدة التي تسعى تل أبيب إلى تحقيقها، وأهمها إضعاف لبنان وشل قدرته على التأثير في القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. فإسرائيل، التي تستمر في تهديد استقرار لبنان، تدرك أن لبنان كان ولا يزال يشكل نقطة ارتكاز رئيسية في المقاومة ضد الاحتلال، سواء في فلسطين أو في أي مكان آخر.
إن الوضع اليوم يتطلب من دولنا وشعوبنا مواقف جدية بعيدًا عن بيانات الاستنكار والشجب التي لن تغير شيئًا. نحن اليوم بحاجة إلى موقف رسمي وشعبي يُترجم على الساحة، ويجب استخدام كافة الإمكانيات الاقتصادية والدبلوماسية لوقف هذا العدوان، لأن أطماع الكيان الصهيوني لن تتوقف عند حدود الضفة وغزة وجنوب لبنان، بل ستطال المنطقة العربية بأسرها.
المجد والخلود للشهداء والشفاء للجرحى..
نعم للسلام.. لا للحرب