الطبيب الإنسان
كنت طفلًا صغيرًا حين كانت أمي تحملني على ظهرها في فوج من النسوة؛ فيهن الراجلة على قدميها، والراكبة ع...
كلما جاء ذكر منحة الوقود السعودية تذكرت قصة طريفة ذكرها الأستاذ/ محسن العيني - رئيس وزراء أول حكومة في عهد الجمهورية - في مذكراته،إذ يقول : بعد أن اعترفت المملكة العربية السعودية بالجمهورية اليمنية انهالت الوعود بالمساعدات،والمنح،والقروض لدعم البنية التحتية لليمن ،وصاحب هذه الوعود ضخًا إعلاميًا واسعًا لتغطية أخبار هذه المشاريع،وأهدافها،وتكلفتها الإجمالية،وبعد انتظار لأكثر من سنة،لم يصل منها شيئًا، لكنها سببت سخطًا شعبيًا واسعًا على الحكومة التي كنت على رأسها،واتهام الشارع لنا بالتلاعب بأموال القروض، والمنح والمساعدات،مما دفعني للذهاب إلى الرياض لمقابلة الملك فيصل نفسه،وأثناء اللقاء بالملك،بادرته بالقول ياجلالة الملك المساعدات التي وعدتمونا بها لم يصل منها شيئًا منذ أكثر من سنة،ولم نسلم من تداعيات الإعلان عنها ! يقول العيني: فاستوى الملك فيصل في مجلسة مبديًا انزعاجه،واستغرابه من كلامي،فنادى مستشاره رشاد فرعون، معاتبًا إياه على التسويف،والمماطلة،فتدخلت مقاطعًا عتاب الملك لمستشاره، ياجلالة الملك عندي سكرتيرًا اسمه حمود ناجي، أقوم معه بنفس ماتقوم به مع رشاد فرعون،ليس تهربًا من المسؤولية، ولكن لعدم وجود الإمكانات لدي على الوفاء بالوعود، وهذا هو الفرق بيني وبينك ياجلالة الملك،لذا ياجلالة الملك لا أُريد منك الأن شيئًا مما وعدتني به المملكة،من مساعدات،ومنح،وقروض، سوى شحنة وقود مستعجلة بشرط ألا تكون هذه المرة تحت مسمى منحة،أو مساعدة،وإنما أريدها صدقة إلى روح والدك ،فضحك الملك فيصل،وضحك الحاضرون جميعًا،وبالفعل وصلت شحنة الوقود ولم تستغرق من الوقت سوى مسافة الطريق من ميناء ينبع إلى ميناء الحديدة .
سعيد النخعي
16/مايو/2021م