تاريخ النهب في الجنوب

بدأ النهب في الجنوب مع بداية الدولة بقرار رسمي اصدره الرفاق عام 1972م وهو ما عُرف بقانون تأميم المساكن الذي تم بموجبه تأميم المساكن والممتلكات،اشتمل على مصفوفة من التشريعات والقوانين التي تُشرَّع مصادرة الأملاك الخاصة، وتنظم نقل ملكيتها  من ملاكها الأصليين إلى أصحاب المصلحة الحقيقة في الثورة .
فصادر الرفاق بموجبه كل الممتلكات الخاصة من مباني،وعقارات،ومصالح استثمارية للصالح العام،ليتبعوه بقانون آخر تم بموجبه مصادرة الأرضي الزراعية الخاصة،ونقل ملكيتها من أصحابها؛وإعادة توزيعها على المشاركين في مظاهرات الصخب الثوري فيما عُرف بالانتفاضات الفلاحية تحت شعار ( الأرض لمن يفلحها لا لمن يملكها) 
 ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم ظلت قوانين النهب سارية؛ تستمدُّ مشروعيته من صدى الشعارات المتجددة التي لم تترك للعقل فسح للمراجعة،أو لحظة لاستيقاظ الضمير،ليتحول النهب - مع مرور الزمن - من ظاهرة إلى ثقافة؛توشك أن يتم إلحاقها ضمن مقررات المناهج الدراسية .
 ظل نهب المنازل كبرى الغنائم بالنسبة للمحارب المنتصر بعد كل صراع سياسي كما شاهدنا ذلك في حرب 86م،94م،2015م،أما أراضي الدولة فقد ظلت وقفًا خاصًا لأفراد الطائفة المنصورة كما فعل الطرف المنتصر بعد يناير 86م ،أو وسيلة من وسائل السلطة الفاسدة لكسب الولاءات،وشراء مواقف الخصوم كما كان يفعل عفاش وأركان حكمه  .
لذا لم تقم أي سلطة بوضع معالجات جادة لهذه المظالم،لأن أي معالجات حقيقة سيكون ثمنها مستقطعًا من غنائم الطرف المنتصر؛ وفقًا لقانون منفعة المنتصر مترتبة على ضرر المنهزم ،لذا أغلقت السلطات المتعاقبة هذا الملف لكي لا يتنازل أي طرف عمَّا نهبه؛لمنافاته لقانون (السلطة غنيمة) فالسلطة التي ستقوم بإخراج السكان المنتفعين من المباني السكنية المؤممة،أو مباني الدولة المقتحمة ستصبح ملزمة لهم في إيجاد سكن بديل،أو تعويضهم مقابل إعادة الحق لأصحابه،وهذه الخطوة مردودها السياسي سيكون ضعيفًا،لأن ضررها  أكثر من نفعها ،فآثر الجميع السلامة عن القيام بهذه المغامرة التي ستغصب أنصاره قبل خصومه  .
             سعيد النخعي  
         5/يونيو/2021م

مقالات الكاتب

الطبيب الإنسان

كنت طفلًا صغيرًا حين كانت أمي تحملني على ظهرها في فوج من النسوة؛ فيهن الراجلة على قدميها، والراكبة ع...