جيش الجنوب العربي .. فصول من التاريخ البطولي العريق
هي الذكرى تطيب لذي الهوى ومن حاجة المحب أن يتذكرا، فكيف بي وأن أستذكر الولادة العزيزة لجيش المآثر وا...
حين يستميت الرجال في الدفاع عن وطنهم، ويقدمون أرواحهم رخيصة في سبيل محاربة الجحافل والعصابات الإجرامية تظل وتبقى سيرهم العطرة والخالدة لتتوارث الأجيال بطولاتها وأمجادها، انه الشهيد القائد البطل المقدام العميد "يسري عبيد حازم الحوشبي"، المولود بربيع العام 1982م للميلاد، في منطقة مكيديم بمديرية المسيمير محافظة لحج، ليث جنوبي مغوار وفارس لا يشق له غبار، قائد صاحب ابتسامة مشرقة وتواضعاً جماً، وأخلاقاً فاضلة فريدة عالية، انه القائد الفدائي الذي أثرى الحياة بالكثير من البصمات الإنسانية والإسهامات النضالية والمناقب الوطنية والمآثر البطولية الخالدة.
العميد يسري الحوشبي "أبو عيدروس" ذلك المحارب الجنوبي الباسل والإنسان البشوش الذي لاتفارقه الإبتسامة والجسور الذي تحمل كل الصعاب وبذل كل التضحيات في سبيل الدفاع عن أرضه وعرضه وشعبه وقضيته الوطنية العادلة، ذلك الصنديد الذي سجل مشاركته التاريخية في حرب المقاومة الجنوبية ضد جحافل الحوثي بجبهات مختلفة منذ العام 2015 للميلاد، بدءً بكمائن عقان ومعارك مشيقر والأسد مروراً بمواجهات النخيلة وصولاً إلى جبهات كرش والساحل الغربي، ومشاركاً بفدائية في محاربة الإرهاب بالعاصمة عدن وعدة محافظات، علاوة على قيادته لجبهة حبيل حنش بالمسيمير حيث أصيب في عدة مواجهات مع العدو واثخن جسده بالجراح، قبل ان تكون جبهة الشيخ سالم بمحور أبين محطته الثورية الأخيرة في حياته الحافلة بالتضحية والنضال حين اصيب فيها مساء التاسع عشر من يونيو 2020م في مواجهات قرن الكلاسي لتكون هي الإصابة التي تسببت بإستشهاده لأحقاً.
اليك وحدك نولي شطر المشاعر، ولك نبكي بصمت واحترام، وصوب روحك الغائبة تذهب الأشواق كل يوم للطواف وتقتفيك عند الأصيل والشفق، نعم ايها القائد الفذ الهمام نسكب الآهات والأحزان على رحيلك كل يوم، فحين كان خيارك العظيم هو الإستشهاد ومعانقة المنايا توشحت بذلك الوسام الخالد لتبقى حياً في قلوبنا وافئدتنا، فقدناك رجلاً من أنبل وأشرف واوفى الرجال المخلصين الذين وهبوا حياتهم لخدمة هذا الوطن وفي سبيل نصرة مظلومية الشعب.
لقد عاش الشهيد القائد يسري الحوشبي، ثائراً مقداماً ومناضلاً جسوراً ووطنياً مخلصاً طوال فترات حياته مضحياً بالغال والنفيس وكل ما يملك لأجل وطنه الجنوب، فقد كان من ثلة المقاومين الأوائل الذين تصدوا للميليشيات الحوثية اثناء غزوها للجنوب عام 2015م، وشارك بفاعلية في تكبيدها الخسائر الفادحة والهزائم النكراء ومطاردة فلولها بجميع الأماكن والجبهات ليربط هذا العطاء الكفاحي المسلح الكبير بمسيرته النضالية المظفرة الممتدة منذ العام 2007م والتي كان فيها أحد مؤسسي الحراك الجنوبي السلمي ومن الرعيل القيادي الأول الذي حمل على عاتقه مسؤولية التحضير والمشاركة في كل الفعاليات المطلبية الجماهيرية السلمية المنددة ببقاء وطغيان قوات نظام الإحتلال اليمني في أرض الجنوب، قبل ان تسند اليه مهام قيادة اللواء العاشر صاعقة من قبل الرئيس القائد عيدروس الزبيدي في العام 2019م.
الشهيد القائد العميد "يسري الحوشبي" رجل حمل في حياته أسمى معاني الأخلاق والرجولة والتواضع تجاه الجميع دون استثناء، وظل رجلاً يتمتع بالنزاهة والشرف العسكري ومحافظاً على رصيده النضالي مبتعداً عن أطماع المصالح وحب الذات والأنانية، لقد ناضل الشهيد وضحى بالكثير لخدمة شعبه ووطنه وعمل بصمت دون ضجيج ولم ينتظر يوماً المقابل من أحد، عاش حاملاً هم الوطن ومدافعاً عن كرامة وعزة الشعب ومتحمساً لتحقيق حلم الإستقلال وإستعادة الدولة حتى آخر أنفاسه.
بخبر إصابته وإستشهاده فجعت الأمة وخيم على الجنوب وشعبه وقيادته الحزن العميق، لقد رحل عنهم هذا الرجل الطيب الخلوق والمناضل الوطني الصلب والجسور والثائر المقدام والقائد الفذ والإنسان المتواضع، وأرتقى شهيداً في قمة العنفوان والشموخ والرجولة مدافعاً عن حياض أرضه وعن كرامة شعبه ضارباً أروع الأمثال في الفداء والتضحية.
ان العظماء أمثالك لا يموتون وإن اختلط رفات أجسادهم الطاهرة بتراب الوطن الذي احبوه وناضلوا بسنوات اعمارهم في سبيله وبذلوا لأجله أغلى وأعز التضحيات، ايها الراحل اليومي، أطلقوا نحوك رصاصات الحقد وأرادوا لك الموت كي تحيا بعيداً عن انظارهم وتعود حقبة الظلم والطغيان والإرهاب والنهب والفيد والإستعمار لتجثم مجدداً على صدور ابناء وطنك الذي فديته بروحك الطاهرة، ايها الخالد المجيد احييناك روحاً عظيمة وسط صدورنا، وكتبنا بدمائك الزكية نهاية أحلام الغزاة والطامعين، فكلهم رحلوا إلا أنت لا تزال حاضراً في كل تفاصيل هذا الوجود.
انه الرابع من يوليو 2020 للميلاد الحزين، ذكرى الإرتقاء الإستشهادي البطولي للفارس الجنوبي المغوار قائد اللواء العاشر صاعقة العميد يسري عبيد حازم الحوشبي "أبو عيدروس" سحائب الرحمة تغشاه كل يوم، لقد غادر أبو عيدروس قيادته ومسكنه وأهله والدنيا بحذافيرها وترك جرحاً غائراً لايندمل ووجعاً لايهدئ في اعماق نفوسنا، ومع ذلك يتذكر الجميع محاسنه وأثره الطيب وأرثه المجيد ويدعون له بالرحمة والمغفرة، ونحن نقف اليوم في عتبات الذكرى السنوية الأولى لإستشهاد هذا البطل الفدائي الغيور حرياً بنا ان نستذكر لحظات فراقه المفجع الحزين لنجدد له العهد بان لاننساه ابد ما حيينا، وان نحييه في نفوسنا بإبتسامته وطيبته المعهودة وشجاعته وإقدامة وإستبساله ومواقفه المشرفة ونضالاته وتضحياته، سنظل أبا عيدروس أوفياء لك نترحم عليك في كل وقت وحين داعين الخالق عز وجل ان يشملك بواسع الرحمة والمغفرة والرضوان وان يسكنك فسيح الجنان وان ينزلك منازل الشهداء في الفردوس الأعلى.
أبا عيدروس، أخبرهم كيف امتطيت المجد وبلغت ذرى المنازل و الكمال، أخبرهم عن روحك، حدثهم عنك اليوم وحين يغيب الشفق وكل يوم،
اكتب لهم بالدماء آخر وصية،
وأبقى لنا ذخراً وفخراً وعزاً للأبد، أبا عيدروس وبعد عام من ذلك اليوم كأنك بعد لم ترحل، لا تزال راحلاً وحاضراً بذكرياتك الجميلة وتفانيك واخلاصك ووفائك وعطاءك الكبير، عليك تلتوينا سويعات الذكرى وتعصر قلوبنا العبرات وتهيج لذكراك المشاعر، عام حزين مضى منذ حين أنت رحلت، فسلاماً على بطولاتك الخالدة وسلاماً على روحك.
إنا لله وإنا اليه راجعون