قوة إيران ومصير الحلفاء بعد مغادرة السعودية اليمن!
وصلت الحرب في اليمن الى نقطة النهاية، الأزمة الإنسانية التي خلفتها الحرب، وزيادة معدل الفقر والجوع ح...
طبيعي أن يلغي الانتقالي الجنوبي احتفاله بثورة أكتوبر الجنوب ال 55 ، بيان الانتقالي الذي دعا فيه إلى إسقاط المؤسسات وسيطرة شعب الجنوب عليها حد طرد النفر المتبقي للشرعية من عدن سيضعه في اكبر خيبة إن هو تحدث عن ثورة أكتوبر ولم تتأصل بعد ثورته الذي دعا إليها الشعب في ال 3 من أكتوبر واقعا حيا رغما وانه قد شهر سيفه باتجاه عدو هش ، عدو لا وجود له إلا في مذكرات التحالف العربي و الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية ، عدو لا يملك ارض أو مصداقية ، شراكة الانتقالي الجنوبي مع التحالف العربي خصوصا الإمارات اقتضت تقييده عن الإقدام باتجاه هكذا خطوة وهو قادر على إسقاط كل الأشياء تحت قبضته بطرفة عين إلا أن الاقتراب من الشرعية كثيرا معناه إنهاء مشروعية التحالف العربي إن سلم التحالف العربي القضاء عليها " بالسلاح " .
في شبابي كنت شغوف وحريص على متابعة إذاعة البي بي سي البريطانية الناطقة بالعربية ، وقبل أكثر من ثلاثة عقود توقفت أمام هذه العبارة للمذيع " هذا الرجل لا ينام إلا على وسادة من دم " .. المذيع أفصح انه احمد مساعد حسين ، علي ناصر محمد كتب مقال أشبه بمعلقه ثامنة وجهها لابن حافظ الأسد بشار حافظ الأسد وتكلم كثيرا عن كرم والده وكيف انه أعانه و أكرمه و أعاد له المعنى الحقيقي للحياة بعد أن قذفت به صنعاء بعد عدن ، في كل لقاءاته هو عراب الوحدة ورجلها الحقيقي منذ اتفاق طرابلس ، فشل الرجل في الحفاظ على مؤتمر القاهرة وانفض رفاقه من حوله .
قضية أن تفصح عن حليفك هذا أمر تحمله قناعاتك وتوجهاتك ، دعم محمد علي احمد لهادي ليست جديدة ولم تصنعها اللحظة أو حاجة الوطن ؛ إنها امتداد لتحالف عميق تستدعيه الضرورة و الأدوار المصيرية ، محمد علي احمد لم يكن مرحبا به في الجنوب صيف حرب 94م ، تزامنت عودته إلى عدن من صنعاء ليقف في خندق واحد مع الجنوبيين ضد غزو اليمنيين لهم ، كانت عودته في لحظة تنصيب هادي من عفاش حينها وزيرا للدفاع وقائدا لعمليات الحرب على الجنوب ؛ تغيرت حينها العمليات العسكرية على الأرض ، واشتعلت كل الجبهات ، ونهض عفاش مجددا بعد أن فشل في إسقاط الجنوب من جبهة واحدة ، عاد محمد علي احمد مرة أخرى حليفا سياسيا مع هادي باسم مؤتمر شعب الجنوب وأعاد الجنوب إلى صنعاء ثانية .
رأس الأفعى " العطاس " بحسب وصف عفاش أصبح مؤمن أن البناء على مخرجات حوار صنعاء هو الأسلم لعودة الجنوب ، بهذا يكون قد اعترف بلا اعتراف انه كان على خطاء في كل تصوراته وقناعاته سابقا ، الواقع اليوم يرسم معالمه بسواعد الشباب وبعيدا أن يكون مركزه قيادات هرمت عبثا وفشلا .
عندما اخترق طيران التحالف العربي الأجواء و وصل الى معاشيق هادي ليس له علم بذلك ، الطريق الذي حدده عفاش لهادي تم رسم بدقه لولا تدخل التحالف العربي ، لن يحكم هادي صنعاء ولن يستقر في عدن ، قضية الشراكة الذي فضها هادي مع الجنوبيين أغلقت عليه ما تبقى له من بقاع ليصبح رئيسا لا تقبله أرضه .
من الطبيعي أن يخرج هادي بخطاب الحرب على الجنوبيين في ذكرى ثورة أكتوبر ال 55 ، ومن غير الطبيعي أن يرسم هادي للشعبين طريقهم الوحيد للنجاة ، لا صنعاء وبلداتها ستقبل التقسيم ، ولا عدن وبلداتها ستقبل التقسيم وضمها إلى صنعاء ، والدستور الملفق الذي وضعه الحوثيين تحت أقدامهم ليس طوق النجاة الأمثل .
الدول التي باركت مخرجات حوار موفمبيك تصر اليوم على إيقاف الحرب التي صنعتها طلاسم إخوان اليمن ، هادي مختطف من تلك اللحظة التي صفق فيها محمد قحطان بشدة وهو يضحك في ختام حوار صنعاء ، ولم يعد مقبولا أن يستمر رئيسا منذ مبادرة كيري لولا اختلاقه الأزمة تلو الأزمة أخرها أن المقاومة الجنوبية والجنوبيين تدعمهم إيران والواجب قتالهم واعادتهم إلى صنعاء للتقسيم الاتحادي .
استشعرت الشرعية التي عبثت كثيرا خروجها من المشهد نتاج وتمدد الجنوبيين على مفاصل الأرض ، وتعاظم قوتهم ، وتجانس فعلهم مع دول الإقليم والأمم ، وعلى ارض الجنوب يتأسس اليوم واقعا جديد اكبر من هادي ومن معه ، وعصي على صنعاء المختطفة بمباركة نخبها وأحزابها وقبائلها وعسكرها ، واقع سيستساغ إقليميا ودوليا بنعومة التمدد و التجذر ، واقع بعيدا عن تدخل الشمال و أياديه العابثة للاستقرار ، واقع ينأى بالمواقع الإستراتيجية من مضايق وممرات ومياه وبحار من الاستخدام الخطير ، واقع يعزز التعاطي الأمثل لثروات النفط والغاز والذهب بعيدا عن الفوضويين النهابة تجار الحروب وصناع الدمار .
ليست الإمارات التي أصبحت وبالفعل الشوكة المسمومة في خاصرة أعداء الجنوب هي المتفردة بصناعة خارطة الحل الجذري لصراع كان في حكم اللامنتهي بين الشمال والجنوب ، ولن تكون الرياض بعيدة عن أداء ابوظبي في هذه الحرب وبتفاهمات دولية ؛ انه الحل القادم الناجع المرسوم الذي سيفضى بلا أدنى ريب نحو بروز سلطة أمر واقع في الجنوب بلا دماء في مواجهة سلطة أمر واقع غزيرة الدماء والدمار والفوضى والتبعية ، فالشعب الذي اوجد حريته وكرامته بقوة التضحية وعظيم الإصرار اقدر على صناعة مستقبلة الآمن بعطاء لا ينضب وتجدد لا يقبل الأفول .