جيش الجنوب العربي .. فصول من التاريخ البطولي العريق
هي الذكرى تطيب لذي الهوى ومن حاجة المحب أن يتذكرا، فكيف بي وأن أستذكر الولادة العزيزة لجيش المآثر وا...
لم يكن هدف القائد محمد علي الحوشبي محض الإنتصار العسكري والأمني في كل المعارك التي خاصها ويخوضها فقط، بل انه يبذل المهجة في سبيل المولى عز وجل ومستعد للفناء لأجل الله ومحبتةً للقائه، فالشيخ "أبو الخطاب" في رحلة إيصال وإيثار وصناعة النفوس، لم تتوقف مسيرته النضالية والثورية عند نقطة معينة بل هو ماض كل يوم في تهذيب وتزكية كل من التحق بركبه ولبى نداءه الوطني الذي يحق الحق وينتصر له ويزهق الباطل ويحارب البغي والمنكر.
لو درسنا وتأملنا في السيرة العطرة للشيخ القائد "محمد علي الحوشبي" طيب الله ذكره وأعز قدره ورفع شأنه وأعلى مكانته، سنجد أنه يعيش في عالم التسليم المطلق والتفويض لله تعالى في كل أمور ومقتضيات الحياة ولا يبدو أبداً كشخص لا يهوى السير إلى منيته، فهو عاشق وغيور على أرضه وعرضه ودينه ومقدسات عقيدته السمحاء وكل همه أن يرجع لمحبوبه راضياً مرضياً فهو يكثر من الإسترجاع بالقول (إنا لله وإنا إليه راجعون) في كل حركاته وسكناته وحله وترحاله.
يتسم القائد محمد علي الحوشبي، بالقيم والسلوكيات الحسنة والأخلاق الحميدة والمهذبة في السلم وفي الحرب، وتنصهر في شخصيته الفذة مبادئ وقيم القضية التي يفضل ان يموت في سبيلها على ان لا يفرط فيها لأجل نزوة او نزغة او شهوة دنيوية زائلة، انه رجل عظيم تتجرد نفسيته من كل مغريات وشهوات وملذات هذه الدنيا الفانية، ويعيش لغاية وهدف ومهمة واحدة وهي تزكية وتهذيب النفوس وإيصالها الى المقامات العلأ سيما تلك التي تستهويها الشياطين وانجرت خلف ملهيات وإغراءات الدنيا الزائلة.
من شخصية وسيرة القائد "أبو الخطاب" العطرة، نتعلم كيف نرقى بأرواحنا ونطهر قلوبنا ونزكي نفوسنا ونواجه رؤوس الشر وأسباب وعوامل الفساد دون خوف أو وجل، كما نتعلم من سيرته بان سبب شقاء كل أمة هو انحرافاتها السلوكية والأخلاقية وابتعادها عن الدين القويم والشريعة الحقة، مصداقاً للقول: بمقدار ما يتبع الإنسان هوى نفسه يشقى في الدنيا والآخرة، ومن نهجه وفضائله وتعاملاته وأسلوبه في الحياة يتضح جلياً لنا بان الحل للخروج من كل المشاكل والمعضلات والهموم والغموم كان ذلك في الماضي والحاضر او في المستقبل لن يكون إلا بشيء واحد لا غير وهو "الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى واتباع سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والعمل بها"، فهي سبيل النجاة في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
الشيخ "محمد علي الحوشبي"، كل ذرات كيان وجوده تبوح بعشقه لخالقه الله عز وجل، ولسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ولكتاب الله العزيز الذي لايأتيه الباطل، انه رجل يقل نظيره لما يتمتع به من زهد وورع وخوف واقبال نحو خالقه رب العالمين، يقضي أيامه بالعبادة، منقطعاً تماماً عن شهوات الدنيا وعوالمها الإكتراثيه، فلا يفكر سوى بواحد أحد ولا يكترث للنتائج، لذا صار قبلة للعشاق والشهداء والأحرار، تستلهم منه كل الموجودات فن الحب والفناء في ذات الله وعشق الفداء والتضحية لأجل الثوابت الدينية والإنسانية، انه واحد من قلائل الرجال في هذا الكون الفسيح الذين تحترق قلوبهم بحب الله تعالى والإنتصار لرسوله الكريم صلوات ربي وسلامه عليه، ذلك هو الإرتباط الأزلي الوثيق لقلباً صار جبلاً شامخاً للصبر ولم يندك حين تجلت له المنايا والمحن والرزايا والفتن، انه قلب "أبو الخطاب" يحفظه الله ويرعاه، الذي ينهل من موائد الحبيب المصطفى سيد هذه الأمة ومن فيوضاته العطرة كل ما يلقي بصبغته المتميزة بالخير والصلاح والهداية على سائر الملاء.
يحمل القائد محمد علي الحوشبي على عاتقه اليوم، مسؤولية الحفاظ على قيم الدين الإسلامي الحنيف، ويترجمها في جميع تعاملاته، ويتحرك في إطارها مستشعراً حجم هذه المسؤولية العظيمة، ناشراً قيم وثقافة العدل والصدق والمساواة، صانعاً قرار الحق ضد الباطل ومحققاً الصلاح، وهو ما يدل على سمو ثقافته وأصالة منبته وعراقة نسبه ونبل مقاصده وقداسة أهدافه.
لقد أعاد هذا القائد الفذ، رونق الوجود، وأزال عتمة الظلام، ونسف ثقافة الضلال، ورسخ قيم ومبادئ العدل والإعتدال في كل مسارات هذه الحياة، وصال وجال وقاد ثورة وعي شمولي تتجسد في أصدق وأنصع عباراتها ومعانيها، ممهداً لإنتصار الحق على الباطل، تلك الثقافة التي سمت وتعمقت وتراكمت ونمت وتكاملت لتشع بوميض أنوارها الزاهيه على كافة أرجاء المعمورة.
لقد هب على الأرض ربيعاً ثورياً بميلاد هذا الجهبذ العظيم، غير الكثير من المعطيات والمفاهيم، وأسس كثيراً من الثوابت والمرتكزات الإنسانية والأخلاقية في التاريخ القديم والحديث والمستقبل، فحرياً ان يشهد التاريخ بريادة معارك وبطولات "أبو الخطاب"، كيف لا وسيرته في النهضة والإصلاح والإيثار منهج يقتدى به، وأقواله وأفعاله ومواقفه تشكل معالم هداية لكل حر غيور على مصلحة وطنه وأمته ومجتمعه.