ما بين جريمة اغتيال الاغبري وتعاطي الحوثيون معها، وما بين جريمة اغتيال السنباني،وما ننتظره من الانتقالي، ثمة كلام لا بد ان يُـقال:

أن لم يلقَ قتَـلة الشاب عبدالملك السنباني في الجنوب نفس عقوبة قتلة الشاب عبدالله الاغبري في الشمال فسوف  يجد  الجنوبيون- والمجلس الانتقالي بالذات- انفسم قي موضع المقارنة امام الحوثيين مهزومون اخلاقيا فضلا عن قانونيا وامنيا.

.. فالجريمة الشنيعة التي طالت السنباني مُـدانة بكل قوانين الأرض وشرائع السماء، والأسلوب الوحشي الذي اتبعه القتلة مستهجن بكل لغات العالم، فهو اسلوب ثير الاشمئزاز حقا،هذا الأمر لا خلاف حوله أبدا، وليس ابغض منه سوى من يبرره.

  فالمجلس الانتقالي الجنوبي وكل حُر بالجنوب بل في العالم اجمع ينبغي ألا يدع هذه الجريمة وسواها تمر مرور الكرام، ليس فقط لأنها تضر  بسمعة المجلس سياسيا وتجعله في مرمى  الخصوم وتحشره في زاوية ضيقة امامهم، وهم الذين بالتاكيد سيوظفونها سياسيا،وقد بداوا، ولكن لأن المجلس وجميعا ايضا امام واقعة غاية بالتوحش والامتهان لآدمية الإنسان وجب معها موقف اخلاقي انساني وقانوني، ولا مجال معها هنا لاستذكار الجرائم المماثلة وعمليات التصفية التي طالت جنوبيين  سواء  الفردية او التي اقترفتها جهات رسمية خلال العقود الماضية،  او وضعها موضع المماثلة، فالقبح لا يمكن ان يجابه بقبح، والمجرمون ليسوا قدوة لنا حتى نتخذ من افعالهم أسوة  ومبرر لافعال وجرائم مماثلة نقترفها وتطال من ليس لهم ناقة ولا جمل. 
..   ما اكذبنا حين زعمنا اننا استثناء.. فالحقيقة التي يجب ان نقف امامها بكل صراحة ووضوح دون مواربة او تربيت على اكتاف الفوضويين-عسكريين ومدنيين- في صفوفنا هي اننا  في الجنوب افرادا وكيانات بل وحتى مجتمع ننحدر في قيمنا واخلاقنا نحو قرار هوة سحيقة من الضياع والتيه بشكل مريع ومتسارع وبالذات في صفوف الشباب بل وفي صفوف شباب وجنود يفترض انهم يمثلون شرف الجندية وقيمها الاخلاقية والوطنية. صحيح اننا حيال تركة ثقيلة من التجهيل والاقصاء افضت الى بروز جيل مفخخ ،إلا ان هذا القول على منطقيته لا يصلح ان يكون مبررا للتحلل الى ما لا نهاية من مسئوليتنا الانسانية والوطنية والاخلاقية، فلن يعالج هذه التركة سوانا.
.. وعطفا على هذا الحال القاتم لابد من وقفة جادة حياله ومراجعة شاملة لواقعنا المؤسف، وحيال التصرفات والسلوكيات الصادمة  التي ترطم وجوهنا ارضا بقسوة كل يوم بل كل ساعة،  ومنها هذه الجريمة التي نحن إزائها اليوم، والوقوف امامها دون تسويف او  مجرد اسقاط واجب والتملص من الحرج، او فقط للإفلات من قبضة الضغط الإعلامي، فالمهمة تقع بجزء كبير منها على الانتقالي الجنوبي، فقد فعلا  بات اليوم على المحك، ليس فقط بسبب هذه القضية بل بسبب تفاقم السلوك السيء المحسوب على  بعض افراد وحداته الامنية وبعض رموزه السياسيين باعتباره السلطة القائمة بهذه المناطق، وهو الملام على ذلك بحق او بباطل، وإلا فالفشل والذهاب الى خلف الشمس مهزوما منكسرا هو المصير العادل والمنطقي،وتغدو بالتالي القضية الجنوبية قد اضحت على شفا جُـرف هار من الضياع للمرة الالف. فالانتقالي ونحن معه معني بان يكون نصيرا لكل مظلوم، خصما لكل ظالم حتى وان كان في صميم صفوفه، كونه اي الانتقالي قد ذاق مرارة الظلم طويلا.
...  فجاجة مبرر الجناة في جريمة  السنباني بأنه حوثي، يؤكد ان ثمة شحن مريع ضد كلما هو شمالي واعتبار كل شمال حوثي- وهذا حصائد ألسنة إعلام منفلت، مع اننا لا نعرف اية تهمة سمجة هذه المسماة بالحوثية- والتي للاسف لا يغذيها فقط جنوبيون بل قوى وشخصيات واحزاب ووسائل إعلام شمالية ظنا منها انها تنال من الحوثيين ما عجزت ان تناله منهم بالبندقية.( ثم اليس هؤلاء الحوثيون هم الذين اقتصوا من قتلة  المقتول عبدالله الاغبري، واجبروا حتى خصوهم على الاعتراف بأنهم يتصرفون بكثير من المواقف بمسئيولية دولة وصرامة قانون،فيما خصوهم عجزوا ان يضبطوا حارة احدة في مدينة مأرب او عدن وصولا الى تعز ؟). نقول ان مثل هذا الشحن لا يضر الحوثيين ولا الأحزاب الشمالية بشيء، بل على العكس فهؤلاء  يجدون في هذا السلوك ضالتهم السياسية والحزبية للنيل من خصومهم بالجنوب، فمثل هكذ ثقافة مفعمة بالضغائن والكراهية لكل ما هو شمالي وبالذات البسطاء من الناس ستتراكم في نفوس الجنوبيين  وسترتد بوجوهم ذات يوم بشكل او بآخر، وقد شاهدنا ونشاهد نماذج كثيرة لمثل هكذا جنون، منه على سبيل المثال لا للحصر ثقافة التطرق الديني  والجهوي وكيف نعاني من لظى نيرانها التي اتت وتاتي على كل شيء. ثم الم نكن نحن بالجنوب وما زلنا نمقت كل اساليب التمييز والعنصرية والقتل التي طالتنا منذ عام 1994م فكيف سنقبل ان تكون وسيلة نضالنا واسلوب حياتنا؟. 
* صلاح السقلدي

مقالات الكاتب

عدن ..مَن أطفأ الشُعلة؟

اليوم مرة أخرى يكرر المجلس الانتقالي الجنوبي مطالبته باعادة تشغيل مصفاة عدن ،ولا جديد في الأمر، حتى...