كيف استفاد هادي من غباء خصومه؟

نجح التحالف في إشغال الجنوبيين بصراعات، وحروب هامشية طوال الفترة الماضية، حتى لايسأل الجنوبيون الذين تصدروا قيادة المشهد عن ثمن التضحيات التي قدموها،من خلال تسويقه لطبقة سياسية تم اختيار أفرادها- بعناية- من الجياع الذين ليس لهم أي تجربة سياسية،أو علاقة بالوظيفة العامة،وإدارة الدولة،فدفع بها لصدارة المشهد السياسي،وأضفى على قادتها الألقاب،ومنحهم أعلى الرتب،وأغدق عليهم بالأموال الطائلة التي لم تكن تراودهم حتى في أحلامهم،عملًا بقاعدة السلطة،والمال يجعلان من الديك الأجرب أسدًا يملأ زائيرة الغابة،فصدَّقت الديوك الجرباء نفسها،فبالغت في الحديث عن مشاريع غير موجودة في الواقع،ولا مطروحة ضمن حسابات الكبار، كاستعادة الدولة الجنوبية،وبناء الجيش الجنوبي،بينما يؤكد الجميع على استعادة الدولة اليمنية،وبناء جيشها،واستعادة مؤسساتها.
كان غرض التحالف من الدفع بهذه القوى أن يجعل منها حائطًا لتلقي الضربة الأولى فقط،والدليل أنها كلما لاحت فرصة للحل؛ وجد هؤلاء أنفسهم تحت أقدام هادي،يظلهم علم بثلاثة ألوان، خاليًا من المثلث الأزرق، والنجمة الحمراء .
لقد أثبتت الأحداث أن هاديًا هو الوحيد في هذه المعمعة الطويلة الذي يعلم منتهى خيط اللعبة،لذا واجه كل فصل،من فصول هذه المسرحية الهزلية ببرود، واللامبالاة،فتماهى مع أوهام سرابها،بصمت ماكر،ظاهرة الرحمة، وباطنة العذاب،فتنازلاته لخصومه لم تكن سوى نفثات لسم بطئ،يستغرق مفعوله فترة طويلة،تمده بالبقاء في السلطة،وهو هدف أي حاكم عربي،فلو عدنا إلى كل خطوة من الخطوات التي أقدم عليها خصومه ؛ستجد أنها كانت تصب لصالحه،وهم لايشعرون، ابتداءً بالنفير الأول، وما رافقه تنازلات،ثم النفير الثاني بقرابينه السمينة التي قدمها هادي لخصومه،وماتلاه من حروب بين الانتقالي والشرعية؛ انتهت باتفاق الرياض الذي اعتبره الانتقالي اعترافًا به كطرف سياسي،والحقيقة أنه لم يكن سوى جرعة لإنعاش شرعية هادي؛ ليبقى أطول فترة ممكنة في السلطة،وانتهاءً بمشاورات الرياض التي تكللت بمأدبة إفطار؛ جمعت 
الخصم المعترف بشرعية هادي،بالخصم الآخر الذي لايزال يقايض باعترافه ،ليتفقا في الأخير على ترشيح  نائبين منهما لهادي،سيقابله هادي بسكوت خبيث،سيستغرق رده عليه وقتًا طويلًا،وستضاف المدة التي سيشغلها المرشحان نوابًا لهادي،للوقت الأصلي لبقائه في الحكم،فليس من المعقول أن تكون فترة النائبين محددة بالأيام،أو الأسابيع، بل بالأشهر والسنوات،وفي كلاهما خير لهادي،تقول كثير من الروايات الشعبية أن جد هادي السابع كان وليًا من أولياء الله الصالحين يدعى لعجم،وأظن أن ولاية الجد السابع انتقلت لحفيده! بعد أن استنفذ المحللون،الأسباب،والمعطيات،التي أبقت هاديًا في الحكم،وجعلوا منها  أسبابًا لملاحقة كرسي الحكم له حتى بعد خروجه من اليمن،بلا حول منه،ولا قوة، إلا أن ولاية جده السابع انتقلت إليه،فهادي إذن ولي على هيئة سياسي خبيث، ماكر .
               سعيد النخعي 
          7/إبريل/2022م

مقالات الكاتب

الطبيب الإنسان

كنت طفلًا صغيرًا حين كانت أمي تحملني على ظهرها في فوج من النسوة؛ فيهن الراجلة على قدميها، والراكبة ع...